أيام جميلة وليتها لم تنته.. ولكن هذا هو الحال.. لكل بداية نهاية، عاش العالم أجمع مع حدث تاريخي استثنائي، شهد له الجميع بأنه الأروع وتوج بكل المواصفات والمقاييس بأن مونديال قطر من أنجح تنظيم أقيم لبطولة مستدامة تقام كل أربعة أعوام. ..لربما كان الأكثر احتفاء بها العرب ومواطني مجلس تعاون الدول الخليجية خصوصاً، وقد جاءت بالنسبة لهم إبراز للغتهم العربية لغة القرآن.. والتي اشهرت بالافتتاح ذكرا وآيات، ولعل من المصادفات الجميلة أيضاً أن شهد ختامها (اليوم العالمي للغة العربية) وما بين أحداثها كبطولة تم اشهار وتنوع الثقافة التي أسهمت بتقارب الشعوب وهو الهدف الاسمى، الذي عاشه العالم في دوحة قطر. سيناريو خيالي.. بين فرنسي وأرجنتيني نهائي مثير، صنف من قبل العالم بأنه أجمل نهائي مونديالي عبر تاريخ كأس العالم، بيد أن مكمن إثارته هو ما حدث في المباراة، فبعد أن تقدم الأرجنتين بهدفين ظن الجميع بأن المباراة انتهت وتحديداً مع انطلاقة صافرة الحكم معلنة نهاية الشوط الأول، بل أزعم أن الغالبية العظمى وقتها توقعت بأن وسائل الإعلام هي الأخرى بدأت في صياغة العناوين وأفراد (مانشتات) التي تتغنى وتحتفي بالبطل باأحلى الألحان، ولكن سرعان ما عاد إمبابي ورفاقه بتلقيص الفارق نتيجة و(بهاتريك) أعادت كل العناوين اللي سطرت إلى محابرها سالمة ومندهشة، ولربما تتعنون عن إعادة تاريخ الديوك مجدداً، لحد ما تم حسمها من الأرجنتين بركلات ترجيح، وتبدأ جماهير التانجو التي لا تتنفس إلا بكرة القدم بنشوة اعتلتها أهازيج واحتفالات وكأنها تردد أنشودة شيقة فحواها: 36 عاماً ضاعت وسط الزحام، واليوم يمكن تقولي يا نفس أنك سعيدة بعودة الأرجنتين لزعامة جديدة. أقول.. سيظل هذا النهائي تحديداً عالقاً في أذهان الجميع وسيخلده التاريخ من حيث الإثارة والنتيجة والأهداف، ومن الصعب نسيانه خصوصاً وأبطال كرنفاله ميسي وإمبابي. وماذا بعد.. يا ميسي؟ يبدو أن الإنجازات والبطولات التي ساهم في تحقيقها، أو تلك الألقاب الشرفية التي نالها على صعيده الشخصي، سواء مع برشلونة من محلية وقارية، أو مع الأرجنتين بطولتي كوبا وكأس العالم، كأول لاعب أرجنتيني يرفع كأسيها في عام واحد، ستضعه بلا شك من الأساطير الذين لا يتكرروا إلا بعد كل 50 عاماً، كبيليه وكرويف ومارادونا ليقتحم قائمتهم ويكون رابعهم بكل جدارة واستحقاق. .... حقيقةً وبمثل هؤلاء النجوم الرائعة والاستثنائية صالوا وجالوا في جل الملاعب العالمية، هم من انتزعوا الآهات من قلوب الجماهير عندما يهزوا الشباك، وبالتالي تتراقص أجسامهم فرحاً وسعادةً مع كل عذوبة تمريرة هدف أو تسجيلها في المرمى. .. بالمختصر حفر ميسي اليوم اسمه وبحروف من ذهب في صفحة التاريخ كنجم خارق للعادة، قبل أن يلوح بيده للملاعب معتزلاً معشوقته ساحرة الملايين تلك المستديرة، ولا أزيد. آخر المطاف الإنجاز أنشودة العظمى.. لحنا وفرحا وجمالا بعد التعب، تأسرهم لحظات السعادة حينما يقلدوا ويتوجوا بالذهب..
مشاركة :