كتب أحمد عبدالحميد: طالب عدد من النشطاء والحقوقيين بتحديد حزمة من السلع الأساسية الرئيسية مع إلزام التجار بعدم رفع أسعارها إلا بإذن حكومي وذلك بعد تقديم دراسة مدعومة بالمستندات تعزز طلب تحريك الأسعار، وذلك أسوة بتجارب مشابهة في الدول المجاورة، لمواجهة أزمة الغلاء التي تواجه المواطن، لافتين إلى ضرورة مراجعة برامج الدعم بناء على معدلات التضخم خاصة أن الملف المعيشي يتأثر به جميع المواطنين، كما طالبوا بزيادة أعداد المفتشين المعنيين بحماية المستهلك. جاء ذلك خلال ندوة «تفعيل القوانين الوطنية البحرينية المعنية بحماية المستهلك» والتي تأتي ضمن فعاليات الموسم الأول من «الديوان الحقوقي» الذي تنظمه جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان. وقال عباس العماني الناشط والمرشح النيابي السابق إن قانون حماية المستهلك صادر في عام 2012، لافتا إلى أن هناك قوانين أخرى ذات علاقة بضبط الأسواق قديمة وتحتاج إلى التعديل أو الاستبدال بقوانين جديدة، ومنها قانون تنظيم الإعلانات الصادر في عام 1973، قانون تحديد الأسعار والرقابة عليها الصادر في 1977، قانون مراقبة المواد الغذائية المستوردة الصادر في 1985، وقانون التجارة الصادر في 1987، موضحا أن مجلس النواب عليه واجب إعادة النظر في هذه القوانين المتعلقة بحماية المستهلك بشكل مباشر أو غير مباشر. وأشار إلى أن الجهة المعنية بحماية المستهلك هي إدارة حماية المستهلك التابعة لوزارة الصناعة والتجارة، مطالبا بأن تكون هناك جهة مستقلة معنية بحماية المستهلك لضمان الرقابة الحقيقية على الأسواق، خاصة أنه لا يوجد أي جمعية مجتمع مدني في البحرين تعنى بهذا الشأن. وتابع العماني أن إدارة حماية المستهلك الحالية لديها 8 مهام رئيسية من بينها 5 مهام غير مفعلة على أرض الواقع، كما أن عدد أعضاء فريق التفتيش لدى حماية المستهلك لا يتجاوز 7 مفتشين فقط، وهو عدد قليل لا يتناسب مع حجم المهام المطلوبة منهم. وطالب العماني بتطبيق النموذج الإماراتي في إلزام التجار بعدم رفع أسعار مجموعة من السلع الأساسية إلا بعد تقديم الوثائق اللازمة لذلك إلى الحكومة، كما طالب بمناقشة موضوع إعادة توجيه الدعم لضمان عدم خفض مبالغ الدعومات المدرجة في الميزانية العامة للدولة، كما طالب مجلس النواب بإعادة النظر في التشريعات القديمة المتعلقة بحماية المستهلك. وشهدت الندوة استعراض مبادرة فريق أهلي لمكافحة الغلاء التي دشنها عبدالله السهلي المرشح النيابي السابق مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي من أجل نشر الوعي بين المستهلكين، لافتين إلى التفاعل الكبير مع المبادرة سواء من المواطنين أو المقيمين في المملكة، مشيرين إلى أنهم نظموا سلسلة من اللقاءات مع التجار للتعرف على أسباب ارتفاع الأسعار، والذين عبروا عن أن هناك عوامل أخرى تؤثر في تسعير السلع. وأشاروا إلى أنهم أطلقوا برنامجا توعويا للمستهلكين بشأن النمط الاستهلاكي وتعريفهم بالبدائل السلعية الرخيصة مقارنة بالسلع المرتفعة السعر، مشيرين إلى أن ذلك لا يؤثر على جودة السلع، لأن أجهزة وزارة الصحة تضمن سلامة السلع الموجودة في البحرين، موضحين أهمية تفعيل دور إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة مع العلم بأن الكثيرين لا يعلمون أرقام الشكاوى. بدورها قدمت موزة حسين مديرة دائرة (حقوق المرأة والطفل) بجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان ورقة بعنوان (الأسرة البحرينية وحمايتها من غلاء الأسعار) أكدت خلالها أن المشاكل الأساسية لدى المجتمع البحريني الفقيرة ومتوسطة الدخل هي مشكلةَ الدخل الفردي، وتحقيق التكافؤ بين الدخل والإنفاق، وبالطبع تنعكسُ تلك المشكلة على الأسرة البحرينية بصورةٍ مباشرة. وأضافت أن الاسر البحرينية الفقيرة ومتوسطة الدخل تعاني وبشكل كبير وملحوظ من زيادةٍ في الأسعار وغلاءٍ في السلع اليومية، وهذا بالطبع يُضيفُ نوعًا من الإرهاق على كاهل رب الاسرة والام مما سبب في مشاكل اقتصادية واجتماعية عدة، وهو ما يجعل الأغلبية العظمى من الأسر البحرينية تُعاني عجزًا حادًّا في الميزانية، ويرجع هذا لأسباب كثيرة؛ منها تدنِّي مستوى الدخل، والارتفاع الدائم في الأسعار، إلى جانب العديد من الأسباب، وبالطبع تلك الضغوط المعيشية اثرت على استقرار الأسرة وسعادتها. وأوضحت موزة حسين ان أمن المجتمع البحريني يعتمد على أمن الأسرة واستقرارها، ولن تكون الأسرة آمنة إلا بحزمة من القوانين والتشريعات، والقانون لا يتحقق الهدف منه إلا بتنفيذه من قبل الجهات المعنية، لذلك مطلوب من الحكومة زيادة الدعم المالي، للأسر محدودة الدخل «علاوة الغلاء» لمواجهة آثار ارتفاع الأسعار العالمية، كذلك عدم فرض أي رسوم قادمة على الاسر البحرينية خاصة الفقيرة وذوي الدخل المحدود وسرعة توظيف ابنائها العاطلين ودعم أكبر للمتقاعدين من القائمين على هذه الاسر، وتفعيل القوانين والاجراءات لمكافحة غلاء المعيشة والاسعار، ومراجعة كاملة لكل المساعدات من الدولة لمواطنيها المحتاجين خاصة بما يواكب الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة لأجل توفير حياة كريمة لهم، ودعم العديد من شرائح المجتمع المختلفة، بما في ذلك كبار السن والأيتام والأرامل والأسر المحتاجة. وبشأن ضرورة إعادة توجيه الدعم، أشار د. جاسم حسين النائب السابق إلى أهمية إعادة دراسة حالة الأسر المسجلة لدى وزارة التنمية للتعرف على احتياجاتها وتحديد برامج الدعم بما يتناسب مع هذه الاحتياجات مشددا على أن هناك اتفاقا على إعادة النظر في توجيه الدعم لمستحقيه. بدوره قدم سمير العوضي مدير دائرة (الحقوق العمالية والاقتصادية) بجمعية البحرين لمراقبة لحقوق الإنسان ورقة بعنوان (التشريعات والاتفاقيات الوطنية والدولية لحماية المستهلك)أكد خلالها أن عنوان الندوة (من أجل تفعيل القوانين الوطنية المعنية بحماية المستهلك) يأتي في وقت هام من ناحية تقديم الحكومة برنامجها 2026 / 2023 الى مجلس النواب، وتضمن بند رفع كفاءة توجيه الدعم لمستحقيه، بما يلبي احتياجات المواطنين الأساسية ويوفر لهم حقهم الكامل من الحياة الكريمة والحوكمة والرقابة وتعزيز المساءلة، لافتا إلى أن مجموعة قوانين حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة المعنية بتحديد حقوق المستهلك والتزامات المزود وضبط المنافسة والاحتكار وضبط المخالفات والعقوبات بالإضافة إلى عدة قرارات متعلقة بحظر فرض مبالغ إضافية على المستهلك عند شراء المنتجات بالبطاقة الائتمانية وصرف الطحين المدعوم وحظر التسويق الهرمي والشبكي ومكافحة الغش التجاري والضوابط الخاصة بالتخفيضات والحملات الترويجية وعدم التلاعب. وقال إن تطبيق ذلك يتطلب تفعيل قوانين حماية المستهلك بتحديد حقوق المستهلك والتزامات المزود، ضبط المنافسة والاحتكار وضبط المخالفات وتعزيز تنفيذ العقوبات، حظر فرض مبالغ إضافية على المستهلك عند شراء المنتجات بالبطاقة الائتمانية، مكافحة الغش التجاري وتنفيد الضوابط الخاصة بالتخفيضات والحملات الترويجية، منع التلاعب بالأسعار وتشديد العقوبات وغلق المتاجر المتلاعبة، والتحقيق في جميع شكاوى المستهلكين ومتابعة تقديم المشورة لاستفسارات المستهلك، وتعزيز ثقة المستهلك وثقافته وتأمين جو تجاري عادل وآمن وحماية المستهلك بطريقة فعَّالة، كفؤة ومتطورة، تفعيل جاد وشفاف لقانون رقم (35) لسنة 2012 بشأن حماية المستهلك، وتعزيز ادارة حماية المستهلك ومراقبة السلع بوزارة الصناعة والتجارة وتوظيف فريق متكامل يغطي كل المحافظات، وربط الاسعار بشبكة الكترونية متكاملة لكل مناطق البحرين والاعلان عنها يوميا للجمهور. في الختام أكد فيصل فولاذ الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان أنهم سوف يرفعون توصيات الندوة إلى مجلس النواب واللجنة النيابية المعنية بدراسة برنامج الحكومة 2023-2026 للعمل على تضمين هذه الأفكار في المناقشات مع الجانب الحكومي.
مشاركة :