بنت النوخذة.. حفرت اسمها في سجل الأوائل

  • 1/22/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

صورتان لها حديثة وقديمة تتوسطهما صورتان لجدها ثم والدها اسمها محفور في قائمة الأوائل في بلدها الكويت. فإذا كانت نبيلة الملا أول سفيرة، ومعصومة المبارك أول وزيرة، وجنان بوشهري أول مرشحة برلمانية، وسارة أكبر أول مهندسة بترول، ومريم الصالح أول ممثلة، وفرح أحمد غلوم أول ضابطة، وأمل عبدالله أول مذيعة، وفاطمة حسين أول مقدمة برامج تلفزيونية، وغنيمة المرزوق أول ناشرة، ونورية السداني أول مخرجة تلفزيونية، وضياء هاشم البدر أول قاصة، ومريم عبدالملك الصالح المبيض أول مدرسة وناظرة، وشريفة حسين العلي العمر أول مطوعة، والشيخة بدرية سعود المحمد الصباح أول حاصلة على رخصة قيادة، وموضي السرحان أول منتسبة إلى الداخلية، ومريم الرقم أول ممرضة، فإن لولوة القطامي هي أول فتاة كويتية تكسر التقاليد والأعراف وتذهب إلى أقاصي الغرب لإكمال تعليمها الجامعي، ثم تعود لتجسد في شخصها جملة من الأوائل. فهي أول كويتية تتخرج من بريطانيا، وأول معلمة كويتية تدرس الإنجليزية والفرنسية لطالبات المرحلة الثانوية في 1960، وأول وكيلة مدرسة ثانوية في 1963، وأول من حرر طالبات المدارس ومدرساتها من العباءة في 1963، ورئيسة أول بعثة طالبات تخرج من الكويت لزيارة البلاد العربية، وأول مديرة لكلية البنات في جامعة الكويت في 1975. إلى ذلك، هي مؤسسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية وعضو مجلس إدارتها في 1963، وهي رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية والرئيسة الفخرية للجمعية ما بين 1967- 1999، وكانت ضمن أبرز الذين ساهموا في 1966 في تأسيس جمعية المعلمين الكويتية فأصبحت أمينة سر الجمعية من 1966 إلى 1969، وهي الأمينة العامة للجنة تنسيق العمل النسائي في الخليج والجزيرة العربية سابقاً، والأمينة المساعدة للشؤون الداخلية في الاتحاد النسائي العربي العام، وعضو لجنة برنامج مع الطلبة التلفزيوني المدرسي في الفترة من 1963 إلى 1966، وعضو مؤتمر المناهج المدرسية في 1972، وعضو اللجنة العليا لمشروع دور الحضانة النموذجية بجامعة الكويت وصاحبة فكرته في 1979، وعضو اللجنة العليا لمحو الأمية ما بين عامي 1974 و1988، وعضو المجلس الاستشاري للإعلام في الكويت منذ 1983، وهي من مؤسسي المجلس العربي للطفولة والتنمية في 1987، وعضو مجلس أمناء مبرة صباح السالم الصباح، وسفير منظمة اليونسكو في العام الدولي لمحو الأمية (1987). صورتها مع شقيقها عبداللطيف في طرقهما إلى لندن في عام 1952 فما هي قصة هذه المرأة المتمردة والجريئة؟ وما هي قصة لقب بنت النوخذة الذي يرتبط باسمها وتعشقه وتفتخر به؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها نعتمد في الأسطر التالية كمصادر على صحف ومواقع إلكترونية شتى، إضافة إلى ما كتبته هي نفسها في كتابها الموسوم بـ مذكرات بنت النوخذة، وما قالته للإعلاميين الكويتيين بسام العثمان وإيمان نجم اللذين استضافاها في برنامج تو الليل من تلفزيون الوطن في يناير 2011، ثم ما قالته للإعلامي بدر بورسلي في برنامج حنين من تلفزيون الكويت في مارس 2015، وما تحدثت به في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بالمحرق الذي استضافها في أكتوبر 2015. اسمها بالكامل لولوة عبدالوهاب عيسى عبدالوهاب القطامي. والقطامي عائلة كويتية معروفة، طيبة السمعة، سكنت منطقة الوسط من مدينة الكويت أولاً، ثم منطقة الشرق منها، ويعود نسبها إلى آل زايد من الدهامشة من عنزة. واشتهر أبناؤها بالعمل البحري، فخرج من ذرية جدهم عبدالوهاب القطامي شخصيات فاضلة توارثت قيادة السفن الشراعية قديماً وذكرت أسماؤهم في كتب التاريخ. من هؤلاء: الشاعر والأديب عيسى عبدالوهاب عبدالعزيز القطامي (جد لولوة) الملقب بـ ملاح الكويت الأول، والذي ألف كتاب دليل المحتار في علم البحار، وكتاب عمان والجبل الأخضر الذي تطرق فيه بشمولية إلى تاريخ منطقة الخليج السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ويوسف عيسى القطامي الذي يعتبر من أمهر النواخذة والربابنة الكويتيين، وأول من وصل منهم إلى ميناء بورسودان على البحر الأحمر. ومحمد عبدالعزيز القطامي الذي كان أول من يتولى قيادة قوة خفر السواحل في الكويت في 1938 قبل أن يقتل في نفس العام في حوادث المجلس التشريعي، وعبدالله يوسف القطامي الذي تولى حقيبة الأشغال العامة في الوزارة التي شكلها المغفور له الشيخ سعد العبدالله الصباح في 1991 والتي لم تدم سوى عام واحد ونصف العام. ولعائلة القطامي علاقات نسب ومصاهرة مع العديد من العائلات الكويتية المعروفة مثل: الغانم (الزايد)، الحميضي، البرجس، الفرج، الشايع الشامية، الصالح النزهة، البحر الضاحية، الفارس المطاوعة، الرومي، السنان، البشر، الفليج الضاحية، العصيمي، الوزان الفيحاء، الحمد الشامية، العبدالرزاق، الشلفان، والرفاعي. تعتز وتفتخر لولوة القطامي بلقب بنت النوخذة لأن هذا اللقب يؤكد، لمن لا يعرف من أبناء الجيل الجديد، أنها بالفعل ابنة عائلة أعطت الكويت أشهر وأكبر نواخذتها من الذين كانوا في زمن ما قبل النفط دعامة اقتصاد البلاد وجالبي ما تحتاجه من مؤن وبضائع من بلدان الخليج والهند وشرق أفريقيا، بل حفيدة نوخذة الكويت الأشهر عيسى عبدالوهاب القطامي الذي كان شاعراً وأديباً ومؤلفاً، بالرغم من عدم حصوله على أي شهادات. وتدين لولوة بتميزها عن قريناتها لجهة الذهاب للدراسة إلى بريطانيا بدلاً من الالتحاق بالجامعات العربية كما كان الحال في مطلع الخمسينات إلى والدها المتنور عبدالوهاب بن عيسى الذي كان مؤمناً بضرورة التغرب من أجل العلم، وكان يردد أمامها (طالع مقالبتها مع صحيفة الأنباء الكويتية عدد 14/4/2013) بيت الشعرالقائل: تغرب عن الأوطان في طلب العلا سافر ففي الأسفار خمس فوائد تفريج هم واكتساب معيشة علم وآداب وصحبة ماجد في السياق نفسه، قالت لولوة، طبقاً لما هو منشور في جريدة الوطن الكويتية (29/11/2013): جاءت الفكرة من والدي رحمة الله عليه. لا انسى كلماته وتشجيعه لي. درست في العراق 22 سنة، وكان طموحي آنذاك الالتحاق بجامعة بغداد او بيروت أو القاهرة، ولكن والدي كسر قوانين العائلة وطلب مني الذهاب الى آخر العالم لتحصيل العلم. وتضيف قائلة (بتصرف): طلب مني والدي السفر الى لندن من أجل الدراسة، وأرسل برقية الى اخي (عبداللطيف) الذي كان يدرس الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة للعودة الى الكويت من أجل مرافقتي في السفر الى لندن. نزل عليَّ هذا الخبر كالصاعقة، خصوصاً وأن كلام الوالد سينفذ دون نقاش. وأخذت أفكر على مدى ثلاث ليال في كيفية العيش هناك، خاصة وأن بريطانيا كانت قد خرجت للتو من الحرب العالمية الثانية وبالتالي كانت الحياة فيها متسمة بالتقشف والضيق أو كما تصفها بنفسها قائلة: كنا نأكل اللحم مرة بالشهر، وبيضة في الشهر لكل فرد، والزبد مرة في الشهر، كانت الظروف الاقتصادية خانقة داخل البلد... كانت الحياة شاقة بمعنى الكلمة، وكانت الفلوس نفسها، لو وجدت، لا قيمة لها فلا يتوافر شيء يمكنك شراؤه من الأسواق. إذن كان انفتاح ووعي والدها هو الذي غيَّر مجرى حياتها. وهذا ما جسدته كلمة الإهداء في صدر كتابها مذكرات بنت النوخذة والتي تقول إلى الذي استشرف بثاقب بصيرته أهمية العلم والقيم في حياة الإنسان. فمن أين جاءت يا ترى سمة الانفتاح لدى والدها في ذلك الزمن المبكر من تاريخ المنطقة؟. تجيب لولوة على هذا السؤال بقولها إن الانفتاح الذي تميز به والدها كان مستمداً من مهنته كبحار (نوخذة) يطوف بسفينته موانئ الهند والسند وغيرها من البلاد البعيدة المليئة بالغرائب والمعارف والثقافات المختلفة، ويتعامل مع تجار متنوعين في فكرهم وثقافاتهم، الأمر الذي ساهم في زيادة وعيه بأهمية التعليم وأثره في تقدم الشعوب ورقيها، واقتناعه بأن التعليم هو ذخيرة المرء وسنده في مواجهة مصاعب الحياة وتحدياتها. وآية ذلك أنه أدخلها المدرسة بمجرد أن افتتحت مدرسة نظامية للبنات في الكويت في عام 1937، ثم ألحقها بمدرسة فرنسية في البصرة التي انتقلت اليها الأسرة هرباً من ملاحقة ربها لأسباب سياسية، ثم أرسلها إلى أوروبا متجاوزاً كل الانتقادات التي وجهت عليه، بما في ذلك مقاطعة أحد إخوته له لمدة أربع سنوات بحجة الخروج على العادات والتقاليد. وفي زمن لم تكن فيه الطائرات النفاثة قد عرفت بعد، ولم تكن هناك رحلات مباشرة تربط منطقة الخليج بأوروبا، فإن السفر من الكويت إلى لندن في عام 1952 كان أمراً صعباً ومرهقاً، بل ومخيفاً أيضا للفتاة التي عاشت منذ طفولتها ترتعد من أصوات الطائرات. دعونا نستمع إلى ما قالته لولوة عن رحلتها الجوية تلك (بتصرف): سفري الى لندن كان عذاباً.. فالطيارة كانت بمراوح ولا يوجد روابط بين الدول، حيث أقلعت الطائرة من الكويت إلى بغداد، ومنها إلى بيروت، التي أبهرتني بجمالها وقلت هذه الجنة التي وعد الله بها عباده، وأذكر إنني طلبت من أخي أن نذهب لتناول وجبة الغداء في زحلة لأنني من عشاق الفنان محمد عبدالوهاب الذي صادف أنه كان يحيي حفلات غنائية هناك ويشدو بـ (يا جارة الوادي)، وحضرت عيد الزهور هناك، ومن بيروت سافرنا إلى الاردن ومنها إلى أثينا فإلى ألمانيا التي فقدنا فيها جوازات السفر، وعانينا لعدم معرفتنا باللغة الالمانية، وبعدها أقلعنا إلى جنيف، ثم هولندا، وأخيراً لندن. بعد وصولها إلى لندن التحقت بمدرسة داخلية فرنسية في جنوب بريطانيا، حيث زاملت هناك نحو 70 طالبة من دول أوروبية مختلفة، ودرست الموسيقى التي كانت مغرمة بتعلمها إلى جانب اللغتين الفرنسية والانجليزية. لكنها بعد سنتين انتقلت إلى مدرسة داخلية إنجليزية بناءً على طلب من والدها الذي أرادها أن تنهي برنامج A level الثانوي كي تلتحق بكلية التربية في جامعة أدنبره بأسكتلندا وتصبح معلمة. وهكذا قدر لهذه الفتاة الخليجية أن تعيش لسنوات طويلة مغتربة عن بلدها وأهلها، وأن تدرس في جامعة لم يكن بها أي طالبة عربية وقتذاك، وأن تحاول التأقلم مع الحياة في بلد كان متقدماً على بلدها بأشواط سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وعلمياً. وربما هذا الشعور بالوحدة والعزلة والاغتراب هو الذي دفعها للانخراط في النشاط الطلابي عبر الانضمام إلى اتحاد طلبة جامعة أدنبره، بل والترشح لعضوية الإدارة، والفوز بأصوات كثيرة أهلتها للحصول على منصب نائب رئيس الاتحاد لمدة عامين. وقد أكدت القطامي في كل الحوارات التي أجريت معها أن وجودها في اتحاد الطلبة وقيامها من خلال هذا الاتحاد بأنشطة اجتماعية وإنسانية متنوعة تصب في خدمة الطلبة والمجتمع الاسكتلندي بصفة عامة هو الذي غرس في نفسها حب العمل التطوعي، وهو الذي حفزها لاحقاً على تأسيس كيان نسوي في بلدها من أجل رفع شأن المرأة الكويتية ومكانتها والحفاظ على حقوقها على نحو ما سنبين لاحقاً. تقول القطامي إنها بعد عودتها إلى وطنها حاملة الدرجة الجامعية في التربية التحقت بوزارة التربية والتعليم، فطلب منها وزيرها آنذاك المرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح أن تتولى تدريس مادتي اللغة الفرنسية والإنجليزية لطالبات ثانوية المرقاب، قبل أن يطلب منها تدريس منهج تأهيل المعلمات إضافة إلى المادتين السابقتين. وشيئاً فشيئا نالت الترقيات. فمن معلمة في المدرسة إلى وكيلة فناظرة لها. كما صرحت القطامي مراراً أنها تدين بالكثير للشيخ عبدالله الجابر الصباح، ليس لأنه كان حريصاً على التواصل الدائم مع العاملين في السلك التعليمي، ومتابعاً عن كثب لمختلف الأنشطة والفعاليات التربوية وإنما أيضا لأنه استجاب لها بالموافقة الفورية حينما طلبت منه ألا يتدخل أحد في ما تطبقه من وسائل تعليمية. حيث قال لها: ست لولوه اعملي اللي تعمليه بحسب تعبيرها. كما أنها تدين للشيخ عبدالله الجابر بتشجيعها على قيادة الطالبات للقيام برحلات خارجية من أجل أن تتوسع مداركهن. وعليه قادت القطامي في ستينات القرن العشرين أول رحلة طلابية إلى خارج حدود الكويت وكانت الرحلة باتجاه الأردن لزيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، ثم تلتها رحلة أخرى إلى القاهرة في العام التالي. وتذكر القطامي في كتابها فضلاً آخر للوزير عليها وهو ضمها إلى المكتب الثقافي الكويتي كمبتعثة على نفقة الدولة بعدما رآها في بريطانيا واستغرب من وجودها ضمن الطلبة الكويتيين، ثم عرف أنها تدرس على نفقة والدها. وللقطامي دور في إنشاء جامعة الكويت. فحينما كانت ناظرة لثانوية المرقاب للبنات في 1963 اختيرت كعضو في اللجنة التحضيرية العليا لمشروع جامعة الكويت إلى جانب وكيل وزارة التربية والتعليم الأسبق أنور النوري، وبعض الشخصيات الأكاديمية التي أرسلتها مصر للمساعدة في إنجاز المشروع مثل الدكتور عبدالفتاح اسماعيل والدكتورة فتحية سليمان، والدكتورعبدالخالق عزت. أما مساهمتها في هذا المشروع الذي مثل منعطفاً هاماً في المسيرة التعليمية لبلدها فقد تجلت في إصرارها على أن تكون الجامعة مختلطة، مع إيجاد كلية للطالبات اللواتي يرفض آباؤهن فكرة الاختلاط. وقد تمت الموافقة على مقترحاتها، كما تم نقلها من مدرستها الثانوية إلى جامعة الكويت في 1966 لتكون مسجلة لكلية البنات الجامعية، حيث كانت قد أتمت حينذاك دورة خاصة بإدارة الكليات الجامعية في جامعة لندن. وهكذا استمرت القطامي في العمل الجامعي من 1966 وحتى 1993، وتخلل هذه الفترة تعيينها في منصب مديرة كلية البنات بدءاً من 1975. لكن ماذا عن فكرة الأعمال التطوعية التي تأثرت بها خلال سنوات تغربها في اسكتلندا؟ تقول القطامي في مذكراتها والحوارات التي أجريت معها إن عودتها إلى وطنها تصادف مع عودة أول دفعة من نساء الكويت المبتعثات إلى القاهرة للدراسة الجامعية. وتضيف أنها وقريناتها (فضة الخالد، وفاطمة حسين، وسعاد السيد رجب) كن يجتمعن في سرداب بيتها لتداول فكرة قيامهن بعمل تطوعي منظم يستهدف رد الجميل للوطن، وذلك من خلال نادٍ يضم نساء الكويت الراغبات في العمل التطوعي. فكانت النتيجة أن تبلورت الفكرة، وقمن في أواخر 1963 بتشكيل اللجنة التأسيسية من السيدات: سبيكة أحمد الفهد، سعاد سيد رجب، دلال المشعان الخضير، ليلى حسين القناعي، نجيبة محمد جمعة، فاطمة حسين، شيخة العنجري، شريفة عبدالوهاب القطامي، غنيمة ياسين الغربللي، لطيفة عيسى الرجيب، صبيحة الغربللي، فضة أحمد الخالد، لولوة عبدالوهاب القطامي، ومنيرة الخالد، ثم استعن بقانوني ليعد دستور النادي المقترح، لكنهن صدمن حينما ذهبن للحصول على الترخيص اللازم من وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك المرحوم حمد الرجيب الذي انتفض من مكانه وقال لهن بالحرف الواحد: لا يمكن إشهار نادٍ للسيدات. لم تيأس لولوة وزميلاتها، وكررن المحاولة بعد قيامهن بشطب كلمة نادي واستبدالها بـ جمعية، فتمت الموافقة على إشهار ما عرف باسم الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في الجريدة الرسمية، ولم يمضِ سوى وقت قصير إلا وللجمعية مجلس إدارة ترأستها في المرة الأولى السيدة دلال المشعان الخضير. وفي هذا السياق قالت القطامي لجريدة الأنباء (مصدر سابق) بتصرف: عندما تأسست الجمعية كانت رافداً من روافد وزارات الدولة فكنا نساعد وزارة الشؤون الاجتماعية في أعمال كثيرة، كما تعاونت معنا البلدية في عمل أسبوع نظافة في الكويت. ذهبنا يومها إلى مدير البلدية جاسم المرزوق وطلبنا منه أن نساهم في تنظيف الكويت، وطلبت منه إعطاء عمال البلدية إجازة لمدة أسبوع، وإعطاءنا كل معدات النظافة. في تلك الأيام من عام 1964، كانت الكويت صغيرة، فبدأنا في حملة توعوية وجلنا في المناطق نوزع المنشورات التوعوية ونشجع النساء على تنظيف الشوارع مثلما ينظفن بيوتهن، ونحثهن على عدم رمي النفايات في الطرقات. وعن الانجازات التي قامت بها جمعيتها قالت القطامي في برنامج تو الليل من تلفزيون الوطن: فكرنا أن نطلع على أحوال المرأة في الخليج، وقمنا بزيارة إلى الامارات السبع آنذاك وطلبنا منهم فتح فصول محو أمية وفصول خياطة.. واجتمعت الجمعية في الكويت وأعدت لتنظيم مؤتمر، انبثقت منه لجنة التنسيق للعمل النسائي في الخليج والجزيرة العربية، على أن يكون مقرها في الكويت، وتم اختياري أميناً عاماً للجنة، وطالبت بأن تركز اللجنة على البحوث الخاصة بوضع المرأة في المنطقة كي توضع في كتب، وتقدم لجامعة الكويت. وللدكتور يعقوب الغنيم وكيل وزارة التربية والتعليم الأسبق في الكويت شهادة في حق لولوة القطامي يستخلص منها أنها رغم تحررها وثقافتها الغربية ظلت ملتزمة بواجباتها الدينية، بدليل أن الغنيم التقى بها في المدينة المنورة أثناء موسم من مواسم الحج، وبقيت متمسكة بالتقاليد العربية والاسلامية الأصيلة لجهة البر بالوالدين وخدمتهما والسهر على راحتهما. حيث يقول الغنيم إنه حينما ذهب لمعاودة والدها المريض في أحد مستشفيات لندن، رآها هناك ترافقه وتعتني به ولا تترك أي رغبة من رغباته إلا وتلبيها وكأنها متفرغة تماماً لخدمته. ونختتم بالحديث عما تراه القطامي، من وحي خبرتها، أنه وصفة النجاح. فهي ترى أن العمل الصامت هو الذي يأتي بنتيجة. وعليه تتمنى على بنات الجيل الحالي أن يخدمن بلدهن ويردن له الجميل بصمت ودون مقابل، مثلما فعلت نساء الكويت قديماً.

مشاركة :