بين ذكاء المجرم وفراسة المحقق تظهر الحقيقة أو تختفي

  • 1/1/2023
  • 21:41
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

التحقيق الجنائي هو علم اكتشاف الجريمة ومكافحتها، وهو علم مستقل يعتمد في تطبيقه على مجموعة من العلوم الأخرى كعلم النفس والاجتماع، كما يستهدف ضبط الجريمة والقبض على الجناة.ويلاحظ أيضا أن الخبرة في التحقيق الجنائي ليست بالأمر الميسور والمكتسب عن طريق الدراسات النظرية، لكنه في واقع الأمر حصيلة جهد شاق وممارسة فعلية لكل ما يتعلق بهذه المهنة الشاقة، ولا يعني هذا التقليل من الدراسات النظرية القواعد والنظريات العلمية ولكن نؤكد أن الفراسة وبعد النظرة وسبر مآلات الأمور فطنة تكتسب من خلال الممارسة المضنية في العمل.إن التحقيق الجنائي صراع بين المحقق والمجرم؛ فالأول ينشد الحقيقة عن الجريمة والثاني يحاول التضليل وطمس الحقائق حتى يفلت من العقاب، ولكن بقدر ما يكون للمحقق الجنائي من خبرة وفراسة وإلمام بالعلوم الجنائية والنفسية وبقدر ما يتمتع به من كفاءة ومقدرة وسيطرة على المواقف التي يواجهها بقدر ما تكون النتيجة في صالح التحقيق إرساء لقواعد الحق والعدل.إن من المعروف أن أرباب السوابق والمجرمين لديهم درجة ذكاء عالية في المحاولة على إخفاء آثار الجريمة ومسح الأدلة التي قد تجر إلى حبال الحقيقة وللذكاء عدة معان، فقد يكون معناه الاستدلال أو الاستنتاج أو التفكير المجرد أو الابتكار أو المعرفة الكثيرة، كما تلعب الوراثة والبيئة والظروف دورا كبيرا في تحديد ذكاء الفرد فقد يكون الإنسان ذكيا ولكن البيئة لا تنشط هذا الذكاء أو قد يكون ذكاؤه خاملا ولكن الظروف تجعل منه شخصا ذكيا ومحتالا!لا توجد نظريات دقيقة تربط الذكاء بالجريمة ولكن كلما كان المجرم متمرسا على الإجرام وعلى حسب نوع الجريمة يحدد نوع ذكائه وقدرته على الإفلات من العدالة، أما الأغبياء الذين يقومون بجرائم لا تعد معقدة في نظر رجال الأمن والتحقيق فإن هؤلاء سرعان ما يقعون في يد العدالة.إن عمل المحقق من أهم وأجل الخدمات التي يؤديها الفرد لمجتمعه لما في هذا العمل من مسؤوليات جسيمة وواجبات متعددة ولما يترتب عليه من نتائج بعيدة المدى تنعكس على استقرار الأمن وحقوق الناس.إن التحقيق الجنائي مهنة شيقة وممتعة وما إقبال الناس على قراءة القصص البوليسية بشغف إلا مظهر لما لهذه المهنة من طبع شيق ومقبول، ولذلك لا بد أن يتمتع المحقق بصفات أو قد يكتسب صفات من خلال الدربة والممارسة والتجربة ويجب أن تكون له صفات خاصة واستثنائية مثل اليقظة الشديدة والانتباه القوى والملاحظة وأن يكون سليم الطبع بعيدا على سلوك الثرثرة والاستعراض، حيث تميل النفس إلى حب الاستعراض أمام الآخرين ولما يتمتع عمل المحقق من خطورة وسرية فلذلك يجب أن يكون صندوقا مقفلا لا يعلم ما بداخله متجردا من الزهو والغرور وحب نفخ الذات لأنه يؤدي رسالة سامية في المجتمع.إضافة إلى ذلك يجب أن يكون المحقق ذا علم ودراية في كل العلوم التي تتعلق بعمله وكذلك يكون متقنا لعملية التحقيق وفق الأصول العلمية والقانونية وعليه أن يركز في أداء عمله على جمع الأدلة التي تثبت وقوع الجريمة وتدين مرتكبيها لأن الأصل في الإنسان البراءة والمتهم برئ حتى تثبت إدانته، كما يلزم المحقق بالإضافة إلى ذلك ليكون النجاح رائده ألا يكون ذا رأي قاطع منذ أول وهلة وألا يعتقد أنه من المحال الوصول إلى نتائج أفضل مما حقق ما لم تنكشف الجريمة تماما.وعليه دائما أن يتذكر أن كلما كان يتحلى بالصبر والعزيمة والعلم وفهم كيفية تكييف الواقعة طبقا لصحيح القانون كانت قبضته مليئة بالسيطرة على المجرم، وكلما كان قليل صبر يسعى إلى الوصول إلى النتائج بسرعة ولو خالفت إجراءات التحقيق القانون كان المجرم في عافية وسلامة من الوقوع في يد العدالة.[email protected]

مشاركة :