الولاء للأوطان، قيمة مهمة يُطالب الشخص التمسُّك بها حفاظًا على وحدة الدولة واستقرارها. طبيعة هذا الولاء يرتبط بإشكاليّات مُعقَّدة. ونتيجة لتطوّر المُجتمعات وانفتاحها على العالم الذي أضحى قرية صغيرة بسبب ثورة المعلومات والاتصالات، اكتسب مفهوم الولاء للوطن أهمية كبرى لعلاقته بسيادة هذه الدول وتماسك وحدتها، فغالبية المواطنين في العالم العربي في حيرة تجاه المفاهيم للولاء، كالولاء للقبيلة أو الطائفية أو الحزب أو رئيس الدولة. الأستاذ عبدالملك آل الشيخ في مقاله: "الولاء للوطن بين الواجبات والحقوق"، المنشور بجريدة الحياة، أضاف: إن ثورة المعلومات وما أتاحته من انفتاح لا محدود على العالم الخارجي أدَّى إلى زيادة تلك الحيرة لدى الإنسان العربي تجاه هذه الولاءات المحليّة، بل وحتى الولاء للوطن، وأضحت فكرة مشوّشة، فهو يسمع فكرة الولاء للوطن في وسائل الإعلام العربية، يتغنَّى بها، ولكن هذا الإعلام لم يستطع أن يوصل للمواطن العربي معناها الحقيقي، ليُدرك أنها محور الاستقرار والواجب الرئيسي بين كل الواجبات. غرس الولاء للوطن لا تخاض بالمال والعتاد، ولا يكفي لها عقد المؤتمرات والندوات، وينتهي دورنا بانتهاء هذه الفعاليات، بل يجب -كما يشير الأستاذ عبدالملك آل الشيخ- وضع برامج مؤسسية مدروسة وممنهجة ومستمرة. الدكتور أحمد الدبيان مدير عام المركز الإسلامي بلندن أشار في كتابه: "المواطنة والوطنية تحديات وإشكاليّات" الى أنه وفقًا لخطط التنمية تم نقل المواطن من حياة الريف والبداوة وقلة الموارد المادية بصورة عامة إلى توفير كثير من قطاعات الخدمات والبنية الأساسية للمواطن، وهو تطور مادي، كون التطور المادي -كما حدث في بعض دول العالم- أسرع من التطور الثقافي والمعرفي. إن مجتمعنا ينتقل بسرعة من عهد الريف والبداوة إلى المجتمع المعاصر، بما فيه من مفاهيم حضارية وتعقيدات إدارية متطورة وقضايا تعايش، وقضايا حوار، ومفاهيم حقوقية واجتماعية، وهو أمر يحتاج إلى كثير من الوعي الثقافي والاجتماعي ليس من اليسير تحقيقه، ليس معنى المقصود بالانتقال الثقافي تغيُّر تعاليم الدين أو القيم الخيّرة في المجتمع، فهذه ليست مقصودة. التحوّل المالي والطفرات التنموية أدت إلى انعدام تواجد قيم المواطنة لدى الكثيرين، وتوجد لدى بعض الناس فقط بدافع أو بسبب، وتنعدم لدى الغالبية كون البناء الثقافي والمعرفي الذي ترعاه المؤسسات التعليمية والإدارية العربية ضعيف، ولا يمكنه أن يُحقِّق تقدُّمًا في الجانب القيمي في تلك المجتمعات، وهذا الوجود الفردي لهذه القيم لدى بعض الأفراد لا يخلق مجتمعًا متكاملًا. إن الابتعاد عن منظومة القيم مشكلة تقع مسؤوليتها على المجتمع بجميع مكوّناته؛ وكذلك على بعض الجهات، خاصة في مجالات التربية والتعليم والإعلام والتعليم الديني، ويجب على تلك الجهات المعنية ألا تترك هذا الأمر دون وضع خطط ورؤية ثقافية معرفية لتعميق هذه القيم، واستمرارها في المجتمع، وليسعد المجتمع في تحقيق أمنه ووحدته وبناء حضارته، وتحقيق مبدأ المواطنة، كما يجب أن تتوقّف بعض المهرجانات التي يتوفر فيها مظاهر التعصب القبلي الذي نهانا عنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. Hussain1373@hotmail.com Hussain1373@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (38) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :