دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي المجلس النيابي إلى وقف ما سماه «المسرحية الهزلية» في انتخابات الرئاسة اللبنانية، مؤكداً أن انتخاب الرئيس «لا يتم ببدعة الاتفاق المسبق عليه - فهذا نقيض نظامنا الديمقراطي - بل بالاقتراع المقترن بالتشاور والحوار». كما طالب من جهة أخرى السياسيين الذين يعرقلون التحقيق في انفجار بيروت رفع أيديهم عن القضاء وعدم تعطيل دوره. وجاء كلام الراعي في قداس رأس السنة، حيث أبدى أسفه من أن «المسؤولين السياسيين في لبنان يجهدون في تهديم السلام السياسي والأمني والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، فيما دول العالم تأتي وتعرض كل أنواع المساعدات لنهضة لبنان من دون أن تلقى آذاناً مصغية ولا تجاوباً»، مضيفاً: «فليقتنع الجميع بأن باب الحل والخروج من أزماتنا يمر عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وسأل: «أين ما بقي من سلطات؟ وأين ما بقي من صلاحيات للمؤسسات؟»، منتقداً ممارسات بعض الوزراء بالقول: «وزير يقاطع مجلس الوزراء يوماً ويشارك فيه يوماً آخر. وزير يمتنع عن توقيع مراسيم تفتقر إلى التوافق بشأنها، ويوقع في اليوم التالي غير عابئ بموقفه السابق بغض النظر عن أهمية المرسوم». وتابع الراعي: «مع رغبتنا في استمرار عمل الدولة، نرفض تمرير مراسيم لا تنسجم مع الدستور ولا تأخذ في الاعتبار الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية، ولو كان المنصب شاغراً، كما فعل بعض الوزراء. عبثاً تحاول المؤسسات الدستورية والخبراء المحيطون بها ابتداع تفسيرات دستورية لتسيير أعمالها وتحليل صلاحياتها. المطلوب واحد، انتخاب رئيس للدولة، وهو رئيس نزيه، شجاع، مهاب ولا يهاب، جامع المكونات الوطنية، يعيد الأمور إلى نصابها، يضع جميع الأطراف تحت كنف الدولة، يعمل على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وعلى إيجاد حل للاجئين الفلسطينيين، ويأخذ المبادرات على الصعيدين العربي والدولي ليعيد لبنان إلى مكانته التاريخية، وليصيغ دوراً خلاقاً جديداً لهذا الوطن التاريخي». لكنه شدد في الوقت عينه على أن «انتخاب الرئيس لا يتم ببدعة الاتفاق المسبق عليه - فهذا نقيض نظامنا الديمقراطي - بل بالاقتراع المقترن بالتشاور والحوار، يوماً بعد يوم، لا مرة كل أسبوع. فيتوقف عندئذ المجلس النيابي عن تلك المسرحية الهزلية التي مارسها عشر مرات. نتمنى من صميم القلب ألا يكون هناك من يتقصد بتر رأس الجمهورية، وتعطيل المؤسسات ليظهر لبنان دولة فاشلة غير مؤهلة للوجود أو للبقاء كما هي، ولا بد، بالتالي، من تغييرها وبناء دولة أخرى على نسق الدويلات التي تتفشى في منطقة الشرق الأوسط، فلا تأخذ بالاعتبار الديمقراطية والتركيبة التعددية. ونقول إنها لمفخرة للنواب أن تسجل أسماؤهم في سجل الذين عملوا على إنقاذ لبنان من خلال انتخاب رئيس مميز. فلا تخيبوا آمال الشعب الذي انتخبكم. وهلموا إلى هذا الإنجاز العظيم في مطلع السنة الجديدة». وأكد الراعي أن «قضية تفجير المرفأ هي قضية وطنية تطال كل مواطن ومواطنة وكل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها مؤسسة القضاء. وهي لا تقتصر على حقوق أهالي الضحايا والمصابين والمتضررين، بل تشمل الوطن برمته الذي تضرر ضرراً جسيماً في المرة الأولى: عند وقوع الانفجار وسقوط الضحايا والشهداء الذين أصبحوا أكثر من 245 وإصابة آلاف الجرحى والمعوقين والمتضررين في أرزاقهم. وفي المرة الثانية بسبب عرقلة التحقيق وتجميده منذ سنتين ونصف، وهذه العرقلة هي جريمة بحد ذاتها. ولا يجوز أن تمر من دون محاسبة كما لو كانت حادثة عابرة».
مشاركة :