أظهر رجال أعمال إسبان خلال اجتماعهم أول من أمس بوزير الصناعة «قلقاً بالغاً» من تكبدهم خسائر كبيرة جراء توقف التجارة مع الجزائر، والتي فاقت 1.4 مليار يورو خلال الستة أشهر الماضية، حسب الصحافة المحلية، وجاء هذا اللقاء في سياق الضغوط التي يمارسها منذ فترة عدد من رجال الأعمال على الحكومة الإسبانية للعدول عن موقفها من نزاع الصحراء. وعلقت الجزائر معاملاتها الاقتصادية مع الجار المتوسطي، باستثناء الغاز والنفط، كرد فعل على انحياز مدريد لموقف المغرب من نزاع الصحراء. وقالت صحيفة «إندبندنتي» الإسبانية إن مجموعة من رجال الأعمال بحثوا مع عضو حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز: «نتائج الأزمة مع الجزائر بهدف التوصل إلى حل فعال للمشاكل التي تعصف بـ600 مؤسسة إسبانية»، تبيع وتشتري مع الجزائر، بحسب ذات الصحيفة، التي أوضحت أن أرباب العمل الإسبان يصفون الحالة التي آلت إليها أعمالهم، بـ«الميؤوس منها»، بسبب طول مدة المقاطعة الجزائرية لمنتجاتهم. ونقلت الصحيفة عنهم استياءهم من «غموض تام»، بخصوص تسيير الأزمة من طرف الحكومة. كما انتقدوا، حسبها، «عدم وفاء السلطات بتعهداتها» بشأن تقديم دعم مالي لهم، تعويضاً عن الخسائر التي تحمَلتها مؤسساتهم جراء تعليق العمليات التجارية مع الجزائر، والتي وصت 1.4 مليار يورو منذ الثامن من يونيو (حزيران) الماضي، تاريخ قرار الجزائر تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» (2002) التي تحدد مجالات التعاون مع إسبانيا، رداً على خروج مدريد عن حيادها إزاء قضية الصحراء. كما نقلت «إندبندنتي» عن رجل أعمال حضر الاجتماع أن 90 في المائة من رقم أعمال شركته المتخصصة في الأشغال العامة يتوقف على تعاملاتها مع الجزائر، حيث تم إطلاق شركة مختلطة مع مؤسسة حكومية جزائرية. وقال إنه لا يتوقع حلاً في 2023 بحجة أنه «لا يبدو في الأفق أن الجزائريين سيتخذون موقفاً مغايراً»، وفق الصحيفة ذاتها، التي أبرزت أن شركته أحصت خسائر تقدر بـ2 مليون يورو في 2022. وتوقع مالكها اتساع حجم الخسائر إلى 12 مليون يورو. وأوقفت الجزائر استيراد عدة منتجات إسبانية، أهمها الحديد والصلب والآلات ومنتجات ورقية، فيما أبقت على عقود الغاز والنفط طويلة وقصيرة المدى على حالها، بحكم أن إحداث تعديل بها سيكون له تبعات مالية. ومطلع العام الجديد، صرح خوسيه مانويل ألباريس لوكالة الأنباء الإسبانية أن «بعض العلاقات التجارية بين البلدين ما زالت معطلة، وإسبانيا لم تفعل ما يبرر تعطيل العمليات التجارية». وقال إن حكومته طلبت مساعدة أوروبية لحل الأزمة مع الجزائر، وإنه سبق أن حدثت اتصالات بين المفوضية الأوروبية والسلطات الجزائرية بهدف التوصل إلى تسوية للأزمة الدبلوماسية». وأكد ألباريس «تمسك إسبانيا بسياسة اليد الممدودة مع الجزائر. وفي وقت سابق، صرح نفس المسؤول الإسباني أن بلاده «سيدة في قراراتها»، في سياق حديثه عن الأزمة مع الجزائر، مما أوحى بأنها لن تتراجع عن قرارها دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء. يشار إلى أن الجزائر تؤيد طرح «بوليساريو» تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الإقليم الذي استعمرته إسبانيا.
مشاركة :