نظرة موضوعية للعولمة

  • 12/18/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نظرة موضوعية للعولمة   حسين عبد القادر المؤيد   إن العولمة ، هي السمة البارزة و المؤثرة التي تطبع الحياة العامة في عصرنا على مستوى المجتمع البشري . لم تكن العولمة اختراعا من تيارات فكرية أو قوى دولية ، و إنما هي واقع أفرزته سلسلة من التطورات الاقتصادية و العلمية و التكنولوجية و الثقافية و السياسية ، ولا يصح النظر الى العولمة – على الرغم من بعض الانعكاسات السلبية التي لا تخلو منها بطبيعة الأحوال أية نقلة  نوعية – إلا بوصفها واقعا متقدما . ليس جوهر العولمة عبارة عن السوق الاقتصادي العالمي بما ينطوي عليه من تبادل تجاري و اعتماد اقتصادي متبادل ، و إنما هي في الواقع تلاشي حدود الزمان و المكان في حياة البشر ، و ما يترتب على ذلك من أنماط و قيم و تأثير عابر للأطر المحيطية المحدودة بأجمعها . إن هذه العولمة التي أوجدتها حقائق موضوعية ، تتطلب نهجا عالميا مختلفا عن المناهج التي سادت قبل ظهور العولمة و المستمرة الى حد بعيد الى الآن . فلا بد من الانتقال من المجتمع المدني الصغير ، الى المجتمع المدني العالمي ليتناسب مع واقع القرية الكونية الذي يتصف به وضع المجتمع البشري الآن ، ولا بد أن نتجاوز حدود المواطنة القومية الى المواطنة الكونية التي تتقوم بقيم مشتركة و شراكة اقتصادية و هيكل سياسي يستوعب الأمم على اختلافها ، و نبذ التقوقع في الهويات الفرعية ، لتكوين هوية إنسانية لا تلغي الهويات الفرعية ذات البعد الإيجابي و إنما تحفزها على أن تكون حلقات متكاملة . إن بلورة مجتمع مدني عالمي ، أهم عامل مؤثر في ضمور التطرف و القضاء على الإرهاب و حل الصراعات و الوقوف بوجه نشوب الحروب . علاوة على ذلك ، فإن التعددية الثقافية ستجد وضعها الطبيعي في إطار المجتمع المدني العالمي . وكذلك تتحول العدالة الاجتماعية و الرفاهية من هدف محلي أو إقليمي الى هدف عالمي يفرض نفسه .إن التطور العلمي و التقني الهائل الذي حوّل الكرة الأرضية الى قرية عالمية ، يستدعي تطور المسيرة البشرية في حركتها المتتابعة ، لتنزع الى التوحد و التكامل ، لتكون تجمعا بشريا متآلفا ، يقوم على المشتركات الإنسانية ، و يترك وراءه الانكماش و التقوقع في الهويات الفرعية ، و ما يســـــتتبعه من تعصب و كراهية وصراع .

مشاركة :