يؤكد ميشيل إلتشانينوف أن الرئيس بوتين يقرأ في المجال الفلسفي بنَهم ليس فقط لأنه يريد الاستمتاع بأجواء الفكر والفلسفة الروسية عبر مختلف العصور ولكنه يقرأ للاستفادة منها في الجانب السياسي ولكي يظل على رأس إمبراطورية قوية ذات نفوذ. يؤكد ميشيل إلتشانينوف من جديد على أن الفكر والفلسفة الروسية التي يستند إليهما فلاديمير بوتين يمكن أن تساعدنا فى فهم استراتيجيته الجيوسياسية، فمنذ سنوات طويلة والرئيس بوتن يحاول إعادة بناء دولته القوية على أسس ومفاهيم فلسفية ومرجعيات الثقافية. يذكر ميشيل التشانينوف أن نزعة فلاديمير بوتين الإمبريالية التي دفعته الى التدخل في سوريا وغزو أوكرانيا والمرتبطة بالخطط الاستعمارية القديمة أدت الى وقوع أزمات عديدة في مناطق مختلفة من عالمنا الذي لا يزال يعاني حتى الآن من وطأة تبعات هذه الحرب وتداعيات ارتفاع أسعار الامدادات الغذائية وتوقف الصادرات الأوكرانية الى العديد من البلدان. فالإمبريالية بمفهومها العام، وفقا لتقدير ميشيل إلتشانينوف، تعني الفضاء العالمي الذي تهيمن عليه الدول التي تعتمد على قوتها الاقتصادية وقدراتها العسكرية. ان عودة روسيا العظمى الى الساحة الدولية تترافق مع صياغتها لأيديولوجية فلسفية جديدة تدور حول مفهوم "الأوراسيوية" الإيديولوجي والجيوسياسي كتعبير عن دعوة روسيا لتمثيل نموذج أصلي للالتقاء بين الشرق والغرب. يوضح ميشيل إلتشانينوف في هذا الكتاب كيف أن هذا المفهوم يتناول استراتيجية القوة الروسية في زمن بوتين. يستعرض مؤلف كتاب "ما يدور في عقل فلاديمير بوتين" نماذج من اهتمام الروس بالمؤلفات الفلسفية، ففي يناير 2014 قامت ادارة شؤون الرئاسة الروسية بتوزيع الكتب الفلسفية التي ألفها كبار المفكرين الروس في القرن التاسع عشر والقرن العشرين على حكام الأقاليم وأعضاء حزب روسيا الموحدة من أجل أن تكون هذه المؤلفات مصدر إلهام حقيقي لهم في سعيهم لتأسيس ادارة ناجحة وقوية. يتحدث ميشيل إلتشانينوف عن بعض الشخصيات المهمة في روسيا التي تبنت هذه المفاهيم الفلسفية مثل فلاديمير ياكونين Vladimir Yakounine رئيس السكك الحديدية الروسية السابق الذي يحث المثقفين والفلاسفة على تأليف كتب تدور حول التجديد الديني لروسيا الحديثة ومحاربة الغزو الثقافي الغربي، وينظم لقاءات فكرية تدور حول حوار الحضارات ويظهر نفسه على أنه متدين ويذهب إلى القدس كل عام لحضور قداس عيد الفصح من أجل إستعادة شعلة "النار المقدسة" وهو بهذا يحاول أن يكون أحد رواد النهضة الدينية والأخلاقية في روسيا. كما أن المخرِج السينمائي نيكيتا ميخالكوف Nikita Mikhalkov قدّم لمواطنيه الفيلسوف والسياسي الروسي المهاجر إيفان إيليين (1883-1954) Ivan Ilyine الذي يحب بالروسية ويفكر بالروسية ويغني بالروسية ويتحدث بالروسية ويؤمن بقوة روسيا العظمى. أيضًا الكاتب المعروف والقسيس تيخون شيفكونوف Tikhone Chevkounov أسقف الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لعب دورا كبيرا في إعادة تسمية مطارات روسيا بأسماء العسكريين الروس وكان له دورا محوريا في حماية منظومة القيم الأرثوذكسية التي تتبناها روسيا.
مشاركة :