«مؤتمر مراكش»: اضطهاد الأقليات الدينية يعكس فقدان سيطرة الدولة وانتشار التطرف

  • 1/27/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أكد المشاركون في مؤتمر حماية حقوق الأقليات في الديار الإسلامية، المنعقد في مدينة مراكش المغربية، أن انتهاكات حقوق الأقليات الدينية تتعارض تماماً مع روح السلم والاعتدال والعيش المشترك التي ميزت على الدوام، ومازالت، العلاقات بين مختلف مكونات المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، مشيرين إلى أن مثل هذه الممارسات تحدث في سياقات فقدان السيطرة من قبل الدولة، أو حالات انتشار التطرف، كما تعكس أحياناً ضعفاً في سلطة الدولة، والسلطات الدينية، وحالات لإفلاس سياسي. المسيحيون العرب قال مطران الكنيسة اللوثرية في القدس، منيب يونان، إن المسيحيين في فلسطين هم مسيحيون عرب أصيلون، انطلقوا من القدس برسالة السيد المسيح إلى العالم، ولم يغير واقعهم وأحوالهم في الانتماء والولاء للحكم الإسلامي على مدى قرون، لذلك لا يشعر المسيحيون بأنهم أقلية. وأضاف ربما قلة في العدد، إلا أننا شركاء كاملون بأتراح وأفراح الأمة العربية، نحمل همومها وتطلعاتها نحو الأفضل، ونشقى ونحزن لمصائبنا وبخاصة نكبتنا في فلسطين. وقال لكننا نُصر على عروبتنا، ونصر على مواطنتنا كاملة غير منقوصة، وهذا ما نأمل أن تساعد به وثيقة مراكش، التي نطمح لإصدارها بنهاية أعمال هذا المؤتمر. وشددوا على أهمية إعلان مراكش المتوقع صدوره اليوم، من جهة ضمان حقوق الأقليات الدينية، لاسيما الحق في حرية ممارسة الشعائر، مشيرين إلى أن روح الإعلان تتحقق في سياق يعلي مكانة الإنسان، وفقا للأمر الإلهي الذي يحرّم أي إكراه في الدين. وتواصلت، أمس، أعمال المؤتمر لليوم الثاني على التوالي، بحضور ممثل العاهل المغربي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق، ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الشيخ عبدالله بن بيه، إلى جانب وزراء الأوقاف في البلدان العربية والإسلامية، وممثلي الأديان في العالم. وتركزت النقاشات في الجلسة الافتتاحية برئاسة مفتي البوسنة والهرسك السابق، مصطفى سيريتش، على البعد الإنساني في فقه الأقليات، وعرض تجارب حماية التنوع والتعدد الديني والإثني أو العرقي في العصور الإسلامية الزاهية، حيث أشار أستاذ الدراسات المللية في جامعة أنقرة، الدكتور رجب شان توك، إلى أن فقهاء المسلمين تواصلوا مع الموروث الإسلامي، وبخاصة السنة النبوية الشريفة وأهم علاماتها الخالدة، أو ذروتها الإنسانية الرائدة، المتمثلة بـصحيفة المدينة، إلا أن العلماء في تلك المرحلة استنبطوا بدلالات أصولية لا تحتمل اللبس ما عرف باسم النظام المللي، الذي يقوم على قاعدة فقهية، مفادها أن الآدمي مكرم شرعاً، بصرف النظر عن جنسه أو دينه؛ لأن الله عندما خلق الإنسان أكرمه بالعقل والذمة. بدوره، عرض أستاذ الدراسات العبرية في جامعة محمد الخامس، الدكتور أحمد شحلان، التجربة المغربية في موضوع تعايش الأديان. وقال إن خير بداية في هذا الشأن يمكن أن تقوم على ملاحظة وضع اليهود في تاريخ المغرب، مشيراً إلى أنهم يقسمون إلى قسمين: يهود مغاربة أصيلون، ويهود وافدون من الغرب بعد سقوط الأندلس، ومع ذلك تعايشوا جميعهم مع الأغلبية الإسلامية بأمان، وساهموا بفعالية في إغناء العلوم والدراسات الإنسانية بالعربية، إضافة إلى تفاعلهم مع محيطهم، حيث شاركوا في الوزارات والصناعات ومختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إلى ذلك، تحدث وزير الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين، يوسف ادعيس، عن تجربة التعايش بين الأديان الضاربة في عمق التاريخ، في المنطقة، بداية من مرحلة الفتح الإسلامي، أو ما عرف باسم العهدة العمرية، وهي تجربة فريدة في الرعاية الإسلامية للتعدد والتنوع الديني في تلك البلاد، إلا أن ما يجري من استباحة للمقدسات والحرمات اليوم على يد المحتلين الغزاة يندى له الجبين، ومع ذلك لا يتحرك المجتمع الدولي لتصحيح هذا الوضع الشائن. وكان الشيخ عبدالله بن بيه، أوضح في الكلمة التأطيرية التي ألقاها أن محاور النقاش والبحث في موضوع حماية الأقليات تنطلق من منظور إسلامي تمثله صحيفة المدينة كعلامة هادية على حفظ الحقوق وصيانة الحرمات لغير المسلمين، مشيراً إلى مقدمتين ضروريتين، ينطلق البحث على أساسهما، حتى تصل الخلاصة إلى مضمون معرفي علمي إنساني: الأولى تتعلق بمنهجية هذا البحث، ومنهجية كل بحث فقهي رصين في التعامل مع النصوص المقدسة، ومع التراث بصفة عامة. والثانية تتعلق بسرد جملة من النصوص الكلية التي تؤسس لقيم التعايش، وتبرز المقاصد الكبرى غير الظرفية، التي لا يمكن أن يعتريها نسخ أو تبديل، والتي تمثل صحيفة المدينة تطبيقاً عملياً ومظهراً من تمظهراتها. وأضاف ابن بيه أن منهجيتنا في التعامل مع نصوص الشريعة الإسلامية هي منهجية أصولية، تسعى لبيان أن الرحمة مبدأ راجح على كل الجزئيات، وأن علاج أمراض الأمة يمكن أن يكون من صيدلية الدين والعقل في آن واحد، وأن حلول معضلاتها يجب أن تخرج من رحم هذا الدين بالأدلة البينات والحجج الواضحات، تلك هي الدعوى وذلك هو التحدي. وأضاف إننا نعي أن كل نصوص الشريعة لها موقعها وموضعها، وأن التعامل معها تلقياً وفهماً وتنزيلاً ليس أمراً عبثياً، وليس تابعاً لهوى الأفراد أو الجماعات أو إملاءات المصالح الوهمية أو المتوهمة، بل هو وعي منحناه من منهج السلف الصالح من العلماء الراسخين، وفهمهم الذي أحاط بأقطار الكون والكينونة، وأبعاد الوجودات الخارجية والذهنية. وقال إنهم أصّلوا للعلاقة بين أقسام الخطاب الشرعي، وبين منظومة الأوامر، وأحوال المأمور ودرجات التكليف، ولاحظوا ميزان الزمان والمكان والإنسان، ووزن المصالح والمفاسد، والعلاقة بين الواقع والمتوقع، فأقروا تغيير الأحكام بتغير الأزمان بناء على نصوص منضودة، وسيرة للنبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه مشهودة. المواطنة كما يُعرِّفها الإسلام عرض رئيس ديوان الوقف السني في العراق، عبداللطيف الهميم، ما يشهده العراق من احتراب وصراع لا ناقة ولا جمل به لعموم العراقيين، مشيراً إلى أن ما يجري هو في الحقيقة خدمة لمشروعات من وراء الحدود، وتنفذ بأيادينا نحن العراقيين مع الأسف. وتحدث شيخ طائفة الصابئة المندائيين في العراق، الشيخ ستار جبار حلو، عن معاناة العراقيين بعد دخول تنظيم داعش إلى جبل سنجار، ما أسفر عن نزوح 400 ألف، ومقتل أكثر من 3000 شخص، وخطف 5832 شخصاً، منهم 3000 امرأة وفتاة جرى اغتصابهن وبيعهن كسبايا وجوارٍ، ومازلن يلقين هذا المصير الأسود، إضافة إلى تدمير 18 مزاراً للطائفة. ودعا حلو في الختام إلى إنجاز وثيقة مراكش على أساس المواطنة، كما يُعرّفها الإسلام، ويعمل بها المسلمون الحقيقيون. وشدد رئيس طائفة الشبك، محمد جمشيد الشبكي، على ضرورة تقديم إعلان مراكش بشكل يحيط بكل الجوانب الحقوقية والقانونية لمفهوم المواطنة في بعده الإنساني الراهن.

مشاركة :