حان وقت إطلاق العنان لسلاح الجو الأميركي في أفغانستان

  • 1/20/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رغبة الرئيس أوباما في تجنب إرسال قوات برية الى الشرق الاوسط مفهومة ومسوغة حين احتساب تجارب خمسة عشر عاماً من الحرب. ولكن القوات الاميركية وحلفاءها في أفغانستان - وحجمها متواضع - تحارب (هذه القوات) ويدها مربوطة خلف ظهرها، في وقت تقاتل القوات الأفغانية الحكومية بشراسة وتكافح. ويجب ألا يبقى الوضع على هذه الحال، وتمس الحاجة الى اطلاق العنان للقوات الجوية لمساندة القوات الأفغانية، على نحو ما تدعم اميركا القوات العراقية والسورية ضد المتطرفين. ولا يلجأ اليوم الى القوات الجوية الاميركية و«الاطلسية» في أفغانستان إلا في قصف أهداف واضحة «للقاعدة»، أو لاستهداف أشخاص أو مجموعات من الذين هاجموا قوات التحالف الدولي سابقاً والرد على هجمات على قوات التحالف. ويقول القادة الميدانيون إن القوات الاميركية وقوات الناتو لا يسمح لها بمهاجمة مواقع طالبان. وهذه كانت، الى وقت قريب، حال توجيه ضربات الى مقاتلي تنظيم «داعش». ولم يكن في الامكان ضربهم إلا في ظروف معينة. وحين كان حامد كارزاي رئيس افغانستان، درج على الاعتراض على استخدام قوات الناتو للقوة الجوية، وحين وقوع حوادث مأساوية تودي بحياة المدنيين من الأفغان على وجه التحديد. وعلى رغم ان هذه القوة الجوية قيدت بقيود غير مسبوقة في تاريخ الحروب، ووجب على قوات «الاطلسي» التزام اجراءات كبيرة لحماية الأبرياء، لا مناص من وقوع أخطاء. وإثر هذه المآسي، حمل الإحباط كارزاي إلى توجيه سهام النقد الى الضربات الجوية الدولية، وراء الكواليس وأمامها. وفي بعض الأحيان كان مصير البعثة العسكرية على المحك. ولتفادي هذا الخلاف وإقناع الأفغان بأن الحرب على طالبان تخصهم أكثر مما تخصنا، قرر الرئيس أوباما وقف مطاردة قوات الناتو طالبان في أغلب الاحوال. ويرى بعض محامي الإدارة الاميركية أن التفويض الممنوح لقواتنا باستخدام القوة العسكرية التي أقرت مباشرة بعد أحداث الحادي عشر من (سبتمبر) أيلول، لم يعد يسوغ استخدام القوة ضد طالبان. ومنطق الاعتراض هذا لا صلة له بالواقع. فحركة طالبان وفرت الملاذ الآمن في أفغانستان لأسامة بن لادن، فوسعه التخطيط للضربات القاتلة قبل خمسة عشر عاماً. واليوم، تسعى طالبان بالتعاون مع شبكة حقاني الى اطاحة الحكومة الأفغانية التي ترمي الى حصار «القاعدة» و»داعش». وفي جعبتنا قدرات ووسائل دعم خططنا وزيادة فعاليتها بقوة. وحين جمع القوة الجوية الى قوة برية قوية، في وسع سلاح الجو أداء دور حاسم وفعال، على نحو ما حصل في 2001، حين بدء الحملة الجوية لإطاحة طالبان من الحكم. وكان دور هذا السلاح كبيراً في دعم قوات التحالف الدولي في العراق وأفغانستان، وكان دورها متعاظماً وفعالاً، شأن دور الطائرات من دون طيار. وظهر دور هذه القوات جلياً في وقت لاحق في العراق وسورية، حين أوقفت القوات الجوية الاميركية بالتعاون مع المقاتلين الأكراد وحلفاء آخرين تقدم «داعش» في 2014، ثم تحرير عدد من المواقع مثل سنجار والرمادي في العراق وعدد من القرى في سورية مثل كوباني العام الماضي. في سورية والعراق، استخدمت القوة الجوية للولايات المتحدة ودول التحالف في شكل واسع وفعال. وفي 2014، قامت القوات الجوية للتحالف بإنزال معدات عسكرية وذخيرة في أكثر من ألفي طلعة جوية وقصفت أهدافاً، وارتفع عدد الأهداف إلى تسعة آلاف هدف العام الماضي. ولكننا سرنا على خلاف النهج هذا في أفغانستان. وعلى رغم أن قواتنا احرزت نجاحات في أفغانستان، وعلى رغم مرابطة حوالى عشرة آلاف جندي أميركي و6 آلاف جندي أجنبي، وعدد من القواعد الجوية المشرعة امام قوات الناتو في أفغانستان، لم تزود القوات الجوية بالسلاح والذخائر إلا في 400 طلعة جوية خلال عام، في وقت بلغ عدد طلعات الإمداد بالذخيرة في 2014، 1100 طلعة، فيما كانت في 2010 حوالى 2500 مرة. لا تكسب طالبان الحرب في أفغانستان، لكن الحركة ترى ان في وسعها مهاجمة مواقع كثيرة من دون ان تحظى القوات الحكومية الافغانية بدعم جوي «أطلسي». وعليه، سيطرت طالبان موقتـــاً على مركز ولاية قندوز، وتمكنت أخيراً من السيطرة على مساحات واسعة في ولاية هلمند وعدد من المناطق الجبلية في شرق أفغانستان. لا ندعو إلى مرابطة عسكرية أميركية ضخمة في أفغانستان، لكن علينا نزع القيود عن القوات المرابطة هناك والحؤول دون انتصار طالبان في الحرب وعدم بروز ملاذات آمنة للـ «قاعدة» و»داعش» في المناطق الشرقية قرب الحدود. وتقوم القوات الأفغانية بنحو 99 في المئة من العمليات القتالية البرية.     * جنرال متقاعد، مدير «سي آي إي» سابق، وباحث في الشؤون الدفاعية، عن «واشنطن بوست» الأميركية، 14/1/2016، إعداد جمال اسماعيل

مشاركة :