طموح تركي لإغراق الأسواق الخارجية بالملابس الجاهزة

  • 12/19/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتطلع أوساط صناعة الملابس في تركيا إلى جعل معضلة ارتفاع تكاليف الشحن العالمية فرصةً لتسويق المنتجات المحلية خارجيا لدعم النشاط، وفي الوقت نفسه تحصيل إيرادات يمكن أن تحمي هذه الأوساط من المطبات الكثيرة من خلال خوض منافسة مع عمالقة القطاع. إسطنبول – تأمل تركيا في تنمية صادراتها وخاصة من بوابة الملابس الجاهزة، والتي لطالما كانت أحد محاور خطابات وتصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان مؤخرا من أجل تجاوز التحديات التي تواجه الاقتصاد. وفي أرقام تبدو متفائلة حقق قطاع الملابس الجاهزة وملحقاتها بالبلاد أعلى قيمة صادرات على الإطلاق خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من 2022، لكنها لا تزال بعيدة عن الأهداف التي كان يطمح إليها الصناعيون. وأظهرت بيانات حديثة نشرها مجلس المصدرين الأتراك أن عائدات القطاع خلال الفترة الفاصلة بين يناير ونوفمبر من هذا العام نمت بواقع 5.8 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 19.5 مليار دولار. ولكن من غير المتوقع أن تصل صادرات القطاع إلى المستوى الذي رسمه مصطفى غولتيبي رئيس اتحاد مصدري الملابس بإسطنبول الذي اعتبر أنها ستزيد بواقع 15 في المئة عن العام الماضي لتبلغ نحو 23 مليار دولار. مصطفى غولتيبي: ثمة فرصة كبيرة أمام نمو قطاع الملابس الجاهزة مصطفى غولتيبي: ثمة فرصة كبيرة أمام نمو قطاع الملابس الجاهزة وبحسب الأرقام صدر القطاع منتجاته إلى 214 دولة في 11 شهرا من العام الجاري، وبذلك استحوذ على نسبة 8.4 في المئة من إجمالي صادرات البلاد. وتصدرت ألمانيا قائمة الدول المستوردة بنحو 3.3 مليار دولار، تلتها إسبانيا بواقع 2.5 مليار دولار ثم المملكة المتحدة بحوالي 1.9 مليار دولار. ولا تزال تركيا تحتل المرتبة السابعة في صناعة الألبسة الجاهزة بمعدل 3.3 في المئة والمركز الثامن عالميا في تصدير المنسوجات وخاصة إلى أوروبا بعد كل من الصين وبنغلاديش. ويقول المسؤولون الأتراك والصناعيون إن الملابس والمنسوجات تحتل المركز الثاني بعد تصنيع السيارات ومكوناتها في المساهمة في صادرات البلاد سنويا. ومنذ بداية هذا العام، وباستثناء شهر ديسمبر، بلغت قيمة إجمالي الصادرات التركية نحو 231.2 مليار دولار، محققة نموا بنسبة 13.9 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتدفع تداعيات أزمة الليرة أنقرة إلى البحث عن حلول لإنعاش الاقتصاد من بوابة تعزيز الآفاق التجارية مع الأسواق الرئيسية وخاصة مع أوروبا، وذلك باستغلال مسألة أجور الشحن العالمية الباهظة التي يتوقع أن تستمر بعض الوقت لدعم زيادة تصدير المنتجات المحلية. وسجلت تركيا صادرات قياسية العام الماضي عندما ارتفعت بواقع 32.9 في المئة بمقارنة سنوية، وهي تطمح لأن تكون “مصنع العالم” على أبواب أوروبا، مستغلة رغبة الشركات متعددة الجنسيات في تقريب إنتاجها من أسواقها الرئيسية. ووصلت قيمة صادرات البلاد العام الماضي إلى حوالي 225.4 مليار دولار، وهي تسعى لزيادة هذا الرقم إلى نحو 300 مليار دولار بنهاية العام المقبل. وهذا الرقم يبدو قليلا قياسا بالأسواق الناشئة الأخرى، فمثلا الصين صدرت العام الماضي ما قيمته ثلاثة تريليونات دولار وحققت فائضا تجاريا مع الولايات المتحدة فقط بأكثر من 300 مليار دولار. ومع ذلك يرى المسؤولون الأتراك أن الموقع الجغرافي لبلدهم قرب أوروبا يعد ميزة نظرا إلى الارتفاع الحاد في كلفة الشحن البحري. وعلاوة على ذلك يدفع اضطراب سلاسل التوريد المرتبط بالجائحة شركات أوروبية إلى تقليل اعتمادها على الأسواق الآسيوية في استيراد المواد الخام التي تدخل في أعمالها. ودفعت الارتباكات، التي أحدثها الوباء في الاقتصاد العالمي بما في ذلك سلاسل التوريد عبر القارات، العديد من تجار الملابس العالميين إلى التفكير في الابتعاد عن مراكز التصنيع منخفضة الكلفة في آسيا. وأعلن البعض من هؤلاء أنهم سيحولون إنتاجهم إلى السوق التركية. تركيا الثالثة بين الدول التي لديها أفضل إمكانات بحلول العام 2025 بعد بنغلاديش وفيتنام تركيا الثالثة بين الدول التي لديها أفضل إمكانات بحلول العام 2025 بعد بنغلاديش وفيتنام وتؤكد تركيا، الواقعة على امتداد أوروبا والشرق الأوسط، أنها في وضع موات للاستفادة من التغييرات في سلاسل التوريد العالمية، وتنظر إلى موقعها الإستراتيجي وقاعدتها التصنيعية القوية على أنهما ميزة إضافية. وبحسب مؤشر فريتوز بالتيك أصبح استيراد البضائع من آسيا مكلفا جدا؛ فنتيجةً لنقص الحاويات ازدادت كلفة الشحن بأكثر من تسع مرات منذ فبراير 2020 بين الصين وشمال أوروبا، بينما تبتعد تركيا ثلاثة أيام فقط في الشاحنة عن أوروبا الغربية. وصنّفت دراسة أجرتها مجموعة ماكنزي للاستشارات، ونشرت في نوفمبر الماضي، تركيا ثالثة بين الدول التي لديها أفضل إمكانات لتوريد المنسوجات بحلول العام 2025، بعد بنغلاديش وفيتنام، لكنها متقدمة على إندونيسيا والصين. وقال معدو الدراسة إن “الشركات في قطاع الملابس تسعى إلى تغيير مجموعة البلدان الموردة التي تتعامل معها، والاقتراب أكثر من أسواقها”. وأشاروا إلى أن تركيا تقدم “تكاليف إنتاج أقل بسبب تراجع قيمة الليرة”. ونتيجة لانهيار قيمة العملة المحلية مقابل الدولار بواقع 44 في المئة في العام الماضي، فإن صافي الحد الأدنى للأجور التركي يعادل حاليا 315 دولارا، وهو يبدو معقولا في خضم التكاليف المرتفعة. وقبل أشهر نقلت وكالة رويترز عن غولتيبي قوله “ثمة فرصة كبيرة أمام تركيا وقطاع الملابس الجاهزة لدينا، نظرا للاضطرابات في سلاسل التوريد وحقيقة أن العلامات التجارية العالمية تفضل الشراء من المناطق المجاورة”. وأكد أنه بفضل الاهتمام الكبير من قبل المستثمرين حققت هذه الصناعة قفزة كبيرة في الصادرات خلال العام الماضي للمرة الأولى منذ سبع سنوات. وبحسب بيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي، فإن معظم الشركات العاملة في القطاع هي مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وقد ازداد عددها بشكل ملحوظ منذ 2019 بعد حرص الحكومة على الاهتمام بتحسين الإنتاج الصناعي. وتشير التقديرات إلى أن عدد الشركات التي تعمل في تصنيع الملابس والمنسوجات يتجاوز 58 ألف شركة، وهي تشغل أكثر من 1.1 مليون شخص بشكل مباشر، وتشكل مدينة إسطنبول محور إنتاجية هذه الصناعة. وتحوز إسطنبول على النصيب الأكبر من صادرات القطاع مقارنة بباقي المحافظات، إذ تناهز شهريا في المتوسط 1.2 مليار دولار، بينما تأتي إزمير في المرتبة الثانية بأكثر من 170 مليون دولار، ثم مدينة بورصة بما يتجاوز نحو 141 مليون دولار.

مشاركة :