الهجمات السيبرانية تكلف شركات العالم 10.5 تريليونات دولار سنويا

  • 1/8/2023
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

خبير البحث الجنائي الرقمي:380 ألف فيروس رقمي جديد يهدد العالم نرصده يوميا أجرى‭ ‬الحوار‭ ‬–‭ ‬محمد‭ ‬الساعي يبقى‭ ‬الصراعُ‭ ‬محتدمًا،‭ ‬والحرب‭ ‬الشعواء‭ ‬مشتعلة‭ ‬بين‭ ‬الشركات‭ ‬المنتجة‭ ‬لبرامج‭ ‬الحماية،‭ ‬والجهات‭ ‬أو‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يتفننون‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجماتهم‭ ‬السيبرانية‭. ‬ وعلى‭ ‬خطٍ‭ ‬موازٍ،‭ ‬يبقى‭ ‬التنافسُ‭ ‬شرسًا‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬ابتكار‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬يحارب‭ ‬بها‭ ‬الآخر،‭ ‬فالشركات‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬برامج‭ ‬الحماية،‭ ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ (‬الهكرز‭) ‬يتقدمون‭ ‬دوما‭ ‬بخطوة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬الفيروسات‭ ‬المهاجمة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالبرمجيات‭ ‬الخبيثة‭.‬ ويؤكد‭ ‬الخبراء‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬باتت‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬خطورة‭ ‬وتأثيرا‭ ‬وإلحاق‭ ‬الخسائر‭ ‬بالطرف‭ ‬الآخر‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحرب‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬فيها‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬والقتل‭. ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إلكترونيةبين‭ ‬دول‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬متنافسة‭. ‬كما‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬‮«‬أن‭ ‬تكلف‮‬جرائم‭ ‬الإنترنتالشركات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬10‭.‬5‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬عام2025،‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬وبمعدل‭ ‬نمو‭ ‬قدره‭ ‬15‭%‬‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‮»‬‭.‬ التجسس‭ ‬والفدية لعل‭ ‬أبسط‭ ‬تعريف‭ ‬للهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تشن‭ ‬بوسائل‭ ‬إلكترونية‭ ‬رقمية‭ ‬بهدف‭ ‬تعطيل‭ ‬جهاز‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬المستهدفأو‭ ‬النظام‭ ‬بأكمله،‭ ‬أو‭ ‬بهدف‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬بيانات‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬المستهدفة‭. ‬وتكون‭ ‬الأسلحة‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬برامج‭ ‬خبيثة‭ ‬أو‭ ‬فيروسات‭ ‬تتغلغل‭ ‬إلى‭ ‬الأجهزة‭ ‬وتسيطر‭ ‬عليها‭. ‬وأحيانا‭ ‬تبقى‭ ‬الفيروسات‭ ‬خفية‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬عنها‭ ‬الضحية‭ ‬شيئا‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭.‬ ويعود‭ ‬مصطلح‭ (‬السيبراني‭) ‬إلى‭ ‬الإنجليزية‭ ‬Cyber‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬شبكات‭ ‬الإنترنت‭ ‬والاتصال‭ ‬والمعلومات‭. ‬ ويختلف‭ ‬الهدف‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬البيانات،‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬يمكن‭ ‬هناك‭ ‬هدفان‭ ‬يعتبران‭ ‬هما‭ ‬الأشهر،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬التجسس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬ببرمجيات‭ ‬التجسس‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬لبيع‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬السوداء‭ ‬أو‭ ‬معرفة‭ ‬أسرار‭ ‬الخصم‭. ‬ والهدف‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬ببرمجيات‭ ‬الفدية،‭ ‬حيث‭ ‬يسيطر‭ ‬المهاجم‭ ‬على‭ ‬الملفات‭ ‬أو‭ ‬النظام‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ويمنع‭ ‬المستخدم‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ملفاته‭ ‬حتى‭ ‬يدفع‭ ‬مبلغا‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬كفدية‭ ‬مقابل‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬بياناته‭. ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬يكون‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬تدمير‭ ‬الجهاز‭ ‬أو‭ ‬النظام‭ ‬الرقمي‭ ‬المستهدف‭.‬ إلى‭ ‬متى‭ ‬ستظل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬مشتعلة؟‭ ‬ألا‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬حماية‭ ‬متكاملة‭ ‬توفر‭ ‬الأمن‭ ‬التام‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬البرمجيات‭ ‬الخبيثة؟‭ ‬من‭ ‬المنتصر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب؟‭. ‬ ثم‭.. ‬هل‭ ‬يعد‭ ‬ما‭ ‬تدفعه‭ ‬الشركات‭ ‬والأفراد‭ ‬لشراء‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬تكاليف‭ ‬أم‭ ‬استثمارا؟‭ ‬ما‭ ‬أبرز‭ ‬أنواع‭ ‬البرمجيات‭ ‬الخبيثة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الأجهزة‭ ‬والأنظمة‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج؟‭ ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يختلف‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الأمني‭ ‬التقليدي؟‭.‬ تساؤلات‭ ‬ناقشناها‭ ‬مع‭ ‬الخبير‭ ‬أيمن‭ ‬شعبان،‭ ‬مدير‭ ‬قسم‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي‭ ‬والاستجابة‭ ‬للحوادث‭ ‬لدى‭ ‬شركة‭ ‬كاسبرسكي‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬حلول‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬البرمجيات‭ ‬الخبيثة‭. ‬وهو‭ ‬باحث‭ ‬أمني‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مختبرات‭ ‬التحاليل‭ ‬الجنائية‭ ‬الرقمية‭.‬ البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي قبل‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التفاصيل،‭ ‬نتساءل‭: ‬ما‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬تحتويه‭ ‬المختبرات‭ ‬الرقمية؟ يجيبنا‭ ‬الخبير‭ ‬أيمن‭ ‬شعبان‭: ‬لنفترض‭ ‬أن‭ ‬لديك‭ ‬جريمة‭ ‬عادية،‭ ‬وفي‭ ‬مسرح‭ ‬الجريمة،‭ ‬عندما‭ ‬يحضر‭ ‬المحقق‭ ‬والمختص،‭ ‬فإنه‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬الأدلة‭ ‬والآثار‭ ‬كالبصمات‭ ‬وغيرها،‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬أسلوب‭ ‬التنفيذ‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬السطو‭ ‬مثلا‭ ‬تم‭ ‬بكسر‭ ‬الباب‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬وهكذا‭.‬ هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬نفسها‭ ‬وأساليب‭ ‬التحقيق‭ ‬والأدوات‭ ‬نستخدمها‭ ‬ونطبقها‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬والهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬رقمي‭. ‬حيث‭ ‬نقوم‭ ‬بجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬الثغرات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الهجمات،‭ ‬أو‭ ‬أسباب‭ ‬تمكن‭ ‬ونجاح‭ ‬الفيروس‭ ‬المستخدم‭ ‬للهجوم‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬الجهاز،‭ ‬ومعرفة‭ ‬المصدر‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬رسم‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬تمت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الجريمة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬العلاج‭ ‬والحلول‭ ‬المناسبة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬عمل‭ ‬الباحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي‭ ‬مشابه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬المحقق‭ ‬الجنائي‭ ‬ولكن‭ ‬يكون‭ ‬مسرح‭ ‬الجريمة‭ ‬هو‭ ‬الأنظمة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وهذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬علم‭ ‬يدرس‭ ‬ويتطور‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭. ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬ليس‭ ‬علما‭ ‬جديدا،‭ ‬حيث‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬بشكل‭ ‬مبسط‭. ‬ومع‭ ‬بداية‭ ‬الألفية‭ ‬انتشر‭ ‬وتطور‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬لأن‭ ‬الحاجة‭ ‬إليه‭ ‬تضاعفت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الرقمنة‭ ‬واتجاه‭ ‬أغلب‭ ‬الأنظمة‭ ‬والبرامج‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والحكومات‭ ‬والأفراد‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭. ‬وبالتالي‭ ‬تصبح‭ ‬الجريمة‭ ‬رقمية،‭ ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬آليات‭ ‬البحث‭ ‬والتحقيق‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي‭ ‬بشكل‭ ‬مواز‭.‬ }‭ ‬أشرت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي‭ ‬بات‭ ‬علما،‭ ‬هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬تخصصا‭ ‬يدرس‭ ‬في‭ ‬الجامعات؟‭ ‬وما‭ ‬المؤهلات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلكها‭ ‬الشخص‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬محققا‭ ‬رقميا؟ } }‭ ‬بالطبع‭. ‬هو‭ ‬تخصص‭ ‬مستقبل‭ ‬ويدرس‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬يمتلك‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يتخصص‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬خلفية‭ ‬علمية‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬وأنظمة‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي،‭ ‬لأن‭ ‬مجال‭ ‬العمل‭ ‬يتركز‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت،‭ ‬هناك‭ ‬جامعات‭ ‬حاليا‭ ‬تمنح‭ ‬درجات‭ ‬علمية‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬مثل‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي‭ ‬والأدلة‭ ‬الرقمية‭ ‬وآليات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬وتحليلها،‭ ‬وهناك‭ ‬شهادات‭ ‬خاصة‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬المتخصص‭ ‬بعد‭ ‬الخضوع‭ ‬لدورات‭ ‬تدريبية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بدأت‭ ‬هذه‭ ‬التخصصات‭ ‬تنتشر‭ ‬وتلقى‭ ‬اهتماما‭ ‬متزايدا‭. ‬ مختبرات‭ ‬التحليل‭ ‬الجنائي }‭ ‬أنت‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مختبرات‭ ‬للتحاليل‭ ‬الجنائية‭ ‬الرقمية،‭ ‬ما‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المختبرات‭ ‬الجنائية؟ } }‭ ‬كما‭ ‬أشرت‭ ‬قبل‭ ‬قليل،‭ ‬عمل‭ ‬المحقق‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي‭ ‬يتشابه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬المحقق‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الجنائية‭ ‬العادية،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الجنائية‭ ‬الأخرى‭ ‬بات‭ ‬المحققون‭ ‬يعتمدون‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرقمية‭ ‬والتحليل‭ ‬الذكي‭ ‬للبيانات‭ ‬والأدلة‭. ‬وهنا‭ ‬فإن‭ ‬المحقق‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬الرقمية‭ ‬يحتاج‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬وإلى‭ ‬مختبرات‭ ‬تساعده‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬عمل‭ ‬وتحليل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ ‬ومعلومات‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬توفره‭ ‬مختبرات‭ ‬التحاليل‭ ‬الجنائية‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬أجهزة‭ ‬كمبيوتر‭ ‬متقدمة‭ ‬مع‭ ‬أدوات‭ ‬مادية‭ ‬وبرامج‭ ‬متخصصة‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬تصميم‭ ‬هذه‭ ‬المختبرات‭ ‬بشكل‭ ‬يحميها‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬المعلومات،‭ ‬لأنك‭ ‬عندما‭ ‬تمتلك‭ ‬الأدلة‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التحقيق‭ ‬والتحليل‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬محمية‭ ‬وفي‭ ‬بيئة‭ ‬مجهزة‭.‬ }‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية،‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬معرفية‭ ‬بين‭ ‬شمال‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬وجنوبها،‭ ‬وبين‭ ‬الجزء‭ ‬الشرقي‭ ‬والغربي‭. ‬هل‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬ترتبط‭ ‬بالمناطق‭ ‬والدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدما‭ ‬واعتمادا‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي؟‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬الجميع‭ ‬متساوون‭ ‬في‭ ‬التهديدات؟ } }‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خبرتنا‭ ‬وتعاملنا‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق‭ ‬والدول‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬التهديدات‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬فمثلا‭ ‬لدينا‭ ‬مكاتب‭ ‬وقضايا‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وروسيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وغيرها‭. ‬ وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬مهمة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬الوعي‭ ‬بالتهديدات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬أو‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬غير‭ ‬موجودة‭. ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬متساوية‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬التهديد‭ ‬ولكن‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬بالعالم‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭.‬ لا‭ ‬يوجد‭ ‬نظام‭ ‬آمن }‭ ‬امام‭ ‬هذا‭ ‬السجال‭ ‬والتنافس‭ ‬المحتدم‭ ‬بين‭ ‬تطور‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬وتقدم‭ ‬وسائل‭ ‬وبرامج‭ ‬وأجهزة‭ ‬الحماية،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬يوما‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬نكون‭ ‬فيها‭ ‬بمأمن‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬والهجمات؟ } }‭ ‬في‭ ‬تخصصنا‭ ‬نؤمن‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬نظام‭ ‬آمن‭ ‬100‭%‬‭. ‬ولو‭ ‬صرح‭ ‬أحد‭ ‬بغير‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬فإننا‭ ‬نشكك‭ ‬بدقة‭ ‬ومصداقية‭ ‬الأمر‭. ‬الأمر‭ ‬أشبه‭ ‬بأن‭ ‬تصمم‭ ‬نظاما‭ ‬أمنيا‭ ‬متكاملا‭ ‬في‭ ‬المبنى‭ ‬الذي‭ ‬تسكنه‭ ‬أو‭ ‬تعمل‭ ‬فيه،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬الباب‭ ‬الخلفي‭ ‬غير‭ ‬مغلق‭ ‬بإحكام؟‭ ‬هنا‭ ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬التهديد‭. ‬نفس‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬الأنظمة‭ ‬الرقمية‭. ‬فمهما‭ ‬بلغ‭ ‬تطور‭ ‬وسائل‭ ‬الحماية‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬آمن‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭. ‬وشخصيا‭ ‬دائما‭ ‬أشبه‭ ‬الأمر‭ ‬بسباق‭ ‬بين‭ ‬ضابط‭ ‬الشرطة‭ ‬والحرامي،‭ ‬أيهما‭ ‬يسبق‭ ‬الآخر؟‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬اللص‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬والشرطي‭ ‬يلاحقه‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬ فمثلا‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬معتمدا‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬وأجهزة‭ ‬حماية‭ ‬متطورة،‭ ‬ولكن‭ ‬تأتي‭ ‬الهجمة‭ ‬من‭ ‬شريك‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬تتعامل‭ ‬معك‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭. ‬ولدينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭. ‬لذلك‭ ‬المعيار‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬مدى‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬هجمة‭ ‬محتملة‭. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬نقطة‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مواجهة‭ ‬للهجمات‭ ‬هي‭ ‬مدى‭ (‬الاستعداد‭) ‬عند‭ ‬أنظمة‭ ‬الحماية‭ ‬والمتخصصين‭. ‬ }‭ ‬أحيانا‭ ‬نقرأ‭ ‬أو‭ ‬نسمع‭ ‬تعليقات‭ ‬تتهم‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تبتكر‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬بأنها‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬تخلق‭ ‬التهديدات‭ ‬أيضا‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬صالحها‭ ‬وجود‭ ‬واستمرار‭ ‬وتطور‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬حتى‭ ‬تبيع‭ ‬برامجها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬وتحقق‭ ‬أرباحا‭ ‬مزدوجة‭!‬؟ } }‭ ‬بالتأكيد‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭. ‬وأبسط‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬إننا‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬والتحقيقات‭ ‬الجنائية‭ ‬الرقمية‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬مناطق‭ ‬ومصادر‭ ‬التهديدات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أنها‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬أو‭ ‬أفراد‭ ‬متخصصين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭.‬ وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬فإننا‭ ‬في‭ ‬كاسبرسكي‭ ‬مثلا‭ ‬نستقبل‭ ‬يوميا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬380‭ ‬ألف‭ ‬جديد‭ ‬للفيروس‭ ‬تهدد‭ ‬الأنظمة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬معبر‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭. ‬ }‭ ‬وهل‭ ‬تركز‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬الحكومات‭ ‬أو‭ ‬الأفراد؟ } }‭ ‬الجميع‭ ‬تحت‭ ‬التهديد‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬مثلا‭ ‬تشير‭ ‬إحصاءاتنا‭ ‬في‭ ‬كاسبرسي‭ ‬أن‭ ‬64‭%‬‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬باشرناها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬حكومية،‭ ‬ولكن‭ ‬لدينا‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭ ‬ومتزايد‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭ ‬سواء‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬صناعية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الصحية‭ ‬لاسيما‭ ‬فترة‭ ‬الجائحة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬وتزايدت‭ ‬معها‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬عليه‭. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قطاع‭ ‬أو‭ ‬مجال‭ ‬هو‭ ‬بمنأى‭ ‬أو‭ ‬بمأمن‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭.‬ ولكن‭ ‬إجمالا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬تعرضاً‭ ‬للتهديدات‭ ‬الرقمية‭. ‬كما‭ ‬تعتبر‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬ومتاجر‭ ‬التجزئة‭ ‬أهدافاً‭ ‬رئيسة‭. ‬وأيضا‭ ‬تواجه‭ ‬قطاعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬كالتصنيع‭ ‬والنفط‭ ‬والتعدين‭ ‬هجمات‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭. ‬ فمثلا،‭ ‬تشير‭ ‬بيانات‭ ‬كاسبرسكي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬43‭%‬‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسوب‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتركيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬قد‭ ‬استُهدفت‭ ‬في‭ ‬الأرباع‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بهجمات‭ ‬فعلية‭.‬ الشرطي‭ ‬والحرامي }‭ ‬ضربت‭ ‬مثلا‭ ‬بالشرطي‭ ‬واللص،‭ ‬لماذا‭ ‬تكون‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬دائما‭ ‬وسائل‭ ‬دفاعية‭ ‬وليست‭ ‬هجومية،‭ ‬ألا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬تهاجم‭ ‬بها‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬الفيروسات؟ } }‭ ‬هذا‭ ‬واقع‭ ‬قائم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬برامج‭ ‬الحماية،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بشكل‭ ‬هجومي،‭ ‬بمعنى‭ ‬ألا‭ ‬نتحول‭ ‬إلى‭ ‬مهاجمين‭ ‬للمهاجمين،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬توفير‭ ‬برامج‭ ‬تهاجم‭ ‬بعض‭ ‬المحاولات‭ ‬وتوقفها‭. ‬فمثلا‭ ‬فيروس‭ ‬الفدية‭ ‬الذي‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬تشفير‭ ‬ملفاتك‭ ‬ويطلب‭ ‬مبلغا‭ ‬كفدية‭ ‬مقابل‭ ‬فتح‭ ‬الملفات،‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الفيروسات‭ ‬عندما‭ ‬تعرف‭ ‬أساليب‭ ‬هجومه،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصمم‭ ‬برامج‭ ‬بدلا‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬فقط،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بتوفير‭ ‬حماية‭ ‬مسبقة‭ ‬ضد‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬يهجم‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬وليس‭ ‬للفيروس‭ ‬نفسه‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك،‭ ‬عندما‭ ‬يشعر‭ ‬برنامج‭ ‬الحماية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ملفا‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬خطوات‭ ‬محددة‭ ‬قد‭ ‬ترتبط‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬يبادر‭ ‬إلى‭ ‬إيقافها‭ ‬ليتم‭ ‬فحصها‭ ‬فورا‭. ‬بمعنى‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬للعملاء‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬مبكرة‭ ‬جدا‭.‬ }‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬نشعر‭ ‬وكأننا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬مستمرة‭ ‬بين‭ ‬المهاجمين‭ ‬وشركات‭ ‬الحماية‭ ‬والمستهدفين؟‭ ‬بصراحة‭.. ‬من‭ ‬المنتصر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب؟ } }‭ ‬هو‭ ‬سجال‭ ‬مستمر،‭ ‬ولن‭ ‬ينتصر‭ ‬فيه‭ ‬أحد‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مباراة‭ ‬نهائية‭. ‬وللأسف‭ ‬دائما‭ ‬الجهة‭ ‬السيئة‭ ‬والمهاجمة‭ ‬تسبق‭ ‬بخطوة،‭ ‬وبرامج‭ ‬الحماية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬اللحاق‭ ‬بها‭ ‬وإيقافها‭ ‬كحال‭ ‬الشرطي‭ ‬واللص‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الحماية‭ ‬أقل‭ ‬كفاءة‭ ‬وقدرة،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭. ‬فهناك‭ ‬برامج‭ ‬متطورة‭ ‬باتت‭ ‬تسبق‭ ‬الهجمات‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬عدة‭ ‬وتوفر‭ ‬حماية‭ ‬كبيرة‭ ‬ومسبقة‭. ‬ في‭ ‬الخليج }‭ ‬ما‭ ‬أبرز‭ ‬أنواع‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬تحديدا؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬فيروسات‭ ‬الفدية‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬تدمير‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬السرقة‭ ‬أو‭ ‬غيرها؟ } }‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬تجربتنا‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬الجنائي‭ ‬الرقمي،‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬30‭%‬‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتركيا‭ ‬وإفريقيا‭ (‬الميتا‭) ‬كانت‭ ‬بفيروس‭ ‬الفدية‭. ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬تسريب‭ ‬المعلومات‭ ‬للإنترنت‭ ‬أو‭ ‬بيعها‭ ‬أو‭ ‬بهدف‭ ‬التجسس‭. ‬ }‭ ‬وكم‭ ‬يبلغ‭ ‬متوسط‭ ‬الفدية‭ ‬المطلوبة؟ } }‭ ‬الأمر‭ ‬متفاوت‭. ‬ولكن‭ ‬دعني‭ ‬أضرب‭ ‬لك‭ ‬مثلا،‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬قام‭ ‬مهاجمون‭ ‬بإغلاق‭ ‬كل‭ ‬البيانات‭ ‬بنظم‭ ‬الجامعة‭. ‬وطلبوا‭ ‬مليونا‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬دولار‭ ‬فدية‭ ‬لفتح‭ ‬الملفات‭. ‬ودخلت‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬المهاجمين‭ ‬حتى‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬تسليم‭ ‬750‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬تكون‭ ‬كبيرة‭.‬ }‭ ‬ما‭ ‬تدفعه‭ ‬أي‭ ‬شركة‭ ‬لبرامج‭ ‬الحماية،‭ ‬هل‭ ‬تعد‭ ‬تكلفة‭ ‬أم‭ ‬استثمار؟‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الشركات‭ ‬عند‭ ‬الأزمات‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬التكاليف،‭ ‬ووفقا‭ ‬لإحصاءاتكم،‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬تكاليفه‭.‬ } }‭ ‬بالتأكيد‭ ‬هو‭ ‬استثمار‭ ‬وليس‭ ‬تكلفة‭. ‬في‭ ‬أي‭ ‬شركة‭ ‬طالما‭ ‬يكون‭ ‬طاقم‭ ‬الأمن‭ ‬قائما‭ ‬بعمله‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭ ‬في‭ ‬الحماية‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬تكلفة‭ ‬إضافية‭ ‬مهما‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬وأدوات‭ ‬وتكاليف‭. ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يحدث‭ ‬أمر‭ ‬يمس‭ ‬الأمن،‭ ‬هنا‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬الطاقم‭ ‬بعمله،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬عدم‭ ‬تلبية‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬هذا‭ ‬الطاقم‭ ‬من‭ ‬مستلزمات‭ ‬وتدريب‭ ‬وإعداد‭. ‬وبالتالي‭ ‬تكون‭ ‬الخسارة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬هذه‭ ‬المستلزمات‭. ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬السيبراني‭. ‬ومن‭ ‬تجربتنا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬نجد‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬أولويات‭ ‬ورؤية‭ ‬الإدارة‭ ‬وبين‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الفعلية‭ ‬للجوانب‭ ‬الأمنية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬جهودا‭ ‬للتوعية‭ ‬بأن‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬استثمار‭ ‬وليس‭ ‬تكلفة‭. ‬فحالة‭ ‬هجوم‭ ‬واحدة‭ ‬قد‭ ‬تدمر‭ ‬العمل‭ ‬بالكامل‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬آثارها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تدمر‭ ‬الشركة‭.‬ }‭ ‬ولكن‭ ‬أنا‭ ‬صاحب‭ ‬عمل،‭ ‬عندما‭ ‬أدفع‭ ‬مبالغ‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬برامج‭ ‬الحماية،‭ ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬لن‭ ‬توفر‭ ‬لي‭ ‬الحماية‭ ‬الكاملة‭ ‬وإنني‭ ‬مازلت‭ ‬معرضا‭ ‬للهجمات،‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬حقي‭ ‬أن‭ ‬اعتبر‭ ‬ما‭ ‬أدفعه‭ ‬هو‭ ‬خسارة‭ ‬أو‭ ‬تكلفة‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها؟‭.‬ } }‭ ‬باختصار،‭ ‬تصور‭ ‬أنك‭ ‬تتعرض‭ ‬إلى‭ ‬عشر‭ ‬محاولات‭ ‬هجوم‭ ‬سيراني‭. ‬وأنت‭ ‬وفرت‭ ‬برامج‭ ‬حماية‭ ‬متطورة‭. ‬هنا‭ ‬لن‭ ‬تتجاوز‭ ‬فرص‭ ‬نجاح‭ ‬الهجمات‭ ‬1‭ ‬أو‭ ‬2‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عشر‭ ‬محاولات‭. ‬ولكنك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذه‭ ‬الحماية‭ ‬تكون‭ ‬فرص‭ ‬الهجوم‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف‭.‬ }‭ ‬إجمالا،‭ ‬هل‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬وعيا‭ ‬كافيا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بمخاطر‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التهديدات؟ } }‭ ‬الوضع‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬سابقة‭. ‬فهناك‭ ‬وعي‭ ‬متزايد‭ ‬لدى‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭ ‬ومسؤولي‭ ‬المؤسسات‭ ‬بهذا‭ ‬الجانب‭. ‬ في‭ ‬السابق‭ ‬مثلا‭ ‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬حالة،‭ ‬كان‭ ‬الهم‭ ‬الأكبر‭ ‬لمسؤولي‭ ‬الشركات‭ ‬مثلا‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬النظام‭ ‬المخترق‭. ‬ولكن‭ ‬الآن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬طريقة‭ ‬الاختراق‭ ‬والدخول‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬واتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬الحمائية‭ ‬للمستقبل‭. ‬وهذا‭ ‬التغير‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭ ‬لأنه‭ ‬يعكس‭ ‬أن‭ ‬الإداري‭ ‬والمسؤول‭ ‬بات‭ ‬أكثر‭ ‬وعيا‭ ‬بأهمية‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬المسبقة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تخريبه‭. ‬ }‭ ‬اسمح‭ ‬لي‭ ‬بسؤال‭ ‬أخير،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضبط‭ ‬حالات‭ ‬اختراق،‭ ‬هل‭ ‬عادة‭ ‬يتم‭ ‬مقاضاة‭ ‬الهكرز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬القانونية‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬الدولي؟ } }‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الزبائن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وليس‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭. ‬فأحيانا‭ ‬قد‭ ‬يكتفي‭ ‬المتضرر‭ ‬بإصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬التهديد،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬عرفت‭ ‬الجهة‭ ‬المهددة‭ ‬والمصدر‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القنوات‭ ‬القانونية‭ ‬لاسيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬وفقا‭ ‬للقوانين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭. ‬

مشاركة :