الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس

  • 1/5/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يورغن هابرماس فيلسوف وعالم اجتماع ألماني معاصر (18 حزيران 1929م)، يعتبر من أهم علماء الاجتماع والسياسة في عالمنا المعاصر. ولد في دوسلدورف، ألمانيا وما زال يعيش بألمانيا. يعد من أهم منظري مدرسة فرانكفورت النقدية له أزيد من خمسين مؤلفاً يتحدث عن مواضيع عديدة في الفلسفة وعلم الاجتماع وهو صاحب نظرية الفعل التواصلي. إنه بالفعل يعتبر الوريث الرئيس المعاصر لتركة مدرسة فرانكفورت كما يعبر عن ذلك ايان كريب، وعلى الرغم من أن هناك أفكاراً مشتركة واضحة بينه وبين أسلافه، فإنه نحا بهذه المدرسة منحى مختلفاً. وإذا كان ما يجمع أعمال أدورنو وهوركهايمر وما ركوزه الاهتمام الشديد بحرية الإنسان مهما بعدت إمكانية وجود تلك الحرية عن أرض الواقع، فإن هابرماس أقل حماساً في هذا الجانب رغم وجوده. إنه يتحرر من التذبذب بين التفاؤل والتشاؤم ويركز جل تفكيره بدلاً من ذلك على تحليل الفعل والبنى الاجتماعية، ولا جدال في انتماء هابرماس إلى اليسار، إلا أنه، وربما بشكل غير متوقع ينتقد التقاليد الفكرية التي تنتمي إليها، الأمر الذي انتهى به إلى النأي بنفسه عن الحركة الطلابية التي ظهرت في الستينات. ويمكن النظر إليه، أولاً، باعتباره متماسكاً بتصور يزاوج بين البنية والفعل في نظرية كلية واحدة. وثانياً، بوصفه مدافعاً عن مشروع الحداثة، بالأخص عن فكرتي العقل والأخلاق الكليين. أما حجته في ذلك فهي أن مشروع الحداثة لم يفشل بل بالأحرى لم يتجسد أبداً، ولذا، فالحداثة لم تنته بعد. ويظهر أن هذا الموقف يضعه في اتجاه معارض تماماً مع أسلافه بالنظر إلى موقفهم من نقد عقل التنوير، إلا أن موقفه يتضمن الإصرار على جدل التنوير، أي أن عملية التنوير لها جانبان: يتضمن أحدهما فكر البناء الهرمي والاستبعاد، في حين يحمل الجانب الآخر إمكانية إقامة مجتمع حر يسعد به الجميع على الأقل. إن نظرية ما بعد الحداثة تفتقد حسب هابرماس إلى هذا العنصر الأخير. أما المصالح المعرفية فتعني عند هابرماس أننا دائماً نطور المعرفة لغرض معين، وتحقيق ذلك الغرض هو أساس مصلحتنا في تلك المعرفة، والمصالح التي يناقشها هابرماس هي مصالح مشتركة بين الناس جميعاً، بحكم أننا أعضاء في المجتمع الإنساني، فيذهب هابرماس إلى أن العمل ليس وحده ما يميز البشر عن الحيوانات، بل واللغة أيضاً، فالعمل يؤدي إلى ظهور المصلحة التقنية، وهي المتمثلة في السيطرة على العمليات الطبيعية واستغلالها لمصلحتنا. وتؤدي اللغة، وهي الوسيلة الأخرى التي يحوّل بواسطتها البشر بيئتهم إلى ظهور ما يدعوه هابرماس «المصلحة العملية» وهذه بدورها تؤدي إلى ظهور العلوم التأويلية. ويذهب هابرماس إلى أن المصلحة العملية تفضي إلى نوع ثالث من المصلحة وهي مصلحة الانعتاق والتحرر، وهذه الأخيرة تسعى لتخليص التفاعل والتواصل في العناصر التي تشوهها عن طريق إصلاحها ومصلحة الانعتاق والتحرر تؤدي إلى ظهور العلوم النقدية. دّم هابرماس مفهوم «إعادة بناء العلوم» Reconstructive science لهدف مزدوج: لوضع «نظرية عامة للمجتمع» بين الفلسفة وعلم الاجتماع، ولرأب الصدع الحاصل بين «التنظير» theorization و»البحث الميداني» empirical research. نموذج «إعادة بناء العقلانية» يمثّل الخيط الرئيس للمسوح حول «بنى» عالم الحياة («الثقافة» و«المجتمع» و«الشخصية») واستجاباتها «الوظيفية» الخاصة (إعادة الإنتاج الثقافي، التكامل الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية). لهذا الهدف، فإن الجدل حول التمثيل الرمزي ”symbolic representation“ يجِب أن يعتبر إلحاق البنى لكل عوالم الحياة (العلاقات الداخلية) و»إعادة الإنتاج المادي» للنظم الاجتماعية في تعقيداتها («العلاقات الخارجية» بين النظم الاجتماعية والبيئة). يجد هذا النموذج تطبيقاً، قبل كل شيء، في «نظرية التطور الاجتماعي»، بدءاً من إعادة بناء الشروط الضرورية للفيلوجينيا phylogeny (التطور العرقي) لصيغ الحياة الثقافية الاجتماعية («الأنسنة») حتى تحليل تطوير “الصيغ الاجتماعية”، التي يقسّمها هابرماس لصيغ معاصرة وحديثة وتقليدية وبدائية.

مشاركة :