لا أخفي سرا إذا قلت إن المقاهي في وقتنا الحاضر أصبحت شريان حياة السواد الأعظم من الناس بكل فئاتهم العمرية، يرتادها الشبان والفتيات وكبار السن. ثمة من يرى حين يدور النقاش حول المسألة أن المقاهي تنوعت وتمددت أناقتها شكلا فوق ذلك تمادت في استحضار نكهات المزاج من كل مكان على وجه الأرض ما جعلها أمكنة جاذبة بامتياز للاختلاء بالنفس مع فنجان قهوة أو حول كوب من الشاي، ربما عقد للقاءات خاصة وتمضية الوقت في أجواء عامة دافئة لا ريبة فيهاعلي أي حال، يتضح من قراءة المتيسر من تاريخ المقاهي أن بعضها على مستوى الوطن العربي تجاوز في سابق الزمن وظيفتها الأولى لتشكل وفق أمرها الواقع آنذاك نافذة مفتوحة على الحركة الثقافية والأدبية.. فيها تتداول الأخبار وتناقش مستجداتها، وفي زواياها تسخن السجالات الفكرية والحوارات، وقد وسم هذا النوع بوسم المقاهي الثقافية مثل مقهى الفيشاوي في القاهرة ومقهى ريش في ذات المكان وهناك غيرها مثل مقهى الموكا بالحمراء في بيروت، ومقهى الزهاوي في شارع الرشيد ببغداد.في المقابل بقت المقاهي عندنا إلى وقت قريب محدودة الوجود والغرض وهذا لا ينفي وجود مقهى مشهور أو أكثر في المدن الكبيرة، على أي حال بقيت فيما مضى عند الكثير من شرائح المجتمع المحلي محل شك وريبة ما جعل التنبيه على الأبناء من شرها ضرورة تربوية حد وصف مرتاديها من الشباب بـ (عيال المقاهي) وهذا الوصف يرمز وقتها بصراحة إلى تدني مستوى ومكانة من يدخل المقاهي من الشباب على وجه التحديد، والثابت أنه يستحيل دخول المرأة المقهى في سابق الوقت.اليوم لا يخلو أي شارع في أي مدينة من مقهى أو أكثر حتى الشوارع الفرعية الصغيرة نصيبها وافر، تقول أحاديث المجالس الخاصة أنها تجارة مربحة بحكم كثرة روادها من الشباب ذكورا وإناثا ممن يملكون الوقت ويديرون شؤونه على راحتهم، وهناك من يقول إن كثرتها عطفا على كثرة روادها ومرد ذلك للفراغ والاستعراض.أنتهي بسؤال وهو الخاتمة: هل أصبحنا مجتمع مقاه؟، متى ستصبح بعض المقاهي في بلادنا من روافد الثقافة، «أي مقاهي ثقافية»؟[email protected]
مشاركة :