هل يحاول الطبوبي استنساخ تجربة الرباعي التونسي للحوار؟

  • 1/27/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - انضمت ثلاث منظمات تونسية هي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى المبادرة التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل ويستعد لعرضها على الرئيس قيس سعيد ضمن جهود يقودها في خضم أزمة سياسية مستعصية ومعركة لي أذرع بين الاتحاد والحكومة حول برنامج تمويلي بنحو 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي شروط تراها المنظمة العمالية قاسية وتثقل كاهل المواطن، بينما كان لافتا أن الاتحاد العام التونسي للصناعة والتجارة (أرباب العمل) الذي كان شريكا في رباعي الحوار التونسي في 2013، لم يلتحق بالمنظمات سالفة الذكر فيما يبدو أنه لم ينخرط في مبادرة اتحاد الشغل. ويسعى اتحاد الشغل إلى استنساخ التجربة السابقة للرباعي التونسي للحوار الذي كان له دور مفصلي في العام 2013 لحلّ أزمة سياسية حادة في البلاد انتهت بتشكيل حكومة تكنوقراط آنذاك كانت مهمتها تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في العام 2014. وقال الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي في كلمة ألقاها اليوم الجمعة إلى جانب ممثلين عن كل من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالعاصمة تونس إن "البلاد تعاني من انسداد الأفق لأكثر من 12 عاما ونحن نتبادل الاتهامات والبلاد تغرق"، مضيفا "لا مجال إلا للقاء حول طاولة الحوار". وتابع "ننظم المبادرة الوطنية للإنقاذ الوطني للتشاور من أجل صياغة برنامج متكامل وعقلاني حول كيفية إنقاذ البلاد ونحن في اللحظات الأخيرة للإنقاذ". وينتظر أن تتفرع عن هذه المبادرة ثلاث لجان تضم خبراء في مجالات القانون الدستوري والاقتصاد والشؤون الاجتماعية وستعمل على تقديم مقترحات شاملة وحلول تعرض لاحقا على الحكومة وعلى الرئيس سعيّد. وكان الطبوبي قد لوّح في خطاب ألقاه خلال الأسبوع الماضي بأن اتحاد الشغل لن يقف مكتوف الأيدي في حال رفض الرئيس سعيد المبادرة قائلا "لكل حادث حديث"، موجها نداء إلى السياسيين بأن "تونس تنادينا جميعا ويجب أن نتجاوز الأحقاد"، مؤكدا "أنه لا يمكن البناء بقرار فردي". وأقر بأن اتحاد الشغل يخوض معركة سياسية في إطار ما أسماه "مساعيه الرامية إلى فتح طريق جديد يعيد البلاد إلى سكة البناء الديمقراطي والمؤسساتي ويضعها مجددا على طريق التنمية والعمل والبناء بعيدا عن كل مظاهر الاستبداد أو العودة إلى الحالة التي كانت عليها البلاد قبل 25 يوليو/تموز 2021". وحذر من ردود الفعل الشعبية إزاء تدهور الأوضاع، في مؤشر على أن المنظمة النقابية ستلجأ إلى استغلال ورقة الشارع في حال تطور خلافها مع السلطة السياسية القائمة إلى صدام. لكن الرئيس قيس سعيد رد على رسائل التهديد التي وجهها الطبوبي بتصريحات حذر من خلالها من مغبة استغلال أزمات البلاد لتأجيج الأوضاع والتحريض على مؤسسات الدولة، مشددا على أنه سيتم التصدي لكافة هذه المحاولات. وتنظم الأحد الدورة الثانية من الانتخابات البرلمانية وسط توقعات بنسبة إقبال ضعيفة مع مقاطعة أحزاب المعارضة السياسية لها والتجاء بعضها إلى جهات خارجية مطالبة بعدم الاعتراف بنتائجها على غرار الحزب الدستوري الحر الذي دعا مؤخرا منظمة الأمم المتحدة إلى عدم تزكية الانتخابات التشريعية ووصفها بـ"غير الشرعية". وفشلت أحزاب المعارضة في كسب رهانها على تجييش الشارع التونسي ضد سعيّد رغم استغلالها للأزمة الاقتصادية وفقدان بعض المواد أساسية وعزوف الناخبين عن المشاركة في الدور الأول للانتخابات التشريعية، إذ اصطدمت بقناعة شعبية مفادها أنها تتحرك من أجل تحقيق أهدافها السياسية واستعادة السلطة مجددا. ويرى العديد من التونسيين أن الأحزاب المعارضة لمسار 25 يوليو/تموز استوفت فرصتها خلال عشر سنوات كاملة محملينها مسؤولية الأزمات المتراكمة التي تعيشها البلاد. ورغم ضبابية الوضع واحتدام الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية فإن العديد من التونسيين لا يرون بديلا عن الرئيس سعيّد خاصة بعد أن نجحت أحزاب العشرية الماضية في ترذيل العمل السياسي والعبث بمؤسسات الدولة. تونس - يضغط الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في تونس، لتمرير مبادرة حوار كان قد اقترحها مؤخرا، مشددا على أن الهدف منها هو الخروج من الأزمة الراهنة، مراوحا في خطابه بين التصعيد والمهادنة في خطاب يدرك جيدا أن الرئيس التونسي قيس سعيد لا يقبله. وتسعى المنظمة النقابية بعد أن تجاهلها سعيد حين رفض أمينها العام نورالدين الطبوبي الانخراط في حوار وطني اقترحه الرئيس التونسي، إلى استعادة زمام المبادرة من خلال التلويح بورقة الشارع حينا والتهدئة حينا آخر. واختبرت في الفترة الماضية الاحتكام للشارع عبر تنفيذ إضرابات عمالية في قطاع النقل ما أثر على حركة التنقل في العاصمة التونسية، لكن لم يكن لذلك تأثير على الرؤية والمسار السياسي الذي رسمه قيس سعيد. ودخل الاتحاد العام التونسي للشغل في معركة لي أذرع مع السلطة من بوابة رفض قبول الحكومة بشروط يطرحها صندوق النقد الدولي في مفاوضات متعثرة للموافقة على برنامج تمويل بنحو 1.9 مليار دولار تحتاجه تونس بشدة في مواجهة أزمة مالية طاحنة. وفي أحدث جولة اختبار لردّ السلطة، بعث  الطبوبي اليوم الجمعة برسائل تحذيرية إلى الحكومة، معلنا عزم المنظمة العمالية تعديل بوصلة المسار الحالي، لافتا إلى تدهور أوضاع البلاد على كافة المستويات. وقال بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ77 لتأسيس المنظمة العمالية إن "الاتحاد ليس في معركة لا مع زيد ولا مع عمر وأن التداعيات الاجتماعية للوضع الكارثي تفرض عليه لعب دوره لإنقاذ البلاد"، مذكّرا بأن الاتحاد أثبت على مرّ التاريخ أنه قوة اقتراح وخير. وأكد أن "الاتحاد يتحرك دائما من منطلق الحكمة والرصانة من أجل مصلحة البلاد وأنه غير معني بالسلطة التي كانت على قارعة الطريق في العام 2011 ورفضها"، موضحا أن "المنظمات تشتغل على مبادرة متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية سيتم تقديمها إلى السلطة القائمة التي رفضت مبادرة 2020". وقال إنه "في حال رفض السلطة السياسية مجددا للمبادرة التي يجري إعدادها سيكون لكل حادث حديث" وأكد أن "تونس ليست مخبر تجارب وأن شعبها لن يستغني عن بلاده وأن بعض الأطراف تسعى للتسويق بأن أمل التونسيين اليوم هو علبة حليب"، لافتا إلى أن "الشعب التونسي حرّ ولا يستجدي أحدا وهو قادر على بناء دولته فالثورة الحقيقية تكمن في الذكاء التونسي". وأضاف أن الأيام المقبلة ستكشف عن هوية الأطراف التي وقعت على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لافتا أن الدعم تم رفعه فعليا إذ تم خفض نفقاته في ميزانية العام الجديد بنسبة 26 في المئة، وأن الاتحاد الذي يملك كافة التفاصيل لم يكن طرفا في أي من هذه الاتفافيات. وحذر الطبوبي من "ردود الفعل الشعبية"، قائلا إن "الشعب حتى لو منح ثقته فإن ردود أفعاله دائما مدروسة"، مضيفا "من غير المقبول أن يتم العودة بتونس إلى القرون الوسطى"، متوجها إلى السياسيين برسالة مفادها أن "تونس تنادينا جميعا ويجب أن نتجاوز الأحقاد"، مشددا على "أنه لا يمكن البناء بقرار فردي كما أن لا أحد يملك الحقيقة الكاملة". وتابع "نقول للسلطة في تونس لا تفكروا في التدخل في استقلالية الاتحاد العام للشغل"، مضيفا "صحيح أنّ معركتنا هي معركة نقابية، لكنها أيضا معركة سياسية بامتياز"، مؤكدا أنّ "تونس لا يمكن أن تُبنى بقرار فرد في أيِّ موقعٍ كان". وكان الاتحاد قد أصدر بيانا قبل احتفالية اليوم الجمعة أكد من خلاله أنه "يخوض مع شركاء له من المجتمع المدني حوارا لصياغة مشروع وطني سيتمّ عرضه على السلطة وعلى الفاعلين السياسيين والاجتماعيين لإنقاذ البلاد" وأكد أن مبادرته التي أطلقها مع هيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تسعى إلى "فتح طريق جديد يعيد البلاد إلى سكة البناء الديمقراطي والمؤسساتي ويضعها من جديد على طريق التنمية والعمل والبناء بعيدا عن كل مظاهر الاستبداد أو العودة إلى الحالة التي كانت عليها البلاد قبل 25 يوليو/تموز 2021".  وعبر عن استعداده "لإسقاط كل البرامج والسياسات التي تهدف إلى تعميق الفوارق الاجتماعية أو المس بقوت الفئات الشعبية أو إنهاء المرفق العام بغرض تصفيته أو خصخصته". وتأتي رسائل الطبوبي في سياق تحركات سابقة شرع فيها الاتحاد وتهدف إلى كسب الدعم الشعبي وتأييد منظمات المجتمع المدني في مواجهة التجاهل الذي لقيه من الرئيس قيس سعيد.  وأكد في تصريح سابق أن حالة العزوف التي شهدتها الانتخابات التشريعية هي رسالة لكل الطبقة السياسية تظهر إحباط ويأس التونسيين، لافتا إلى أن الاتحاد لن يكتفي برفع الشعارات وقد برهن في العديد من المناسبات على قدرته على فرض كلمته في إشارة إلى سلاح الإضرابات الذي أثبت فاعليته في شلّ الاقتصاد.   لكن الرئيس سعيد حذر مرارا من محاولات الاعتماد على خطاب الأزمة لتأجيج الأوضاع والتحريض على مؤسسات الدولة، مؤكدا أنه سيتم التصدي لمحاولات ضرب السيادة الوطنية من قبل قوى داخلية أو خارجية مأجورة قائلا إن "سيادة الدولة التونسية ليست مطروحة في أي جدول أعمال مع أي طرف كان".  

مشاركة :