يعكف العلماء على ابتكار وسائل لتغيير طرق تخاطبنا بعضنا مع البعض الآخر، والبناء على ما توصل إليه العلماء من اختراعات في هذا المجال حتى اليوم، وذلك من خلال استخدام الضوء لإرسال البيانات عبر حيز الفراغ. وتعتبر موجات الراديو الوسيط الممكن استخدامه لإرسال الرسائل لاسلكيا، وذلك ضمن ما اعتبر أكبر منجزات القرن الحالي. وبسبب تطور البيانات وحجمها المتزايد أصبح إرسالها يستغرق وقتا أطول من ذي قبل، وبالتالي سيواجه العالم أزمة في كم المواد الممكن إرسالها. وقد طور العلماء أشعة الليزر وشاشات العرض لتحقيق بعض المنجزات في هذا المجال. وذكرت مجلة نيو ساينتست العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها، أن العلماء يمكنهم استخدام خاصية إرسال الإشارات الرقمية، وهو ما يمكن أن يطبق في إضاءة الشوارع والمنازل والمكاتب، بالنظر إلى الانتشار الواسع للإنترنت. ومع الأخذ في الاعتبار أن جدران المنشآت ليست شفافة، فيمكن للضوء أن يكون الحل الأمثل للحفاظ على سرية البيانات المنقولة عبر هذه الأشعة على عكس موجات الإنترنت التقليدية. وقال هاراد هاس من جامعة أدنبرة، وهي إحدى أكبر الجامعات الاختصاصية بالتكنولوجيا، إن الضوء يقدم البديل لموجات اللاسلكي، وهو ما سيسمح لأجهزتنا بتبادل الكثير من البيانات دون انقطاع. وتفتح هذه الوسيلة إمكانات واسعة جدا أمام مختلف القطاعات للاستفادة منها وتطوير طرق نقل بياناتها. وعلى سبيل المثال فإن ما أطلق عليه اسم لايف إي الموجود في أضواء الأعمدة المرورية سيسمح للسيارات باستقبال التحديثات المرورية وتبادل الصور ولقطات الفيديو التي تلتقطها الكاميرات. أسئلة وأجوبة ولكن هناك أسئلة ملحة لا تزال بحاجة إلى أجوبة. فعلى الرغم من أن أجهزة العرض قد تشغل بالفعل، إلا أن تكلفة معداتها لا تزال عالية مقارنة مع الأجهزة الأخرى. ولكن حتى مع انخفاض أسعار المنتجات في هذا المجال، فهل ستحول الشركات في قطاع الاتصالات توجهها عن الموجات اللاسلكية مثلا؟ وسائل الاتصال المتحركة تستخدم موجات إلكترونية منخفضة التردد- موجات لاسلكي- وهذه تقنية ناجحة جدا، برغم أن بعض الخبراء يعتبرونها غير متفوقة. وبالنظر إلى أن عددا أكبر من الأشخاص باتوا يتشاركون بالصور والفيديو، فضلا عن المواد المنشورة على الإنترنت، بدءا من صور وبيانات السيارات وصولا إلى الأدوات المنزلية، فقد يتوقع الناس أن الأمور أصبحت أكثر سوءا، لاعتقادهم أنهم يستخدمون إمكانيات هذه الأجهزة بالكامل. ولكن بات من الممكن إرسال الكثير من الرسائل على شكل دفقة من الموجات، إلا أن تنفيذ ذلك يتطلب الكثير من الأجهزة المتطورة مثل أجهزة 4ج جيه التي تبث بسرعة تصل إلى 100 ميغابايت في الثانية، ويتراوح مداها ما بين 1000 إلى 10 آلاف متر. وبالنسبة إلى العديد من الجهات الاختصاصية بنقل البيانات، تظل موجات واي فاي هي الأفضل بين كل أنواع الموجات المستخدمة للتواصل، ولكن على الرغم من أن متوسط مداها يتراوح بين 50 إلى 100 متر، فلا تزال تواجه مشكلات مثل تضارب الموجات. وصمم العلماء مجموعة من التطبيقات بالاعتماد على فكرة إرسال البيانات مع الضوء وموجات الراديو. وبعضها يتتبع المواقع في الأماكن المغلقة، وقد تكون نسبة الخطأ في هذا السياق كبيرة جدا، إلا أن الضوء يمكن استخدامه في مواقع مرتفعة في المنازل، ويسمى هذا التطبيق منظومة تتبع المواقع داخل المنزل، وهو ينشر الضوء المحمل بالبيانات في أرجاء مختلفة من المنزل، ويمكن له أن يتتبع أماكن الأشخاص. وفي حال وظفت هذه الخدمة في محل تجاري مثلا، فمن الممكن إرسال بيانات عن منتجات معينة موجودة على الرف إلى الهاتف المحمول الخاص بالمشتري. وابتكر العلماء فكرة أخرى للاستفادة من هذه الخاصية، وهي تعزيز الخصوصية. فموجات واي فاي على سبيل المثال، تخترق المنازل بينما لا يمكن للضوء أن يخترق الجدران، ولا يتيح للأشخاص التلصص على البيانات المحمولة عبر الضوء. وتستخدم بعض الشركات هذه التقنية لجعل الاتصالات آمنة. وهي تناسب المستشفيات والطائرات، حيث تراعي الخصوصية بدرجة كبيرة، بينما يكون التداخل في موجات اللاسلكي كبيرا. حزم مضيئة اعتمد الخبير في مجال التقنيات كيفن أشتون، الذي يعمل في معهد ماساتشوستس للتقنية، أواخر تسعينات القرن العشرين، بشكل كبير على ترددات اللاسلكي المستخدمة اليوم في منظومة الدفع عن بعد. وقال: لن تحل منظومة لاي فاي محل موجات اللاسلكي، ولكنها ستمنحنا خيارا إضافيا، وخلال خمس أو عشر سنوات ، لن تعمل هذه الموجات بالتفاعل مع أبراج الإرسال، لأننا ننفق الكثير في الإضاءة وإرسال الفوتونات ، فالحل قد يكون في إرفاق مجموعات من البيانات عبر هذه الموجات. ويعمللاي فاي من خلال إضاءة المصابيح وإطفائها، لإيجاد سيل من الموجات لنقل البيانات.
مشاركة :