بدأت في منطقة البحر الميت 55 كلم غرب العاصمة الأردنية عمان اليوم (الثلاثاء) أعمال مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية، الذي تستضيفه المملكة الأردنية بحضور عدد من قادة وممثلي الدول والمنظمات العربية والإقليمية والدولية. وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في كلمة بالمؤتمر دور العراق المحوري والرئيسي في المنطقة وفي تقريب وجهات النظر لتعزيز التعاون الإقليمي. وقال إن انعقاد المؤتمر يؤكد تصميم الجميع على العمل مع العراق حكومة وشعبا من أجل مزيد من الازدهار والتكامل. واعتبر الملك أن المؤتمر يمثل فرصة للبناء على مخرجات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، الذي انعقد العام الماضي، ويعيد التأكيد على دعم المشاركين لجهود العراق في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار وتعزيز أمنه واستقراره واحترام سيادته. وأشار إلى أن المؤتمر ينعقد في وقت تواجه فيه المنطقة الأزمات الأمنية والسياسية، وتحديات الأمن الغذائي والمائي والصحي، بالإضافة إلى الحاجة لتأمين إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتعامل مع تداعيات التغير المناخي. وشدد على إيمان الأردن بحاجة المنطقة للاستقرار والسلام العادل والشامل والتعاون الإقليمي، خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، مبينا أن مواجهة التحديات المشتركة تستدعي عملا جماعيا تلمس شعوبنا آثاره الإيجابية. وأشار إلى مشاريع التعاون بين الأردن والعراق بالإضافة إلى الأشقاء العرب سواء في قطاعات الطاقة أو الصناعة أو النقل، والتي تعززت من خلال آلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق. وختم الملك كلمته بالقول "إن التحديات التي تواجهنا كثيرة وتزداد تعقيدا، لكننا نؤمن أيضا أن هذا المؤتمر ينعقد من أجل خدمة مصالحنا المشتركة، لضمان أمن العراق وازدهاره واستقراره ركنا أساسيا في منطقتنا، ونتطلع لمواصلة العمل معكم لتعميق شراكاتنا خدمة لشعوبنا". وبدوره قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في كلمة ألقاها بالمؤتمر إن فكرةَ تأسيسِ مؤتمر بغداد تنطلق من رغبة العراق في إرساء وتعزيز قواعد التعاون والشراكة بينه وبين دول الجوار الجغرافي والإقليمي، إضافة إلى الدولِ الصديقة، لافتا إلى أن حكومته "تتبنى نهجا منفتحا يهدف لبناء شراكات إقليمية ودولية مبنية على المصالح المشتركة، بما في ذلك إنشاء المشاريع الاستراتيجية التكاملية لربط العراق مع محيطه الإقليمي". واضاف "أننا نرى أن الأولوية الآن تكمن في تعزيز أواصر التعاون والشراكة بين دولنا من خلال الترابط في البنى التحتية والتكامل الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة التي تعزز روابط الأخوة والصداقة بين دولنا وشعوبنا". وبين أن "من الضروري التركيز على قطاع الخدمات وتطويره واعتباره أحد أهم محركات الاقتصاد في دولنا ومنطقتنا، بالإضافة إلى معالجة مشكلة البطالة من خلال تنمية القطاع الخاص". من جانبه قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمة ألقاها بالمؤتمر، إن الأردن يلعب دورا محوريا في دعم الحوار وتعزيز الدبلوماسية في المنطقة. وأضاف أن "المنطقة تتحول إلى مركز ثقل دبلوماسي وتعزز دورها في الاستقرار العالمي"، مشيرا إلى أن "الدول المشاركة في المؤتمر تسعى جميعها إلى إرساء الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة"، مؤكدا "التزام الجميع بعلاقات متوازنة مع العراق". وقال "إذا أردنا ضمان استقرار العراق فعلينا حل المشكلات مع جيرانه"، مبينا أن "هذه المنطقة تمتلك كل ما يجعلها تمتلك أجندة يجعلها تشترك في القرارات الدولية". وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "يلتئم هذا الجمع الكريم للمرة الثانية بعد قمتنا الأولى التي احتضنتها بغداد في آغسطس عام 2021، حين تعهدنا معا على دعم الجهود الوطنية لأشقائنا في العراق حكومة وشعبا في سبيل تحقيق أمن واستقرار بلادهم وحفاظ سيادتها واستعادة مكانتها التاريخية، ودورها العربي والإقليمي الفاعل". وأضاف "يأتي اجتماعنا اليوم، ونحن نشهد تحسنا ملحوظا في الأوضاع بالعراق، وثمن الرئيس السيسي، الجهود والتضحيات الباسلة التي تكبدها الشعب العراقى في مواجهة القضاء على مشروع الإرهاب، مؤكدا رفض مصر الكامل لأي تدخل في شؤون العراق. وجدد الرئيس المصري دعم مصر الكامل للجهود الدؤوبة التي تسهم بشكل ملموس في ترسيخ ومفهوم الوطن الآمن. وأكد رئيس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، أن المجتمع الدولي مهتم باستقرار العراق. وقال الصباح في كلمته إن "الدول العربية تدرك مكانة العراق وأهميته"، مشيرا إلى أن "الدول العربية تسعى لاستعادة دور العراق الفاعل بالمنطقة". ولفت إلى أن "اتفاقية الربط الكهربائي مع العراق يعد مثالا للسعي في استعادة دوره وأهميته"، مشيرا إلى "السعي لدعم العراق في جميع المجالات، وأن أمن البلدين لا يتجزأ". وتابع أن "زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الكويت لها دلالات واضحة في الحرص على تطوير العلاقات بين البلدين". وأكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أن السعودية تدعم جهود رئيس الوزراء العراقي في مواجهة التحديات. وقال بن فرحان في كلمته إن "السعودية تقف إلى جانب العراق لاستعادة مكانته التاريخية"، معربا عن "رغبة بلاده في استمرار مسيرة التعاون مع العراق". وأضاف أن "السعودية تعتزم بالمضي قدما للعمل على فتح آفاق جديدة مع العراق ودعم تفعيل مشاريع الربط الكهربائي مع العراق"، مشيراً الى أن "بلاده لن تدخر أي جهد لدعم مسيرة العراق الاقتصادية والتنموية، وأن السعودية تؤكد رفضها التام لأي اعتداء على أي شبر من أرض العراق". بدوره أكد وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني الحرص على تعزيز التعاون والشراكة الدولية مع العراق والمحافظة على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه لاستعادة دوره المحوري كقوة فاعلة وإيجابية في محيطه العربي والإقليمي والدولي. وقال إن استقرار العراق جزء لا يتجزأ من أمننا القومي الخليجي والعربي في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية من العالم إيمانا بما يجمعنا مع هذا البلد الشقيق بتاريخه وحضارته العريقة ومصالح مشتركة ووحدة الهدف والمصير. من جانبه قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، إن الحوار والتعاون بين دول الإقليم ليس خيارا، بل هو ضرورة ملحة. وأضاف أن "استقرار وهدوء إيران يرتبط باستقرار وأمن المنطقة بأسرها". وأكد عبد اللهيان، أن "سياسة إيران الثابتة هي تجنب الحرب، والعمل على استعادة الأمن والاستقرار". وأشار إلى أنه "منذ بدء حكومة إيران الجديدة عملها طورت علاقتها مع الدول المجاورة ومنها العراق، وتؤكد دعم حكومة العراق للرقي والازدهار". وأوضح أن "ارتفاع التبادل التجاري والاجتماعات المتبادلة مع كبار المسؤولين في المنطقة وعقد اللجان السياسية الاقتصادية المشتركة وتعزيز أوجه التعاون، يدل على اهتمام الجمهورية الإيرانية بجيرانها في المنطقة".
مشاركة :