«أفاتار 2 طريق الماء» .. باندورا برسائل إنسانية

  • 1/4/2023
  • 23:36
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بدأ عرض فيلم "أفاتار2.. طريق الماء" قبل أيام من نهاية 2022، الذي بدوره شهد كثيرا من الأزمات السياسية والمناخية والاجتماعية، التي تهدد الوجود الإنساني في عمقه، ولأن السينما كانت وما زالت مرآة المجتمع، تطرح العناوين المقلقة وتعالج المسائل الشائكة، كان لا بد من إيجاد عالم مثالي، يشبه العالم الذي نسعى إلى إيجاده كل على طريقته. ظهرت ملامح هذا العالم للمرة الأولى في 2009 في عالم "باندورا" مع الجزء الأول من فيلم "أفاتار"، الذي ملأ الدنيا حينها وشغل الناس لكونه قدم دراما متكاملة، وبراعة غير مسبوقة في استخدام تقنيات عالية لم نألفها من قبل. وبعد انتظار 13 عاما نعود من جديد إلى عالم "باندورا" المذهل والمثالي الخالي من الحقد والشر، الذي يحلم به أي إنسان على هذه الأرض، بتقنية فنية عالية، تنقلنا خلال ثلاث ساعات إلى عالم يكسر القيود ويعيد الأمور إلى نصابها، يحافظ على الأسرة ويدعم التواصل الاجتماعي، ويعزز العمل ضمن فريق من أجل حماية الجميع. نجح مخرج الفيلم ومؤلفه جيمس كاميرون في استخدام تقنية رقمية ثلاثية الأبعاد مرة جديدة، ليبهر المشاهد ويجعله جزءا من الحركة والموسيقى والصورة. هذا التزاوج بين الفعل ورد الفعل في مشهديه صورت بمعظمها تحت الماء، تنقلنا إلى تحفة فنية مختلفة في شكلها وإن كان مضمونها مكررا بشكل أو بآخر. "أفاتار2 طريق الماء"، تجربة سينمائية ثلاثية الأبعاد تحيكها موسيقى المغني الكندي ذا ويكند ما يوجد مشهدا مبهرا ويتيح للمشاهد الإحساس بكل حركة والتفاعل معها. رسالة من تحت الماء يبدأ الفيلم الجديد من حيث انتهت أحداث فيلم "أفاتار1" الذي عرض في 2009، وتم تصويره جزئيا تحت الماء، ضمن توليفة من الأحداث التي تجري في المحيط الشاسع المليء بالوحوش، وتم اختيار العنوان "طريق الماء"، للتأكيد على شغف مخرجه كاميرون وتأكيده معاني يجدها في الماء فهو "الجامع بين كل الأمور" من أسباب الحياة، والمكان الذي يغوص فيه المرء لفهم الآخر إنسانا كان أو حيوانا. إنه المنطقة التي يتصالح فيها السابح مع سبب الحياة الأول. يتناول الجزء الثاني من "أفاتار" حياة جيك سولي ونيتيري بعد الزواج، إذ أصبح لديهما أطفال، وعليهما حماية الأسرة من أي تهديد جديد، لكن يتحتم عليهما مفارقة منزلهما واكتشاف أرجاء شتى على كوكب "باندورا" لينهيا ما بدآه، إضافة إلى خوض المعارك التي يقاتلان فيها للحفاظ على وجودهما للبقاء والاستمرار، على الرغم من كل المآسي التي يتحملونها. ويظهر لأول مرة نجل أبطال الفيلم الذين عشنا مع قصة حبهم في الجزء الأول. يعود المخرج بتحفة جديدة يستعيد فيها عالم كوكب "باندورا" بكائناته المتخيلة المخيفة، ليلقي الضوء على أولاد "جايك ونيتيري"، حيث يضطر "جايك" لطلب اللجوء، حماية لعائلته المتماسكة بشكل مثير، ويتعاضدون في مواجهة "جماعة السماء" التي تبحث عن "جايك" للانتقام منه، ويتعرض أولاده للاختطاف، وتتصدى "نيتيري" مؤكدة أن والدها أعطاها القوس لحماية الشعب، لينتقل الفيلم بأحداثه بعد ذلك من الوجود البري إلى عالم البحار، ويؤكد أن المياه تربط كل الأشياء من الحياة إلى الموت. هذا في المعنى العام للقصة لكن إذا أخذنا أبعادها الثلاثية، نجد أن العمل يظهر أهمية الروابط العائلية في كوكب بات ساما ولم يعد صالحا للحياة بسبب تلوث البيئة. ليست عظمة الفيلم بالجرافيك، لأنه عبارة عن إنفاق مالي وتكنولوجي، لكن لتطوير القصة وقدرتها على التأثير فينا، من خلال عشر شخصيات ملهمة تدور بينها حوارات متميزة ورسائل عديدة يحملها العمل، عن الأسرة وروح التضامن بين أفرادها. تقنيات أكثر إبهارا ينقلنا الفن في إتقان الخدع والمؤثرات داخل الفيلم إلى حالة من التماهي مع ما نراه، وفي لحظة ما نصدق وجود عالم أفتار الخيالي. يحشد المخرج كل ما يستطيع تحقيقه من تفاصيل وإعجاز لكسب الرهان على أن لا أحد آخر في هوليوود، قديما أو حديثا، استطاع أو يستطيع تجاوزه بشد المشاهد بالصورة والصوت إلى عالم من ابتكاره، فيه شخصيات تنطق بلسانه ومؤثرات تقودنا إلى حيث يريد. أثار عرض الفيلم بين الحضور حالة من الإبهار، لتفوق وتجانس جميع عناصره الفنية، من تصوير وموسيقى ومؤثرات وأداء أبطاله، وقد راهن جيمس كاميرون على أن الجماهير لن تعود فقط إلى باندورا بعد 13 عاما، بل ستفتح أعينها لمشاهدة تقنيات جديدة لفيلم تم تصويره في 48 إطارا في الثانية. "أفاتار2" يعرض 24 صورة ثابتة على الشاشة كل ثانية، ما يوجد مشهدا مبهرا ويتيح للمشاهد الإحساس بكل حركة. وكان الهدف من التقنيات الجديدة المستخدمة هو إنشاء تجربة بصرية سلسة تزيد من المظهر الجمالي والسينمائي لكل لقطة في الفيلم، مستخدما تقنية رقمية ثلاثية الأبعاد، وتم تصوير أغلب المشاهد في محيط سعته 900 ألف جالون ماء، في حوض بلغ قطره 13 مترا، تم تصميمه محاكيا لتيارات ودوامات المحيط وأمواجه المتلاطمة. الموسيقى فاجأ المغني الشهير ذا ويكند، جمهوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به، بإعلانه اختياره لغناء أغنية الجزء الثاني من سلسلة أفلام "أفاتار" الشهيرة، وقد نال تفاعلا كبيرا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي حتى إن أحدهم طالب بتغيير اسم الفيلم من "أفاتار طريق الماء" إلى "أفاتار طريق أبل" وهو الاسم الحقيقي لدى ويكند. فيما منحه أحد المتابعين جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى لفيلم، وأعلن متابع آخر بأنه سيشاهد الفيلم فقط بسبب موسيقاه الرائعة. أضافت الموسيقى التصويرية التوابل المناسبة لجعل الفيلم متكاملا في جميع عناصره، وكسر حاجز الملل رغم وقته الطويل، وأسهمت في نقل المشاهد إلى حالة من الاندماج الكلي مع القصة صوتا وصورة مع إبداع تكنولوجي رفع سقف الإبهار البصري إلى آفاق جديدة، وشهد ذروة تفوق السينما ثلاثية الأبعاد. سباق إلى 600 مليون دولار "يحتاج الفيلم إلى الوصول إلى ملياري مليار دولار لكي يدر أرباحا".. هذا ما قاله مخرج ومؤلف الفيلم جيمس كاميرون، وكتب على تويتر مغردا، "أفاتار طريق الماء" سباق إلى 600 مليون دولار في أسبوع الافتتاح". وأثبتت الأرقام أنه استطاع تحقيق مليار دولار في شباك التذاكر عالميا خلال أسبوعين من عرضه، ليصبح أسرع فيلم يجني هذه الإيرادات خلال 2022، وتصدر "الترند" على محرك البحث جوجل. بلغت تكلفة الفيلم أكثر من 400 مليون دولار، وهو من إنتاج شركة ديزني التي صرحت أن الفيلم تطلب أعواما من البحث التكنولوجي لتصميم أجهزة تسجل أدق حركات وتعبيرات الممثلين تحت الماء. وهو من بطولة زوي سالدانا، ميشيل يوه، كيت وينسلت، سام ورثينجتون، سيجورني ويفر، أونا تشابلن، وستيفن لانج. 3 ساعات غير مملة يغرد المخرج جيمس كاميرون، "لا أرغب في سماع شكوى من أي شخص بسبب طول مدة الفيلم، فهم يجلسون ويشاهدون التلفاز لمدة ثماني ساعات، لقد شاهدت أطفالي يجلسون ويشاهدون خمس حلقات على التوالي، مدة الواحدة منها ساعة، إليكم التحول الكبير في النموذج الاجتماعي الذي يجب أن يحدث، لا بأس أن تنهض وتعود إلى مشاهدة الفيلم". 192 دقيقة مدة عرض الفيلم، ورغم ذلك التقنيات العالية تمنع الملل من التسلل إلى ذهن المشاهد الذي تجذبه الحركة والصورة والتقنية ثلاثية الأبعاد مع استخدام النظارات الخاصة التي تجعل منه جزءا من "باندورا" وواحدا من سكانها الحقيقيين. يسير بخطا سريعة جدا ويترك تأثيرا بصريا مثاليا وذلك بفضل مشاهده تحت الماء.

مشاركة :