على مدار عقود عديدة، استفادت عديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من وفرة الموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والغاز. لكن المنطقة ليست غنية بجميع الموارد. وفي الواقع، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقيرة في الأراضي، وعلى نحو متزايد. وفي منطقة تحتل الصحراء 84 في المائة من مساحتها، فلا يتبقى سوى أقل القليل من أراضيها لزراعة الغذاء. وفي حقيقة الأمر، وبالنظر إلى سوء نوعية الأراضي في المنطقة، إذا قرر المزارعون في المنطقة زراعة مزيد من الأراضي، فيمكنهم زيادة المناطق المزروعة 17 في المائة إضافية على الأكثر دون الحاجة إلى اللجوء إلى الري. ولا يوجد سوى قليل من الأراضي لاستيعاب سكان المناطق الحضرية المتزايدة في المنطقة، ما يؤدي إلى توسع المدن على رقعة الأراضي الزراعية أو إلى الصحراء. وبحلول 2050، قد تتعين زيادة إجمالي مساحة الأراضي الحضرية في المنطقة 50 في المائة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السكان. ويتناول تقريرنا المعنون "أهمية الأراضي" طبيعة مشكلة الأراضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومداها، وأسبابها العديدة، وما يمكن عمله للتصدي لهذا التحدي. ويوضح التقرير أيضا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم تعد قادرة على تجاهل مشكلة الأراضي، ولا سيما أن الحكومات تتعامل مع المخاطر الناجمة عن تغير المناخ وضغط النمو السكاني. وقد تجاهلت الحكومات هذه المسألة أو استجابت لها بالطرق الثلاث التالية. طورت عديد من الدول أراضيها الصحراوية "للأغراض الزراعية ولبناء المدن الجديدة"، مع تحقيق نتائج متباينة ومع زيادة الضغوط على مورد أكثر ندرة، وهو المياه. قيدت بعض الدول استخدام الأراضي لخدمة أهدافها الاستراتيجية "مثل السيادة الغذائية"، لكنها أوجدت أوجه قصور عندما قامت بذلك. ومن الحكايات المثيرة للاهتمام التي توضح هذه النقطة في التقرير حالة المزارعين الذين يستأجرون الأراضي العامة الخصبة، ويشتكون من أن حكومتهم تطالبهم بإنتاج الألبان بدلا من زراعتها! وعلى مدى الـ15 عاما الماضية، كانت بعض الدول الأشد فقرا في الأراضي في المنطقة تشتري "أو على الأقل تحاول شراء" مساحات كبيرة من الأراضي في دول أخرى، لإنتاج سلع أولية يتم تصديرها بعد ذلك إلى بلد المستثمر، وهي الممارسة التي أثارت بعض الجدل على المستوى الدولي. ورغم أن من المفهوم تماما لماذا ظهرت هذه الممارسات، فمن الواضح أنها لن تحل المشكلة. وفي بعض النواحي، يمكن أن تزيد الأمور سوءا. وفي أحدث تقرير لنا، نرى أن جذور هذه المشكلة إلى حد كبير هي سوء إدارة الأراضي، ما يحول دون استخدامها بكفاءة ... يتبع.
مشاركة :