انزاح الاستعمار الأوروبي عن الأراضي العربية في منتصف القرن العشرين باعتبارها تركة عثمانية من الإمبراطورية التركية كانت تسيطر على معظم العالم الإسلامي و تؤثر على جنوب وشرق أوروبا، تزحزح الاستعمار الأوروبي عن الجغرافيا العربية لكنه كان ممسكا بمحابس السياسة وأنفاس اقتصاد العرب باعتبارهم رعايا للدول والشراكات الأوروبية التجارية العملاقة. العرب حينها وبعد الحرب الأولى وتخلي الدولة العثمانية عن الخلافة الإسلامية أصبحوا أبوابا مشرعة للغرباء والغزاة، وقبل ذلك كانت دولة كيانات قوية تجمعها الخلافة الإسلامية التي كسرت الإمبراطورية الساسانية الفارسية الإيرانية، وأفشلت الاجتياح الأوروبية وعطلته أكثر من (12) قرن ، من القرن السابع الميلادي عند نشأة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة زمن الخلافة الراشدة وحتى أوائل القرن العشرين عشية نهاية الحرب الأولى في الربع الأول من القرن العشرين، فكانت الخلافة الإسلامية في عواصم العرب والعالم الإسلامي هي السد المنيع ضد اجتياح المنطقة في كل مرحلة من مراحلها بدءا من عاصمة الخلافة المدينة المنورة تلتها دمشق في بلاد الشام، ثم بغداد في العراق، ثم القاهرة في مصر،وأخيرا أسطنبول في تركيا وآسيا الصغرى أو غرب آسيا التي أعلنت نهاية الخلافة الإسلامية وقيام تركيا الحديثة عام 1923م. كان للعرب مشروعا وطنيا كبديل للخلافة الإسلامية هو منظمة جامعة الدول العربية التي يصل تعداد سكانها إلى حوالي (350) مليون نسمة تأتي بعد الصين والهند والاتحاد الأوروبي أي رابع تجمع ديمغرافي في العالم لو اتحد سكانيا واتحد جغرافيا كونه الثاني عالميا من حيث المساحة بعد روسيا لكان الوطن العربي قوة تسطيع المواجهة والتأثير وتكون واحدة من الحسابات السياسة العالمية، ليس كما هي عليه اليوم من دول تحتل عواصمها وتضرب مدنها من أمريكا وروسيا وأوروبا وإيران حتى ولا تستأذن أو تشعر الأمم المتحدة ولا أحد يبالي بالمساحة الجغرافية أو الكثافة السكانية. إيران تدخلت في أربع دول: العراق وسورية ولبنان واليمن. وروسيا تقصف جميع الأراضي في سورية، وغرب أوروبا يتحكم بالقرار السياسي والعسكري في ليبيا، وفلسطين محتلة من إسرائيل، والصومال مصيره معلقا بالقوى الغربية، وليس أمام العرب في هذا الوقت سوى العودة إلى بناء المشروع العربي الوحدوي والقومي عبر جامعة الدول العربية الذي غيبت باعتبارها واحدة من القوميات المرفوضة، وبالمقابل تتلاحم القوميات من حولنا والتكتلات السياسية في إيران وأوروبا وروسيا، فهي في تسرع ونحرم منها نحن العرب، بل هناك من يطالب بإلغائها وتعطيل مشروعها العروبي.
مشاركة :