السياسة الصناعية الجيوسياسية غير الفعالة «2 من 2»

  • 1/20/2023
  • 00:27
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

على الصعيد العالمي، سيستمر الطلب على مزيد من التكامل والتنسيق الاقتصادي الأوثق بعيدا عن التجارة في الارتفاع ــ من خلال "الاتفاقيات التجارية العميقة" التي تعمل على مواءمة تدابير حماية الاستثمار، ومعايير العمل والبيئة، وحقوق الملكية، وعن طريق مبادرات مثل الحد الأدنى للضريبة العالمية على دخل الشركات الذي أقرته مجموعة السبع. رابعا، إضافة إلى الاستفادة من الدروس القيمة المستخلصة من دليل السياسات الصناعية "القديم"، يجب على الحكومات أن تولي اهتماما وثيقا بالفرص والتحديات الجديدة. على سبيل المثال، في حين تعمل رقمنة التجارة عبر الحدود "على وجه التحديد في البرمجيات والعمليات التجارية" على إزالة حواجز الدخول وتقليل تكاليف تطوير قطاعات التصدير بأكملها، فإن زيادة الوعي البيئي ومعايير الامتثال الجديدة "مثل آلية تعديل حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي" من شأنها أن تدفع الشركات المصنعة لتصبح قادرة على المنافسة الخضراء. وأخيرا، ستتطلب عملية صنع السياسات التطلعية في هذا السياق الإجابة عن بعض الأسئلة الصعبة التي تتجاوز السياسة والجغرافيا السياسية. وفي الأمدين القريب والمتوسط، هل تشكل إعادة التصنيع أو نقل الإنتاج إلى مناطق أقرب حقا فرصة كبيرة كما يدعي بعض الخبراء، أم يتعين على الحكومات التركيز على أولويات أخرى؟ وعلى المدى البعيد، ما هو نوع التصنيع والسياسة التجارية الذي سيكون أكثر فائدة ووضوحا في المستقبل؟ بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، يكمن التحدي الرئيس في التغلب على ما يطلق عليه الخبير الاقتصادي الأمريكي آدم بوسن "الاعتماد المفرط على وظائف التصنيع". تشكل وظائف التصنيع التقليدية أهمية سياسية، ومع ذلك من غير المرجح أن تنمو حصتها من إجمالي العمالة في البلدان ذات الدخل المرتفع. ولذلك، فإن الأمر يتطلب اكتساب وتحسين المهارات لإلغاء التعديلات التي قد تطرأ على سوق العمل في نهاية المطاف. قد تكون القطاعات البالغة الأهمية مثل أشباه الموصلات والأدوية من بين القطاعات القليلة التي يمكن أن تستفيد بشكل فعال من إعادة التصنيع ــ وهي عملية تتضمن عديدا من المقايضات لكل حالة على حدة بين التكلفة والمرونة. أما بالنسبة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، يجب أن تعمل مزايا تكاليف العمالة، والبنية التحتية المعززة، وتقليص سلاسل القيمة العالمية على توفير الفرص مع مرور الوقت، ولا سيما مع تحول الصين نحو إنتاج أكثر تطورا وذا قيمة مضافة أعلى. ومع ذلك، سيعتمد مدى قدرة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على تحويل هذه الفرص إلى استثمارات حقيقية ومكاسب في مجال التصدير على فهم ومراعاة المبادئ الأساسية. قد يكون هناك تباين كبير فيما بين البلدان والمناطق ومراحل التنمية. كما يمكن أن تشكل الروبوتات والأتمتة تحديا من خلال نقل بعض عمليات الإنتاج إلى البلدان المتقدمة. يتمثل سؤال رئيس آخر يطرح على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فيما إذا كان نموذج النمو القائم على التصنيع والذي يتطلب عمالة كثيفة ويقوم على التصدير والذي نجح في تحقيق مصالح اقتصادات كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونج كونج "النمور الآسيوية" سيظل فعالا بما فيه الكفاية بالنسبة للاقتصادات الأخرى بعد 20 عاما أو أكثر من الآن. وفي هذا النقاش الحاد، يجادل المتشككون في أنه مع توقف أو تراجع المساهمات في النمو العالمي من التجارة، فقد تكون هناك حاجة إلى إعادة النظر في سياسات النمو القائمة على التصدير. ومع ذلك، حتى المتشككون يتفقون مع ثلاثة تقييمات أساسية: فمن غير المرجح أن يحدث تغيير شامل بين عشية وضحاها، وسيظل التحديث الصناعي ونمو الإنتاجية - في مجال السلع أو الخدمات - أمرين أساسيين. وحتى بالنسبة للشركات المصنعة التي تخدم السوق المحلية بشكل حصري "أو التي من غير المرجح أن تصبح شركات مصدرة"، فإن الروابط الإنتاجية مع الموردين في المراحل السابقة أو الشركاء في المراحل التمهيدية لن تختفي تماما. وبالنظر إلى المستقبل، يجب أن تشكل هذه الاعتبارات، وليس إضفاء الطابع الجيوسياسي على سلاسل التوريد، مصالح الحكومات وأولوياتها في مجال السياسة الصناعية. وفي سياق متناقض يتمثل في تدهور الأوضاع المالية وزيادة الإعانات المالية في مختلف أنحاء العالم، هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى لوضع سياسات واضحة ودعم هادف قائم على الأداء، ولا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. تعد الآمال في إعادة التصنيع ونقل الإنتاج - وإنعاش الصناعات أو الصادرات الوطنية على نطاق واسع - أكثر قابلية للتحقيق في البلدان الملتزمة بالأساسيات، لكنها غير محتملة في البلدان التي تستخدم إصلاحات سلسلة التوريد كنقطة نقاش سياسي. في واقع الأمر، لا توجد طرق مختصرة للتنمية الاقتصادية. خاص بـ "الاقتصادية" بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :