انطلق نهاية الأسبوع الماضي المؤتمر السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يستمر 4 أيام بحضور 40 من رؤساء الدول والحكومات تحت عنوان: تحديات الثورة الصناعية الرابعة، والتي حذّر تقرير صادر عن المنتدى من تعرض أكثر من 7 ملايين وظيفة حول العالم للفناء، معظمها من وظائف النساء، وذلك خلال الخمس سنوات القادمة بسبب التكنولوجيا المتقدمة، والتي وصفها تقرير المنتدى بـ»الثورة الصناعية الرابعة»، وهذا الأمر سيساهم في اتساع الفجوة بين الجنسين في مجال الوظائف، مشيرين بأن الحكومات ستواجه المزيد من الضغوط لارتفاع معدلات البطالة، وتخلص العديد من القطاعات وخاصة قطاع الخدمات المالية من عدد كبير من الموظفين، وذلك بسبب تأثير التكنولوجيا الحديثة. ظهرت الثورة الصناعية الأولى في إنجلترا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وانتقلت بعد ذلك إلى دول غرب أوروبا ومن ثمّ إلى جميع أنحاء العالم، وقد ساهمت الثورة الصناعية في تنشيط الحياة الاقتصادية، فظهر نظام اقتصادي جديد كان له بالغ الأثر على المجتمع الأوروبي. وقد أدت الثورة الكبيرة إلى تقدم إنجلترا وجعلها من أغنى دول العالم، كما عملت على نقل المجتمع من المجتمع الريفي والذي تسيطر عليه الفلاحة إلى المجتمع الحضري والذي تسيطر عليه التكنولوجيا. اليوم وفي هذا المنتدى، سيتم مناقشة أزمة تزايد هجرة اللاجئين، وسيتم أيضاً تناول قضية الإرهاب في المنطقة التي تساهم في زيادة أعداد اللاجئين الفارين والمهاجرين هرباً من نار الحروب والاضطرابات، معرّضين أطفالهم وأسرهم لمخاطر عدة، كالغرق أو الموت من البرد أو الجوع أو الوقوع في أيدي الإرهابيين، كما سيحرص المنتدى على مناقشة الأوضاع الاقتصادية وارتفاع مستويات الائتمان وهبوط أسعار النفط وتدهور الأسواق المالية المختلفة في العديد من دول العالم. منتدى دافوس، هو مؤتمر النخبة الذين يتحدثون عن أوضاع العامة، وهو منتدى الأقلية التي تتحدث عن أوضاع الأكثرية، وهو منتدى الأغنياء الذين يناقشون فيه السبل الممكنة لمساعدة الفقراء، ولو نظرنا إلى تكاليف تنظيم هذا المنتدى وخدمات النجوم الخمس التي تقدم لرواده وسخرناها فعلاً لخدمة العالم لكان أجدى وأهمّ من تجميع كل أولئك الأغنياء للحديث عن القضايا الماسّة التي يواجهها في الحقيقة الفقراء فقط حول العالم، فهو ليس منتدى ثورة صناعية رابعة، بل منتدى ثورة الأغنياء ضد الفقراء. Ibrahim.badawood@gmail.com