هل البيع على المكشوف سبب تراجع الأسهم؟

  • 1/7/2023
  • 22:37
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تراجعت الأسهم العالمية في 2022 نحو 20 في المائة وبخسارة نحو 14 تريليون دولار، وليست الأسهم فقط من تراجع بل حتى السندات الحكومية الأمريكية تراجعت 17 في المائة، ونظيرتها الألمانية تراجعت 25 في المائة، بينما سوق الأسهم السعودية تراجعت 7 في المائة، إلا أنها تراجعت 25 في المائة من أعلى قمة حققتها هذا العام. هل عمليات البيع على المكشوف هي السبب في تراجع الأسواق المالية في 2022؟ فيما يخص سوق الأسهم السعودية لا توجد علاقة بين البيع على المكشوف الذي تم إطلاقه هذا العام ونزول أسعار الأسهم، حيث كانت هناك فقط عمليتا بيع على المكشوف، واحدة خاصة بأسهم شركة معادن بعدد ثلاثة آلاف سهم فقط، والثانية كانت مقابل أسهم شركة دار الأركان بـ23 ألف سهم. أما بالنسبة إلى تراجع الأسهم العالمية، فكثير من الأسواق التي تعرضت لهبوط حاد العام الماضي لا يوجد فيها بيع على المكشوف، أو أنها أسواق تسمح بهذه الآلية لكن حسب قيود معينة للحد من أي تأثيرات سلبية محتملة. من الإجراءات المتبعة، وبعضها مطبق في التنظيم السعودي، قصر البيع على المكشوف على أسهم معينة، أو عدم السماح بالبيع عندما يتجاوز عدد الأسهم المبيعة نسبة معينة من عدد الأسهم الحرة، أو عدم السماح بذلك إلا بعد حدوث صفقة بسعر أعلى من الصفقة السابقة، أو بمنع البيع بسعر أقل من سعر إغلاق اليوم السابق متى انخفض السهم بأكثر من 3.5 في المائة خلال اليوم، وهذا التنظيم الأخير هو ما قامت به تايوان قبل شهرين. الحقيقة أن الأسهم السعودية تعرضت لموجات هبوط أقوى في حدتها من هبوط الأسهم الأمريكية التي يمارس فيها البيع على المكشوف منذ عشرات الأعوام! فمثلا هبوط الأسهم السعودية في 2006 كان بـ53 في المائة، وجاء هبوط 2008 بـ58 في المائة، بينما هبوط الأسهم الأمريكية في العام ذاته كان 38 في المائة، وهو عام الأزمة المالية العالمية. ورغم أن أداء الأسهم السعودية تحسن بعد ذلك، حيث لم يحصل تراجع كبير إلا في 2015 بنزول 17 في المائة، إلا أن صعود الأسهم الأمريكية من بعد 2008، وهي الأسواق التي فيها البيع على المكشوف يجري على قدم وساق، كان يتجاوز 20 في المائة سنويا، بينما أداء الأسهم السعودية كان أقل من 10 في المائة في كثير من هذه الأعوام. فلو كان البيع على المكشوف يؤدي إلى تراجع الأسهم لما ارتفعت الأسهم الأمريكية بقوة في الأعوام العشرة الماضية، ولكان الأجدر أن ترتفع الأسهم السعودية الخالية من البيع على المكشوف. في 2022 تواردت أنباء عن تحقيق مكاسب كبيرة، تجاوزت 300 مليار دولار، لمصلحة الجهات التي كانت تمارس البيع على المكشوف في أمريكا، وذلك مقابل متوسط استثمارات بـ973 مليار دولار، أي: تحقيقها أرباحا بـ31 في المائة في العام الذي هبطت فيه الأسهم بـ18 في المائة وأكثر. وقد حقق هؤلاء الأشخاص عوائد أعلى من ذلك في أسهم شركات تقنية معينة، مثل أسهم "ميتا فيسبوك" بـ104 في المائة، و"جوجل" بـ48 في المائة، وأكبرها من حيث القيمة كانت عمليات البيع على المكشوف لأسهم شركة تسلا، حيث تم تحقيق أرباح تجاوزت 16 مليار دولار. البيع على المكشوف ليس مربحا في كل الأوقات، بل إن هؤلاء الأشخاص ذاتهم حققوا خسائر بمقدار 572 مليار دولار في الأعوام الثلاثة ما قبل 2022، لذا فعمليات البيع على المكشوف محفوفة بالمخاطر للمضاربين، علما أنها تمارس بشكل مهم في عمليات التحوط وليس المضاربة. وبالنظر إلى نسبة الأسهم المبيعة على المكشوف لشركات مثل "تسلا" و"جوجل" وغيرها نجد أن النسب في الأغلب لا تتجاوز 3 في المائة من إجمالي الأسهم، بل إنها أقل من 1 في المائة للشركات الكبيرة التي تعرضت لهبوط حاد هذا العام، مثل "أمازون" و"جوجل" و"مايكروسوفت" وغيرها. متوقع أن ترتفع عمليات البيع على المكشوف في المملكة، ولا سيما أن ذلك سيستخدم من قبل صناع السوق، الذين تم إصدار تشريعات خاصة بهم في الآونة الأخيرة، والذين سيقومون بإدخال أوامر بيع عادي أو مكشوف، تزامنا مع إدخالهم أوامر شراء بكميات معينة طوال فترة التداول، بهدف رفع مستوى سيولة العرض والطلب. إلى جانب أن البيع على المكشوف ضروري لصناع السوق في الصناديق المتداولة لإعادة التوازن ومنع الانحراف عن السعر العادل، وكذلك فائدته لكبار المتعاملين في إجراء عمليات "آربيتراج" بين سعر الصندوق وأسعار مكوناته، إلى جانب الحاجة إلى ممارسة البيع على المكشوف في العقود المستقبلية لإعادة أسعار العقود إلى أسعارها العادلة. لممارسة البيع على المكشوف في المملكة، يقوم الوسيط بعمل اتفاقية اقتراض مع أحد الأطراف التي لديها أسهم، ثم يقوم الوسيط بإتاحتها للبيع على المكشوف من قبل عملائه. وتتم اتفاقية الاقتراض من خلال مركز الإيداع في السوق المالية وفق شروط وضوابط معينة للتأكد أن عملية اقتراض الأسهم سليمة ومتوافقة مع أنظمة السوق ومتطلباتها. من أهم فوائد البيع على المكشوف أنه يساعد على الحد من التلاعب بأسعار الأسهم بحكم أنه يؤدي إلى ضغوط بيع على الأسهم المرتفعة شكليا فيمنع حدوث شطحات مفتعلة في الأسعار، الأمر الذي أحيانا ينساق خلفه بعض صغار المتداولين. وحتى في الحالات التي تؤدي فيها عمليات البيع على المكشوف إلى تراجع أحد الأسهم، في الأغلب بسبب عدم اقتناع كبار المتعاملين بسعره الحالي، فإن هؤلاء الأشخاص يعودون إلى الشراء مرة أخرى لتغطية مراكزهم متى ظهرت هناك نتائج إيجابية للشركة ترفع من السعر المستحق لأسهمها.

مشاركة :