ودعا زعيم ائتلاف المعارضة الرئيسي أحمد نجيب الشابي الرئيس إلى "الرحيل فورا" بعيد الإعلان عن نسبة مشاركة بلغت 8,8 بالمئة فقط في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب الجديد. وهذه أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات في تونس منذ ثورة 2011 التي أطاحت الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وأسست لنظام ديموقراطي. وأضاف الشابي الذي يتزعم جبهة الخلاص الوطني أن "هذا تخل شعبي كبير عن العملية" التي بدأت بتعليق اعمال مجلس النواب وإقالة رئيس الحكومة في 25 تموز/يوليو 2021 وتولي جميع السلطات والحكم بمراسيم. وتابع أن "92 بالمئة أداروا ظهورهم للعملية غير القانونية التي تنتهك الدستور". وتجمع جبهة الخلاص الوطني عددا من الشخصيات المخضرمة والأحزاب أبرزها حزب النهضة الإسلامي الذي كان أكبر الأحزاب في البرلمان مدى عشر سنوات. ودعا الشابي الأحزاب السياسية الأخرى إلى "الاتفاق على تعيين قاضٍ كبير" قادر على "الإشراف على انتخابات رئاسية جديدة". بعد قراراته التي شجبتها المعارضة لأشهر باعتبارها "انقلابًا"، اقترح سعيّد دستورًا جديدا أقرّ اثر استفتاء في 25 تموز/يوليو 2022 وحد بشكل كبير من صلاحيات البرلمان. كما غيّر نظام الاقتراع للانتخابات التشريعية، فجعل الترشح على أساس فردي عوض قوائم حزبية، ما أدى إلى تقدم 1055 مرشحا أغلبهم غير معروفين للرأي العام، الأمر الذي ساهم وفق خبراء في تقليل نسبة المشاركة. كما قاطعت انتخابات السبت معظم الأحزاب التونسية، ومن بينها الحزب الدستوري الحر بزعامة عبير موسي المناهضة للإسلاميين. "هزيمة شخصيّة" يعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة التونسية حمادي الرديسي أن نسبة المشاركة المتدنية للغاية في الانتخابات التشريعية "غير متوقعة لأن حتى أكثر التوقعات تشاؤما كانت تنتظر مشاركة 30 بالمئة" من الناخبين كما في الاستفتاء على الدستور. ويضيف الرديسي في تصريح لوكالة فرانس برس "إنها هزيمة شخصيّة لسعيّد الذي قرر كل شيء بمفرده"، معتبرا أن "شرعيته صارت محل شكّ". لكن الخبير يرى أيضا أن "الطريق مسدود" أمام إطاحة سعيّد لأنه "لا توجد آلية قانونية لعزل الرئيس" في دستور 2022 الجديد. والبرلمان الجديد الذي سينشأ اثر جولة ثانية ستجري بحلول آذار/مارس لحسم مصير عدد من المقاعد، لا سلطة له على الرئيس ويمكنه فقط في أحسن الأحوال أن يوجه لائحة لوم إلى الحكومة ولكن بعد اجراءات طويلة ومعقدة. من جهته، يعتبر المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أنه بعد الفشل الذريع في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، فإن الرئيس قيس سعيّد "يسير نحو مزيد من العزلة، تجاوزت العزلة عن النخب وأصبحت عزلة على المستوى الشعبي". ويتابع الجورشي "هذه النسبة غير المسبوقة تعكس عدم ثقة المواطنين"، معتبرا أن سعيّد "في موقع ضعف وهذه النسبة ستشكل صدمة كبيرة ورجة قوية للرئيس يمكن أن تفقده توازنه". معارضة "ضعيفة ومنقسمة" ودعت جبهة الخلاص الوطني إلى تعبئة مختلف قوى المعارضة، بما في ذلك عبر التظاهرات. لكن حمادي الرديسي يرى أن المعارضة "ضعيفة ومنقسمة" بين المعسكر العلماني والتقدمي من جهة وجبهة الخلاص الوطني وعمودها الفقري حزب النهضة من جهة أخرى. ويردف أستاذ العلوم السياسية أن "هناك فرصة ضئيلة في أن تتوحد المعارضة حتى يتم حل مسألة حزب النهضة" الذي عزا إليه جزء كبير من التونسيين الذين دعموا في البداية اجراءات سعيّد، الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية خلال العقد الماضي. والشغل الشاغل للتونسين هو التدهور المستمر لأوضاعهم الاقتصادية في ظل التضخم المتسارع والبطالة المرتفعة للغاية والفقر الذي يؤثر على 4 من أصل 12 مليون مواطن. رغم ذلك، يبدو أن زعيم جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي لم يخطئ عندما تحدث الأحد عن "تخل دولي كبير" ظهر خلال زيارة سعيّد الأخيرة للولايات المتحدة حيث واجه "رفضا" لعمليته السياسية. فقد أرجأ صندوق النقد الدولي الذي كان من المقرر أن يعطي الضوء الأخضر الإثنين لمنح تونس قرضا رابعا على عشر سنوات بنحو ملياري دولار، قراره إلى مطلع كانون الثاني/يناير.
مشاركة :