يحاول تنظيم داعش على وقع اشتداد المعارك، الضغط على العشائر في منطقة دير الزور، بشرق سوريا، للوقوف إلى جانبه في «قتال الكفار» بحسب ما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان». ولكن هذا الأمر «لم يلق تجاوبًا من قبل الأهالي الذين عانوا ويعانون من ممارسات التنظيم في منطقتهم، لكن بعضهم في الوقت عينه يبدي (تعاطفًا) محدودًا معه كردة فعل على التدخل الروسي وفي ظل القصف المستمر والمجازر التي يرتكبها طيرانه»، وفق ما يقول المقدم في «الجيش الحر» الذي يتحدر من دير الزور، مهند الطلاع. أما مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه لغاية الآن لم يظهر تجاوبا من قبل العشائر تجاه التنظيم. وهذا، في حين لا تزال المعارك العنيفة مستمرة منذ نحو أسبوع في دير الزور بين «داعش» وقوات النظام بمساندة الطيران الروسي، تحدث «تجمع دير الزور تذبح بصمت» يوم أمس، عن وقوع مجزرتين نفذهما الطيران الروسي في بلدتين بريف محافظة دير الزور هما «البو ليل والطابية الجزيرة حيث سقط أكثر من 50 قتيلاً». كان «المرصد» قد نقل عن مصادر في دير الزور قولها إن مكتب العلاقات العامة التابع لتنظيم داعش في المنطقة، عقد اجتماعًا مع شيوخ من عشائر دير الزور، مشيرة إلى أن الاجتماع تم في بلدة في بادية قرب مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، وحضره شيخ إحدى عشائر قبيلة العقيدات، وأحد شيوخ عشيرة البكارة كممثل عنها، بالإضافة لبعض شيوخ عشائر البوكمال، وشيوخ عشائر البوسرايا، ومن قبل التنظيم حضر قياديون محليون، من بينهم أبو أيمن الشامي وأبو ياسر المغربي. ونوقش خلال الاجتماع، وفق المصادر «ضرورة مناصرة شيوخ العشائر وعشائرهم للتنظيم في قتال الكفار»، لكن المصادر تقول إن الاجتماع لم ينتهِ بمبايعة العشائر للتنظيم، بل عقدت اتفاقات بين الطرفين بقيت في إطار التحفظ عن الذكر، وإن التنظيم قام بتصوير الاجتماع. ومن جهة ثانية، أكد ناشط في تجمع «دير الزور تذبح بصمت» أن ضغوطا يقوم بها «داعش» في محاولة منه لإجبار العشائر على القتال إلى جانبه مستخدمًا وسائل عدة، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أئمة المساجد بدأوا يحثون الناس على الالتحاق بالتنظيم والقتال إلى جانبه»، لافتًا في الوقت عينه، إلى أنه وفي موازاة ذلك، قامت قوات النظام باعتقال عشرات الشباب المدنيين من الأحياء المحاصرة وزجهم في المعارك ضد «داعش». ولقد أشار المقدم الطلاع لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه كانت قد عقدت اجتماعات في وقت سابق بين «داعش» وعشائر دير الزور، بحيث فرض «داعش» شروطًا عليها، تتضمن بشكل أساسي تقديم مبالغ مالية للتنظيم إضافة إلى السلاح والذخيرة والرجال للقتال إلى جانبه. وأوضح أنه «رغم رفض الأهالي للتنظيم الذي عانوا ويعانون منه، بات هناك (تعاطف) معه من قبل البعض، من دون أن يعني ذلك حصوله على (الحاضنة الشعبية)»، وتحديدًا بعد بدء التدخل الروسي والمجازر التي تنفذ يوميًا بحق المدنيين، كان آخرها أمس، بينما لا يزال كثيرون منهم أيضًا يرون في هذا التنظيم ووجوده في منطقتهم السبب الأساسي الذي أدى إلى هذا الوضع. ولفت إلى أن عشيرة البكير، وهي إحدى أكبر العشائر في المنطقة، التابعة لعشائر العقيدات، تبدي تعاطفا مع التنظيم. الطلاع يقول إنه بينما يقدر عدد سكان دير الزور بـ800 ألف نسمة، فإن معظم الذين يقاتلون إلى جانب التنظيم هم من المناصرين وليس المبايعين، موضحا: «غالبيتهم من أبناء المنطقة ويقاتلون للدفاع عن منطقتهم، إنما لا ينتقلون للقتال في مناطق أخرى». وبالنسبة للمعارك، لا تزال المعارك العنيفة بين «داعش» وقوات نظام الأسد مستمرة في محافظة دير الزور، وأصبحت اليوم ترتكز، وفق الطلاع، على أطراف عياش، محاولين تطويق مدينة دير الزور للحد قدر الإمكان من فعالية قصف الطيران الروسي. أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فذكر أن الطيران الحربي نفذ أمس عدة غارات على مناطق في أحياء التكايا والشيخ ياسين والكنامات. وكانت معارك الأسبوع الماضي قد أدت إلى سيطرة «داعش» على منطقة البغيلية أولاً، تبعها سيطرته على جزء من مستودعات عياش ومعسكر الصاعقة، الأمر الذي مكنه من فتح طريق إمداد بين مناطق سيطرة التنظيم بريف دير الزور الغربي والمناطق التي تمكن من التقدم إليها في القسم الشمالي الغربي من مدينة دير الزور، عاصمة المحافظة، وقد تمكن بعد ذلك السيطرة على تلة الحجيف الاستراتيجية والاستيلاء على أسلحة وذخيرة بكميات ضخمة منها ومن مستودعات عياش ونقلها لمناطق سيطرته، بالإضافة للسيطرة على جامعة الجزيرة الخاصة وتعزيز سيطرته على الحي والسيطرة على أراضٍ زراعية عند أطراف مدينة دير الزور.
مشاركة :