بين رفع الأجور واحتواء التضخم .. معضلة تواجه أمريكا

  • 1/6/2023
  • 18:42
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعدما شهدت الرواتب في الولايات المتحدة ارتفاعا بسبب نقص في اليد العاملة في السنتين الماضيتين، بدأت مؤشرات الاعتدال تتبلور اليوم، وهو شرط لا غنى عنه للجم التضخم الشديد غير أن المخاطر ما زالت قائمة. ولفتت نيلا ريتشاردسون كبيرة الاقتصاديين في شركة "ايه دي بي" التي تتولى إدارة مدفوعات الرواتب وتنشر دراسة عن العمالة في القطاع الخاص كل شهر "نلاحظ تراجعا للضغوطات على الرواتب". وفي ديسمبر، شهدت الأجور أبطأ نمو منذ مارس، وفق ما بينت الدراسة التي نشرت نتائجها أمس. وهي ارتفعت بنسبة 7.3 في المائة في خلال عام للموظفين الذين بقوا في شركاتهم وبمعدل 15.2 في المائة لهؤلاء الذين انتقلوا إلى مؤسسات جديدة. وأقرت نيلا ريتشاردسون خلال مؤتمر عبر الهاتف "إنه لأمر إيجابي، إذ لا بد من أن تتقدم الأجور بوتيرة سليمة كي يتراجع التضخم". لكنها أشارت إلى أن النبأ ليس إيجابيا إلى هذا الحد بالنسبة إلى العمال، إذ إن "الأجور لا تواكب تضخما جدا شديد، بالرغم من مستوياتها المرتفعة". غير أن المنحنيين باتا يتقاربان، فقد تباطأ التضخم في نوفمبر إلى 7.1 في المائة في خلال عام، في مقابل 7.7 في المائة في أكتوبر، وفق مؤشر "سي بي آي" القائم على المعاشات التقاعدية الأمريكية. لكن ارتفاع الأجور "ما زال يمثل خطرا على التضخم، لا سيما في مجال الخدمات إلى المستهلكين"، بحسب ريتشاردسون. - نقص في اليد العاملة ولا تزال الشركات ملزمة برفع الأجور لاستبقاء العمال وسد الوظائف الشاغرة"، وفق ما كشفت جوليا بولاك كبيرة الاقتصاديين في موقع إعلانات الوظائف "ZipRecruiter". وهي توقعت في تصريحاتها لـ"الفرنسية" أن "يبقى ضغط الأجور تصاعديا في المستقبل القريب"، لا سيما أن نقص اليد العاملة قد يتواصل. فهذا النقص "هيكلي" والسوق بحاجة إلى "4 ملايين شخص"، بحسب ما قال في ديسمبر جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. ويعزى الوضع بجزء منه إلى تقاعد الكثير من العمال منذ بدء انتشار الجائحة التي أودت بحياة 1.5 مليون شخص، بالإضافة إلى هجرة غير كافية نتيجة سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب وإغلاق الحدود الأمريكية لمدة عام ونصف العام بسبب كوفيد-19. من ثم، يصعب على أصحاب الأعمال في الولايات المتحدة منذ سنتين إيجاد ما يكفي من عمال نظافة وسائقين ومدرسين وغيرهم. وهم باتوا يعرضون تأمينا صحيا أفضل ودوامات عمل أكثر مرونة أو أقصر واحتمال العمل من المنزل ومزيدا من المال، في مسعى إلى استقطاب المرشحين. - خطر البطالة ففي أبريل 2020، عندما كانت الولايات المتحدة خاضعة لتدابير الإغلاق، ارتفعت الرواتب بنسبة 8 في المائة مقارنة بالشهر عينه من العام السابق، وفق بيانات وزارة العمل. وسجلت أولى الزيادات في الأجور في أوساط العاملين في مجال الصحة والبيع بالتجزئة الذين كانوا على الخطوط الأمامية بالرغم من المخاطر المحدقة بهم. وكرت السبحة لتشمل قطاع الفنادق والنقل واللوجستية "حيث تعد الأجور منخفضة نسبيا وحصل الموظفون من خارج الملاك الوظيفي على زيادة في الأجور تخطت 10 في المائة لفترة من الفترات"، بحسب جوليا بولاك. وقدمت هذه الزيادات لمواجهة إغراءات العمل من المنزل المقرون بمنافع عدة تجذب الكثيرين. وعلى سبيل المثال، "بات من الممكن تنفيذ مهام مساعدة الزبائن التي كانت في السابق تقام في أماكن ضيقة نسبيا في مراكز اتصال شديدة الضجة" عبر الإنترنت من المنزل. غير أن تباطؤ ارتفاع الأجور بات اليوم عاملا مهما للاحتياطي الفيدرالي في مساعيه إلى احتواء التضخم. فالاحتياطي يبطئ عن قصد النشاط الاقتصادي مع رفع نسب الفائدة لهذا الغرض، مع ما ينطوي عليه ذلك من خطر زيادة البطالة.

مشاركة :