قليل من الأماكن حول العالم يمكنها أن تجذب السياح في كل عام بوتيرة متصاعدة وبأعداد تفوق التصور، ولكن عندما يتعلق الأمر بمقاطعة بافاريا الشهيرة في جنوب ألمانيا فإن كل الاحتمالات تصبح ضمن حدود الواقع وذلك بسبب التنوع الفريد الذي تتميز به تلك المنطقة من أوروبا. التطور والتقليد، الإبداع والتراث، المساحات الواسعة والأزقة الضيقة، والطبيعة البكر هي فقط أمثلة عن المشاهد التي يمكنك أن تجدها في بافاريا أو الولاية الحرة كما هو معروف عنها. تزخر بافاريا التي تشغل معظم الأجزاء الجنوبية من ألمانيا بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة التي تمتاز بهوائها النقي ومشاهدها الساحرة التي تنعش القلب وتأسر العقول، وتشتهر بافاريا أيضاً بثرائها الثقافي ونمط الحياة البافاري الخاص الذي يستحق أن يوصف بالراحة المطلقة، وتتنوع الأنشطة الترفيهية والسياحية فيها سواء كانت مهرجانات شعبية أو عروض أوبرا أو حفلات موسيقية أو معارض رسم حيث يستمتع الزائرون بمشاهدة أجمل اللوحات الفنية الحديثة. وعندما نأتي إلى التاريخ فحدث ولا حرج حيث تشهد قلاع العصور الوسطى والقصور الفخمة العديدة، والكنائس الباروكية إلى جانب المراكز البافارية الكبرى، على عظمة بافاريا عبر التاريخ. يزور ولاية بافاريا كل عام أكثر من 7.5 مليون سائح، لمشاهدة جمال طبيعتها الساحر ولكثرة المعالم السياحية والثقافية فيها. قصر نويشفان شتاين عندما تبدأ رحلتك في ربوع بافاريا فإنك ستلاحظ أو ستشعر بأن كل بلدة أو مدينة في تلك المقاطعة الرائعة يوجد فيها حصن شامخ أو كنيسة خالدة أو قصر فخم يعود إلى القرون السابقة. يعتبر قصر نويشفان شتاين الذي يتميز بجمال تصميمه وبنائه الخيالي على قمة إحدى الهضاب البافارية التي تحيط بها الأشجار الكثيفة في منظر رائع ومدهش بالقرب من بلدة فيوشين، من أهم عناصر الجذب السياحي في بافاريا ويزوره وحده كل عام أكثر من 1.4 مليون سائح. قرر الملك لودفيغ الثاني إنشاء القصر في القرن التاسع عشر نسبة إلى فارس البجع لوهينغرين، وهو إحدى شخصيات الأوبرا للموسيقار فاغنر الذي كان أحد أفضل الموسيقيين بالنسبة للملك. سمحت السلطات الألمانية للزوار بفرصة دخول القصر ورؤية مقتنياته والاستمتاع بالإطلالات الرائعة والساحرة التي يوفرها القصر من على شرفاته الملكية. وليس بعيداً عن القصر في جزيرة تشيمسي التي تحيط بها مياه عدد من البحيرات، يقع قصر آخر لا يقل جمالاً عن الأول ويحظى أيضاً بزيارة أعداد كبيرة من السياح سنوياً إنه قصر هيغين تشيمبسي الذي يشبه في تصميمه القصور الفرنسية وهو أيضاً بني بأمر من الملك لودفيغ الثاني ليكون مكاناً لإقامته الخاصة في أيام الصيف، ويمكنك رؤية قوارب الرحلات تجوب البحيرات حول القصر الرائع. تعتبر مقاطعة بافاريا موطناً لأشهر ماركات السيارات العالمية حيث يوجد في مدينة ميونخ مقر شركة بي إم دبليو العملاقة، في حين يقع مقر شركة أودي في مدينة إنغولشتديت. يتجه عشاق آخر موديلات السيارات إلى معرض شركة بي إم دبليو وهو المعرض الضخم والمجاني الذي افتتحته الشركة لتعرض فيها أحدث منتجاتها من السيارات ويقصده عدد كبير من السياح الذين يزورون بافاريا، وبالقرب من ذلك المعرض يقع متحف بي إم دبليو التاريخي للسيارات والذي يعرض مجموعة من السيارات التاريخية التي صنعتها الشركة عبر تاريخها منذ إنشائها عام 1913، إضافة إلى إمكانية المرور على مصنع الشركة القريب ورؤية عملية صنع بعض السيارات. متاحف بافاريا يوجد في بافاريا عدد من المتاحف الرائعة والاستثنائية والتي يمكن أن تأخذ عدة أشهر من الزائر لتغطيتها جميعاً، بعض من تلك المتاحف تم تصنيفها على أنها الأفضل من نوعها في أوروبا. سيكون من السهل عليك الوصول في البداية إلى مجموعة متاحف بيناكوثيكان العالمية والتي تضم سلسة من المتاحف أشهرها بيناكوثيكان القديم الذي يعتبر أحد أقدم المتاحف في العالم ويضم مجموعة من اللوحات التاريخية الرائعة لعدد من الفنانين العالميين، وأيضاً متحف نيو بيناكوثيكان وصالة بيناكوثيكان الحديثة للفنون. وإلى الشمال من مركز مدينة ميونيخ نجد المتحف الألماني أو متحف التقنية والعلوم الذي بني عام 1903 ويضم مجموعة من الآلات والسيارات والسفن والطائرات التي تعود إلى بدايات القرن العشرين. أما المدينة الثانية من حيث الأهمية في بافاريا فهي مدينة نورنبيرغ والتي تضم هي الأخرى مجموعة من أجمل المتاحف وأغناها في التراث العالمي أهمها المتحف الوطني البافاري الذي يعتبر أكبر متحف شامل للحضارة الألمانية ويحتوي على العديد من الآثار والرسومات الرائعة التي تجسد ألمانيا في فترة الحروب العالمية. جبال الألب البافارية يعتبر أقصى الجنوب البافاري موطن الطبيعة بشكلها التام والخالي من أي تدخل للإنسان والتي تتمثل في الأنهار الغزيرة والبحيرات الكريستالية العديدة، والحدائق الوطنية والمحميات الطبيعية وصولاً إلى الغابات الكثيفة التي تنتشر على طول السلسلة الوسطى لجبال الألب التي غالباً ما تكون مغطاة بالثلوج، الأمر الذي يزيد المشهد حسناً وروعة. تتميز جبال الألب البافارية والتي تفصل ألمانيا عن جارتها النمسا بتضاريسها الرائعة التي تتنوع بين القمم الشاهقة والأودية المنخفضة. تعتبر قمة تسوغ شبيتسه في جبال الألب من الجهة الألمانية أعلى قمة جبلية في ألمانيا ويبلغ ارتفاعها 2962 متراً ولا يضطر الزوار الراغبين بالوصول إلى أعلى القمة إلى تسلق كل تلك الأمتار، حيث يوجد قطارات معلقة لنقلهم إلى القمة للتمتع بالمنظر الخلاب. ويعد منتجع غارمستش الشتوي المجهز بشكل رائع، والذي شيد على سفوح الألب تحت قمة تسوغ شبيتسه، من أكثر الأمكنة التي يقصدها السياح شتاء وذلك لأنه يوفر لهم بيئة مثالية للتزلج. بحيرات فنف زين لاند تضم المنطقة الواقعة بين ميونخ وجبال الألب عدداً من البحيرات الساحرة التي تنتشر أسفل الهضاب المرتفعة والتي تنعكس على مياهها الصافية البيوت القروية والكنائس المقببة في جوٍ هادئ لا يكسره سوى أصوات بعض الطيور. يمكن الوصول إلى تلك المنطقة والتي تسمى فنف زين لاند و تعني منطقة البحيرات الخمس، من محطة ميونخ، حيث يأخذ السياح القطار المتجه إلى مدينة ستارنبيرغر ليصلوا إلى تلك الجنة الساحرة. يوجد في تلك المنطقة من بافاريا خمس بحيرات غاية في الروعة والجمال وأشهرها بحيرة ستارنبيرغ التي تتميز بمنسوب مياهها العالي وحجمها المثالي وتعتبر البحيرة التي شهدت حادثة موت الملك لودفيغ الثاني الغامضة عام 1886،حيث قيل إنه قضى غرقاً في البحيرة. على بعد عدة كيلومترات غرب ستارينبيرغ تقع بحيرة كونيغ زيه والتي تعتبر من أجمل البحيرات في بافاريا وتتميز بمياهها الصافية التي تحيط بها المنحدرات الصخرية الشاهقة وتشكل بيئة رائعة للقيام بالنزهات والتخييم لبعض الأيام.
مشاركة :