يلتزم اللاعب الدولي الفرنسي الجنسية كريستيان كاريمبو، المعتزل عام 2005 الصمت أمام كاميرات العالم، أثناء تأدية زملائه النشيد الوطني الفرنسي، مخالفا بذلك كل الأعراف الدولية، ورغم أن تصرفه هذا سبب حنق البعض عليه، إلا أنه كسب احترام الغالبية عندما علموا أن النشيد الوطني يغذي سخطه على النظام الفرنسي، بسبب ما حدث لأسلافه، وكان يرد على الحانقين بعرض صورة جده الإفريقي، الذي تعرض لجريمة من أبشع الجرائم في التاريخ، حيث كان من أشهر الوجوه التي تم عرضها في أكثر من حديقة حيوان بشرية، جنبا إلى جنب مع الحيوانات المفترسة! في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين انتشرت حدائق الحيوانات البشرية في المدن الأوروبية الكبرى لندن وميلانو وباريس وبرلين ونيويورك، وكان من الطبيعي أن تجد من ضمن الحيوانات المعروضة رجلا نوبيا وآخر من قبائل الإسكيمو وثالث من الهنود الحمر والتتار والسورينام شمال البرازيل والفلبينيين والأتراك. ومن المشهور جداً أن يأتي الزوار لمشاهدة مجموعة من الأطفال والنساء والرجال، الذين جلبوا من إفريقيا قسرا، لعرضهم في أقفاص إلى جوار الأفيال والزرافات والنعامات والقرود وبقية الحيوانات، ويقدم لهم اللحم النيئ مثل الوحوش، ليشاهد السيد الأوروبي الكائنات الغريبة، التي تعيش في مستعمراته! كما احتوت بعض حدائق الحيوان البشرية على بشر من أصحاب العاهات والعيوب الخلقية، مثل المصابين بالبهاق أو الحدب أو الأقزام، وغيرهم! كانت هذه الحدائق من أكثر الأماكن جذبا ودرا للأرباح، فعند إقامة معرض أو فتح حديقة جديدة كان يأتي أكثر من 400 ألف زائر، وفي عام 1831 بلغ عدد زوار الحديقة الموجودة في باريس وحدها 34 مليون زائر خلال ستة أشهر فقط! ومن أشهر الشخصيات التي تم عرضها في حدائق الحيوانات عام 1904 رجل من الكونغو، يدعى أوتا بينجا، وكان متزوجا ولديه طفلان، قام أحد الباحثين المبشر والتاجر الأمريكي صاموائيل فيليبس بشرائه وتقييده بالسلاسل، بعد أن تم قتل زوجته وولديه وتدمير قريته بالكامل، وذلك بناء على عقد تجاري بينه وبين ويليام جون ماكري، المتخصص في علم الأعراق البشرية، ووضع في قفص ونُقل إلى الولايات المتحدة، حيث قام علماء نظرية التطور لدارون، التي تقول إن أصل الإنسان قرد، بعرضه على الجمهور في معرض الأنثروبولوجي العالمي في سانت لويس، إلى جانب أنواع من القردة، وقدموه بوصفه أقرب حلقة انتقالية للإنسان، وبعد عامين نقلوه إلى حديقة حيوان في نيويورك، ونظراً لفقدانه الأمل في العودة، وعدم قدرته على تحمل المعاملة التي تعرض لها فقد انتحر عام 1916!
مشاركة :