إزالة 70 ألف فيديو من منصة اليوتيوب، وإغلاق 9 آلاف قناة، وتعطيل خرائط غوغل في الحرب الروسية الاوكرانية، وحجب تويتر لتغريدات المنصات التابعة للإعلام الروسي، وغيرها من تقييد المحتوى لأهداف سياسية، يعيد النظر في مسألة حرية نشر المعلومات التي طالما نادت بها المنظمات والمؤسسات الغربية في إطار ما يعرف بالنظرية المعيارية للصحافة. كما أن العراك القانوني لا يزال قائمًا في المحاكم الغربية حول مسائل حدود النشر في المنصات والمواقع الالكترونية. وعلى الرغم من دور المنصات الرقمية في مسألة توثيق الانتهاكات في الحروب، ونشر الكثير من التجاوزات من جهة. فإن تلك المنصات أصبحت وسيلة لتمرير المعلومات المضللة والشائعات من جهة أخرى، بل أصبحت شركات التكنولوجيا بالقدرات الهائلة لمواقعها الإلكترونية تتحكم في توجيه الإنسان وعكس الاتجاهات باختلاق الحقائق. في سبتمبر 2021، عقد وزير التحول الرقمي الأوكراني ميخايلو فيدوروف اجتماعًا بمسؤولي "غوغل" في "سيلكون فالي"، طالبًا منهم تأسيس مكتب في أوكرانيا لأنه -في رأيه- أثناء العدوان العسكري، من الضروري أن يُشرف "يوتيوب" على المحتوى في أوكرانيا بدلًا من روسيا، في محاولة منه لاستخدام تلك الأدوات في توجيه الرأي العام الدولي وفق آلية محتوى منحاز تتحكم به السلطات الأوكرانية. أيضًا، رئيس الشؤون العالمية في منصة ميتا "فيسبوك سابقاً" أشار إلى وجود إجراءات جديدة في مسألة مشاهدة الفيديو في المنصة، وتقييد المحتوى بالنسبة لعدد من المستخدمين في دول محددة وفق تتبع خوارزميات خاصة بالمنصة. الصراع الغربي الروسي حول تلك المنصات لا يزال مستمرًا .. فروسيا فرضت غرامة مقدراها 370 مليون دولار على العملاق الأمريكي "غوغل".. وحاربت الشركة التابعة لها في روسيا حتى أعلنت إفلاسها، وأقرت قانون الأخبار المزيفة وعقوبات تصل إلى السجن 15 عاماً. منصات التواصل الإجتماعي باتت ساحات معارك جديدة لصناعة التأثير والتوجيه وحسم الصراعات، تنطلق من حراس المعلومات الجدد وفق قواعد بعيدة كل البعد عن الحريات والديمقراطية التي تنادي بها المنظمات الإعلامية الغربية، فالقاعدة التي يرتكزون عليها "المصلحة أولًا" من أجل تشكيل سلوك الأفراد وتوجهاتهم. ولذلك مهم ان يعاد تشكيل التفكير في دور هذه المنصات الرقمية وخطورتها على المجتمعات،والتوعية بدور الشركات التكنولوجية الكبرى في الهندسة الاجتماعية والتأثير على المواقف والسلوك وخداع الجماهير دون اي اعتبارات للمبادئ والقيم الإعلامية التنظيرية ،وأن الأمر حينما يتعلق بالأمن الوطني تسقط معها مواد ومواثيق تتعلق بحقوق الانسان والحريات.
مشاركة :