كلفة المعيشة ومساعدات الطاقة ترفعان ديون بريطانيا لندن - أدت مساعدات الحكومة البريطانية المخصصة للطاقة وغلاء المعيشة إلى ارتفاع حجم اقتراضها إلى مستويات غير مسبوقة، مما يفاقم الضغوط على السلطات لدرء هذه المشكلة في أقرب وقت ممكن. وأظهرت أرقام صادرة عن مكتب الإحصاءات الأربعاء أن الاقتراض العام في بريطانيا ارتفع إلى مستويات لم يحققها في شهر نوفمبر من قبل منذ بدء تسجيل البيانات، مما يعكس ارتفاع تكاليف دعم الطاقة. ووصل حجم الديون إلى أكثر بقليل من 22 مليار جنيه إسترليني، بزيادة قدرها 13.9 مليار إسترليني عما كان قبل عام. وقال مكتب الإحصاءات في بيان إن هذا هو “أعلى” مستوى اقتراض لشهر نوفمبر منذ بدء تسجيل هذه الأرقام الشهرية في 1993. وقد جاء أعلى بكثير من توقعات خبراء الاقتصاد. وتوقع اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم في وقت سابق أن يبلغ صافي اقتراض القطاع العام، باستبعاد البنوك الحكومية، 13 مليار جنيه إسترليني في نوفمبر. وبلغ إجمالي الاقتراض العام للأشهر الثمانية الأولى من العام المالي الحالي، من أبريل إلى نوفمبر، 105.4 مليار جنيه إسترليني بزيادة 7.6 مليار جنيه عن الفترة نفسها العام الماضي. لكن الرقم المسجل لا يزال بعيدا من الذروة التي سجلت في بعض الأشهر في المساعدات المرتبطة بجائحة كوفيد – 19، خصوصا 51.4 مليار جنيه إسترليتي تم اقتراضها في مايو 2020. وتدفع أسعار الطاقة خصوصا بسبب الحرب في أوكرانيا التضخم إلى ذروته في المملكة المتحدة، مقتربا من 11 في المئة، ما يؤدي إلى أزمة حادة في كلفة المعيشة. وتحدد الحكومة حدا أقصى لفواتير الطاقة للأفراد والشركات هذا الشتاء وتدفع الفرق لشركات الطاقة، كما تقدم مساعدات أخرى لكلفة المعيشة خصوصا للأكثر فقرا. واعتبارا من أبريل المقبل، سيكون سقف الفواتير للأفراد أقل سخاء ومن المقرر أن تعلن الحكومة مطلع يناير 2023 عن مستوى الدعم للشركات. والعامل الآخر الذي يؤثر على الاقتراض البريطاني هو كلفة خدمة الديون، التي زادت بشكل كبير منذ منتصف العام الماضي، نظرا للارتفاع الكبير في التضخم الذي ترتبط به بعض الأوراق المالية عليها. ففي نوفمبر بلغت فوائد الدين الحكومي 7.3 مليار جنيه تعكس في ستين في المئة منها تأثير التضخم. وقال وزير المال جيريمي هانت في بيان الأربعاء “في مواجهة الأزمتين العالميتين للوباء وحرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، اتخذنا خطوات مهمة لدعم الملايين من الشركات والعائلات هنا في المملكة المتحدة”. 22 مليارا إسترلينيا اقترضتها الحكومة الشهر الماضي بزيادة قدرها 13.9 مليار بمقارنة سنوية وكان هانت قد كشف في نوفمبر الماضي ميزانية تقشف لطمأنة الأسواق التي شهدت حالة هلع بسبب الميزانية الضخمة والضعيفة التمويل لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس. وأوضح هانت في البيان أن إجراءات الحكومة “ستساعد على خفض التضخم إلى النصف في العام المقبل، لكن هذا يتطلب قرارات صارمة لإعادة ماليتنا العامة إلى أسس سليمة”. وكان إجمالي ديون الحكومة البريطانية، باستثناء بنوك القطاع العام، 2.47 تريليون جنيه إسترليني في نهاية الشهر الماضي أي نحو 98.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وهذا يعني أن الديون زادت بمقدار 125.9 مليار جنيه إسترليني على مدى عام واحد، لكنها انخفضت بنحو 0.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وفي خضم هذا العام، تطالب اتحادات العمال بزيادة الأجور بأكثر من معدل التضخم، لكن الحكومة تصر على أنها لا يمكن أن تلتزم بأكثر من زيادات متواضعة لعمال القطاع العام أوصت بها هيئات مستقلة لمراجعة الأجور. وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك إن “أفضل طريقة لمساعدتهم ومساعدة أي شخص آخر في البلاد هو أن نكون صارمين ونخفض التضخم في أسرع وقت ممكن”. وتأتي المطالب بالتزامن مع موجة احتجاجات تشهدها البلاد كان آخرها الأربعاء حينما شارك الآلاف من العاملين بخدمة الإسعاف في إنجلترا وويلز الأربعاء في إضراب للمطالبة بزيادة الأجور. أسعار الطاقة خصوصا بسبب الحرب في أوكرانيا تدفع التضخم إلى ذروته في المملكة المتحدة، مقتربا من 11 في المئة وأرجأت الحكومة قرارا بشأن الدعم الذي ستحصل عليه الشركات لمساعدتها في مواجهة ارتفاع قيمة فواتير الطاقة، مما أثار قلق العديد من منظمات الأعمال في بريطانيا. وأظهرت بيانات نشرت الأسبوع الماضي زيادة معدلات إفلاس الشركات بنحو الخمس في ظل معاناتها من تداعيات التضخم المرتفع وأسعار الفائدة العالية وتراجع القدرات الشرائية للمستهلكين. وقالت هيئة الإفلاس إن “2029 شركة مسجلة أشهرت إفلاسها خلال نوفمبر بزيادة نسبتها 21 في المئة بمقارنة سنوية، وبزيادة نحو 33 في المئة عن مستويات ما قبل الجائحة”. وتعاني العلامات التجارية الكبيرة من تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة، مع تضرر متاجر التجزئة بشكل خاص من ارتفاع النفقات وتباطؤ الاقتصاد. وخلال الأسابيع الأخيرة قدمت شركة تجارة الأثاث عبر الإنترنت ميد دوت كوم وسلسلتا الأزياء جوليس وأم أند كو طلبات لإشهار إفلاسها. وقالت كلير بوردن رئيسة قطاع الاستشارات في شركة إيفيلين بارتنرز لوكالة بلومبرغ إن “الكثير من الشركات تكافح لمواجهة ديون ما بعد جائحة كورونا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الطلب”. وأضافت “نرى ارتفاعا كبيرا في عدد المدراء الذين يشعرون بالقلق ويكافحون للإبقاء على شركاتهم وهذه شركات جيدة، لكنها تواجه زيادات مستمرة وخطيرة في أسعار الطاقة ومطالبات بزيادة الأجور مع أسعار الفائدة المرتفعة”.
مشاركة :