منذ تنظيم مجلس التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين فعالية أسبوع التكنولوجيا للمدة (24 - 28) سبتمبر 2017 بهدف تسليط الضوء على آثار التكنولوجيا الحديثة والاتجاهات الرقمية في إحداث التغيير في الصناعة العالمية، وبيان دور التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية على حاضر ومستقبل دول مجلس التعاون الخليجي، والذي أكد فيه الأستاذ خالد الرميحي الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية آنذاك بالقول: «إن أثر التكنولوجيا وثورة المعلومات مستمر في الازدياد بشكل مطرد، ومن الضروري لدول المنطقة أن تنتبه إلى مثل هذا المنعطف»، مؤكدا «التزام البحرين بإعادة توجيه النقاش حول الاتجاهات الحديثة والتكنولوجيات التي ستؤثر على اقتصاداتنا في المدى البعيد». كان ذلك الأسبوع الحافل بالنشاطات الجديدة، وما لحقه من مؤتمرات وندوات وورش عمل تركز على قضايا وانشغالات التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، و انشاء مركزي الخليج للتكنولوجيا المالية، والمركز العالمي للتكنولوجيا المالية الإسلامية والمستدامة في عام 2018، بمثابة الهزة القوية للقطاع الخاص في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي من جانب، ومن جانب آخر تواصل وتوسع دور المؤسسات الحكومية في البحرين كمجلس التنمية الاقتصادية ومصرف البحرين المركزي ومؤسسة العمل تمكين، وبورصة البحرين، والبنوك التجارية، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، وجمعية مصارف البحرين، وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة، في إيجاد البيئة الداعمة لتوطين التكنولوجيا المالية وتقنياتها المعاصرة في البلاد، انسجاما ومواكبة مع ما ادى اليه ظهور ونمو واتساع التكنولوجيا المالية من تغيرات جوهرية في الهيكل المالي والمصرفي العالمي على الصعيد الكلي من ناحية، وإلى تغيرات عديدة في هياكل المؤسسات المالية والمصرفية على الصعيد الجزئي من ناحية ثانية، لا بل طال ذلك التغير المؤسسات الداعمة والساندة للنظام المالي والمصرفي العالمي من ناحية ثالثة، وإلى تغيرات مؤثرة في نماذج أعمال أغلب المؤسسات المالية والمصرفية من ناحية رابعة، وكل هذه التغيرات وغيرها قد انعكست على عملاء القطاع المالي والمصرفي في مختلف أرجاء العالم، وتركت بصماتها على سياسات الاعمال وتمويل التنمية وتحقيق الشمول المالي بشكل أو بآخر. وقد تشرفنا بمتابعة تلكم الجهود والإنجازات وكتبنا عنها أكثر من ستين مقالا في صحيفتنا الغراء «أخبار الخليج»، فضلا عن عشرات المحاضرات والبحوث العلمية في الندوات والمؤتمرات في دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها، بالإضافة إلى تسليطنا الضوء على تجربة ومسيرة مملكة البحرين في تبني التكنولوجيا المالية كحالات دراسية في الدورات والورش العلمية التي قدمناها، فضلا عن ثلاثة كتب في التكنولوجيا المالية تنتظر التمويل لطبعها ونشرها، وخلصنا إلى نتيجة أن مملكة البحرين أثبتت قدراتها المميزة في توفير عوامل النجاح التي تؤهلها للريادة في مجال التكنولوجيا المالية وتقنياتها المتعددة، ابتداء من اهتمام قيادة البلاد الرشيدة وتوجيهاتها السديدة للمؤسسات الحكومية بدعم واحتضان والمساعدة على انشاء شركات التكنولوجيا المالية وتوفير البيئة التنظيمية التجريبية الحاضنة لها، وتوفير التمويل لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة لتطوير منتجاتها وخدماتها المالية، وتحفيز القطاع المصرفي نحو الانفتاح على التكنولوجيا المالية واعتماد منتجاتها وتطعيم الخدمات التي يقدمها بخدمات التكنولوجيا المالية، ووفرت الاطر التشريعية المناسبة لهذه التوجهات، فضلا عن البيئة العامة المواتية والداعمة للأنشطة المالية حيث تعد البحرين مركزا ماليا اقليما متميزا، ومركزا ناشئا فعالا في مجال الاتصالات، وأحدث سعات شبكات الانترنت، بالإضافة إلى توفر شركات الدفع الإلكتروني العريقة، وقطاع نشط من شركات التأمين، ودعم كبير لحاضنات ومسرعات الأعمال وتشجيع منقطع النظير لريادة ورواد الأعمال، فضلا عن الميزة التنافسية العالية التي تتمتع بها المملكة في مجال الكفاءات الوطنية بالقطاعين المالي والتقني، الذين يعدون الركيزة الأساسية في التكنولوجيا المالية، واستخدام كبير لأجهزة الدفع الإلكتروني، وشريحة واسعة من المستهلكين الإلكترونيين الذين ينجزون أغلب أعمالهم اليومية إلكترونيا، علاوة على الحماية القانونية والسيبرانية لكل الشرائح الممارسة للأعمال الإلكترونية، وانفتاح واسع لسوق البحرين على السوق الخليجية، ونتيجة لكل ذلك انتشر أكثر من (100) شركة تكنولوجيا مالية في البحرين . فما هو الدور المأمول لهذه الشركات؟ وما أبرز إنجازاتها؟ هذا ما نحاول تسليط الضوء عليه في سلسلة من المقالات بعون الله وتوفيقه، وندعو شركات التكنولوجيا المالية لتزويدنا بنشاطاتها لتوثيقها ونشرها ليطلع المواطنون والمعنيون على تلكم الجهود إحقاقا للحق وشهادة للتاريخ. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :