يحتدم في الجزائر جدل كبير حول مادة في تعديل للدستور، عرض الشهر المقبل على البرلمان للمصادقة، وتتعلق بحرمان الجزائريين مزدوجي الجنسية من تولي وظائف سامية في الدولة، ما يعني عدم الاستفادة من القدرات العلمية والمهنية لعدد كبير من الكفاءات، الذين غادروا البلاد، طوعا أو مجبرين. وأول من احتج على المادة 51 من المراجعة الدستورية، المتعلقة بمزدوجي الجنسية، هو علي بن واري وزير الخزانة مطلع تسعينات القرن الماضي، الذي يحمل الجنسية السويسرية، والذي ترشح لانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2014، إذ قال بن واري لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا النظام تسبب في تهجير المئات من الجزائريين الذين سافروا إلى الخارج بحثا عن فرص لإثبات قدراتهم العلمية، وطلبوا جنسيات بلدان هاجروا إليها لتسهيل معيشتهم، والإرهاب تسبب في تهجير الآلاف الذين غادروا الجزائر خوفا على حياتهم، وحصلوا على جنسيات دول أجنبية. فهل يعقل أن نحرم كل هؤلاء من الوصول إلى مناصب كبيرة في الدولة عقابا لهم على شيء ليس لهم ضلع فيه؟ ومتى كانت جنسية بلد آخر جريمة؟». وأضاف بن واري موضحا أن «كل الدول تبحث عن أبنائها من أصحاب الكفاءات حيثما وجدوا للاستفادة منهم، بينما تصد السلطات الجزائرية الأبواب في وجوههم». وتعني هذه القضية المثيرة للجدل أيضًا رجل الأعمال «الفرانكو جزائري» رشيد نكاز، الذي اشتهر بدفع الغرامات بدلا عن المنتقبات المتابعات من طرف السلطات الفرنسية، حيث أعلن أيضًا ترشحه للرئاسة في 2014، لكنه أقصي بسبب «ضياع أوراق إمضاءات المواطنين». ووفق الدستور الجديد المرتقب، فإنه سيمنع ابن واري ونكاز من تقلد أي منصب كبير، كرئاسة الوزراء أو أي وزارة. يشار إلى أن عدة وزراء في حكومات سابقة وصلوا إلى المنصب، وهم يحملون جنسية بلد آخر، وأشهرهم وزير الطاقة سابقا شكيب خليل (أميركي)، ووزير المالية السابق كريم جودي (فرنسي). كما يشاع أيضًا بأن وزير الصناعة الحالي عبد السلام بوشوارب، يحمل أيضًا جنسية فرنسية. وتعرض المحتجون على المادة 51 لانتقاد شديد من طرف وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، الذي عرض التعديلات الدستورية على الصحافة قبل 15 يوما، إذ قال في رسالة إلى أطر ومناضلي الحزب الذي يرأسه «التجمع الوطني الديمقراطي»: «يحاول البعض إحداث بلبلة في أوساط الجالية الجزائرية في الخارج حول المادة التي تنص على إلزامية الجنسية الجزائرية وحدها، كشرط للوصول إلى مسؤوليات سامية في الدولة، وإلى وظائف سياسية. وللتصدي إلى هذه المناورة، نقول إن مشروع التعديل هو أول نص دستوري يتكفل بالمواطنين المقيمين بالخارج، وذلك من خلال المادة (24 مكرر) التي تحمل الدولة مسؤولية حماية رعاياها في الخارج، والسهر على الحفاظ على هويتهم وتوطيد صلتهم ببلدهم الأم». وبحسب أويحيى، فإن الكثير من الدول تتعامل بهذا المنع، مثل ألمانيا والصين واليابان وغانا وإثيوبيا، مشيرا إلى أن «دولا كثيرة تضع حدا لوصول مزدوجي الجنسية إلى الوظائف السامية والسياسية في البلاد، وأفصح مثال على هذا هو دستور أستراليا التي تعد من أكبر بلدان الهجرة في العالم». وتابع أويحيى موضحا أن «المادة 51 تتعلق بوظائف محددة، مثل رئيس الوزراء ومسؤول سامٍ في الإدارة، أو وظائف سيادية أو سياسة، مثل البرلماني».
مشاركة :