الهمّ الصحي هو همّ المسؤول الأول وهمّ المواطن كذلك. وقد حرصت القيادة على تقديم خدمة صحية تضاهي أفضل ما يقدم في العالم. فهي لم تبخل في ابتعاث الأطباء السعوديين لإتمام تدريبهم في أحسن المراكز العالمية، كما ضاعفت ميزانية الصحة مرارا، ولكنها لم ترض عن مستوى الأداء من الوزير بعد الوزير يتساوى في ذلك الوزير الطبيب والوزير غير الطبيب. لا بد من معرفة بعض الحقائق عن نظامنا الصحي: أولا: هناك نجاحات على مستوى الوقاية من الأمراض المستوطنة والمعدية غفلنا عنها في ظل بحثنا عن الأفضل. مثلا اعتماد لقاح إلزامي ضد فيروس الكبد (بي) حول المملكة من بلد موبوء بالفيروس حيث كانت نسبته لدى الأطفال تقارب 10% إلى بلد متعاف منه وأصبحت نسبته تتراوح بين صفر - 0,1% في ذات الفئة العمرية. هناك نجاحات أخرى لابد من إبرازها. ثانيا: هناك أطباء سعوديونن جيدون في شتى التخصصات نقلوا الرعاية الصحية الفردية إلى مستويات ممتازة، ولكن نسبة الأطباء السعوديين إلى عدد غير السعوديين لاتزال ضعيفة. كما أن هناك مشكلة مستقبلية تتمثل في ضعف الأطباء من خريجي الكليات الحديثة التي تفتقر للمستشفيات التعليمية والطاقم الأكاديمي. ثالثا: مستوى الخدمة في أغلب مستشفيات وزارة الصحة لايزال يعاني بشكل كبير على شتى الأصعدة. رابعا: المشكلة لا تتمثل في الميزانية حيث ضوعفت الميزانية أضعافا كثيرة ولم تتحسن الخدمة بما يوازي الميزانية الضخمة، بل لقد كان هناك فوائض مالية سنوية تدل على عدم كفاءة. رابعاً: طب الطوارئ يعاني بشكل كبير وهو كحال كل مستشفى بما في ذلك المستشفيات التخصصية التي أُرهقت بمباشرة الحالات الطارئة التي يفترض أن تكون مهمة مستشفيات الصحة الأخرى ونتج عن ذلك تأخر المستشفيات التخصصية في أداء دورها المنوط بها من مباشرة الحالات المستعصية. وبرغم أن الحوادث هي القاتل الأكبر لشباب الوطن إلا أننا لم نلحظ أي تقدم في هذا المجال لا من ناحية مباشرة الحالات، ولا التعامل معها. خامسا: القطاع الصحي الخاص ممثلا في أفضل مستشفياته عالي التكاليف كثير الأخطاء،بعيد عن المحاسبة، همه الأول الربح على حساب الجودة وعلى حساب صحة المرضى. وهناك أمثلة كثيرة من مستشفيات عديدة في مدن مختلفة تصنف طبيا بأخطاء طبية كبيرة وإهمال يستوجب عقاب المستشفى وتغريمه. سادسا: شهادات الجودة الأجنبية ليست ضمان جودة بل تمثل مجموعة إجراءات إذا أتقنها الطاقم حصل على الشهادة. أي محاولة لحل المشكلة الصحية الوطنية بدون أخذ هذه النقاط بعين الاعتبار لن يكتب لها النجاح. m.alquaiz@gmail.com