بات الحديث عن التقارب السوري التركي حديث الأوساط السياسية التركية وكذلك السورية، بل إن الإعلام السوري الرسمي المعروف بالتحفظ في الرد على مثل هذه الأخبار خرج عن صمته الشهر الماضي، وبين أن التقارب السوري التركي مرهون باستجابة أنقرة للمطالب السورية المتمثلة بخروج القوات التركية من الأراضي السورية ووقف دعم الجماعات المسلحة. فكرة التقارب السوري التركي جاءت بعد فشل كل المحاولات الدولية والإقليمية لحل الأزمة السورية، وإدراك أنقرة أن الحل لم يعد قريباً وفقاً للمسارات الدولية المتعثرة، لذا كانت الاستجابة التركية للمبادرة الروسية بالتقارب بين الطرفين سريعة من أجل الوصول إلى تفاهمات إقليمية في ظل التعثر الدولي والغياب الأمريكي عن الحل السياسي في سوريا. وقد ذهبت أنقرة إلى أقصى درجات التجاوب مع المبادرة الروسية، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة سمرقند الشهر الماضي إنه مستعد للقاء نظيره السوري بشار الأسد، وكان أردوغان أبدى استعداده الشهر الماضي في قمة شانغهاي للقاء الأسد أيضاً على قاعدة أنه لا خلافات دائمة في السياسة. الرئيس التركي قال في الرابع عشر من الشهر الجاري، إنه اقترح على نظيره الروسي فلاديمير بوتين «تشكيل آلية ثلاثية مع روسيا وسوريا لتسريع الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق»، فيما نقلت مصادر إعلامية عن أردوغان قوله: «يمكن أن تجتمع وكالات استخباراتنا أولاً، ثم وزراء دفاعنا، ثم وزراء خارجية الدول الثلاث، وبعد ذلك يمكن أن نلتقي كقادة، وهو ما يمكن أن يفتح الباب لسلسلة من المفاوضات»، مشيراً إلى أن بوتين رأى المقترح إيجابياً، هذا التسارع في التجاوب التركي من أجل اللقاء مع الجانب السوري يقابله تأنٍ سوري، وفقاً لشروط تعتبرها دمشق أساسية من أجل التقارب . من الناحية العملية، هناك نقاط التقاء بين الجانبين السوري والتركي يمكن البناء عليها ، إلا أن الحكومة السورية على ما يبدو تريد من هذا اللقاء أن يكون حزمة واحدة إقليمية ودولية، من أجل طي الملف السوري والانتقال إلى مرحلة جديدة خالية من الخلافات، بل ترى دمشق أن التقارب خطوة لتخفيف العقوبات الاقتصادية. نقاط التقاء ومن نقاط الالتقاء في التقارب السوري التركي، ملف شمال شرق سوريا، حيث تحتاج دمشق إلى بسط السيطرة على هذه المنطقة الكبيرة نظراً للأهمية الاقتصادية، حيث تعتبر خزان الطاقة والمواد النفطية، فضلاً عن الأهمية الزراعية في هذه المنطقة، بينما ترى تركيا أن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تشكل قلقاً أمنياً لأنقرة، التي تلوح بين الحين والآخر بعملية عسكرية، وهذه النقطة تشكل أحد أهم أبرز نقاط التوافق، في ظل اللقاءات الأمنية بين الجانبين التي لم تعد سراً وباتت على وسائل الإعلام. أما النقطة الثانية، فهي خطوة التجارة بين البلدين، ففي الوقت الذي تعاني سوريا من تراجع قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة، فإن الجارة تركيا تعتبر الرئة الاقتصادية التي تتنفس منها دمشق، وهذا من شأنه أن يعزز المصالح الاقتصادية بين البلدين. أمام هذه التقاطعات السورية التركية التي من الممكن أن تخدم مصلحة البلدين، تأتي المصالح الحزبية لحزب العدالة والتنمية الذي يخوض معركة الانتخابات الرئاسية مع الائتلاف المعارض في تركيا، بل يذهب البعض للقول إن توجه الرئيس التركي للقاء الأسد مرجعه الانتخابات الرئاسية في تركيا، والقفز خطوة في السباق مع المعارضة للمصالحة مع الحكومة السورية. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :