حلب (سوريا) - عاشت مدينة حلب السورية طوال يومين على وقع مهرجان “تجليات” الذي أدخل المدينة في حالة من التجلي الصوفي، عبر شحنة من الأشعار والأمسيات الإنشادية والفكرية والأدبية التي قاربت بين فناني سوريا ومنحت مساحة لتقديم رؤيتهم الخاصة للتصوف وتأثيره في الحياة الثقافية. نفحات جمالية من الصوفية والعرفانية كانت حاضرة في المهرجان، والذي نظمته جمعية “بيت القصيد” الثقافية بالتشاركية مع مديرية الثقافة في حلب، ومنتدى “اليمامة” الأدبي. حالة من التجلي الصوفي حالة من التجلي الصوفي وتضمن المهرجان الذي احتضنته دار الكتب الوطنية في حلب، على مدار يومين تقديم عدد من المنجزات الأدبية والمداخلات الشعرية الصوفية وتضمن المهرجان تقديم لمحة موجزة عن الشعر الصوفي وتعريفه، ولغته الخاصة الغامضة والشاقة المتسمة بالرمز والغموض ويلعب الخيال والتخييل دورا بارزا فيها، لتغري بقراءة ما وراء المتخفي، إلى جانب عرض فيلم يقدم حوارية بين أعلام الشعر الصوفي أمثال الحلاج، السهروردي، الإمام الصياد، فريدالدين العطار وعمر الخيام وغيرهم. وشارك في اليوم الأول للمهرجان ستة مشاركين من أعضاء منتدى اليمامة الأدبي بعرض فيلم توثيقي حول أعلام الأدب الصوفي بعنوان “تجليات”، وتقديم القصائد الوجدانية والصوفية والمقاطع الشعرية الغنائية. وقدمت الدكتورة ميادة مكانسي في بداية المهرجان مداخلة عن ماهية الأدب الصوفي ونفحاته الروحية والعرفانية وملامحه الجمالية والإنسانية وإشكالياته الإبداعية. وألقى الشاعر هاشم ميسر قصيدتين: الأولى بعنوان “واحد لضميرين” والثانية “تمرين على النسيان”، مبينا أنهما تدوران في فلك العرفانية وعلاقة الذات بالأنا. وألقت الشاعرة فاطمة بادنجكي قصيدة بعنوان “صخب الشعر”، لافتة إلى أنها سعت لأن تكون القصيدة ذات طابع صوفي روحي، حملت بين طياتها الأحاسيس والمشاعر. وألقى الشاعر عمر قنطار قصيدتين لم يعنونهما الأولى وجدانية، والثانية صوفية، حاكى فيهما الأحاسيس الراقية للحب، بينما ألقى الشاعر يحيى شريفة قصيدة تناول فيها ما يعتري النفس من مشاعر الحزن والأسى من راح المحبة والهوى. كما قدم الشاعر نزار خربوطلي قصيدة “جف الهوى” تناول فيها ألم الفراق وأنين الحب والشوق للوصال، وألقت الشاعرة فرح الحويجة قصيدة بعنوان “في وصف من لا يقبل الوصف” عبرت فيها عن أجيج العشق والهيام والعتاب ما بين المحبين. كما كان لضيف شرف المهرجان الأديب محمد بشير دحدوح مدير مقهى حلب الثقافي حضور بارز بإلقاء قصيدة وجدانية بعنوان “مغارة الأسماء”. وأوضح أمجد بري رئيس مجلس جمعية بيت القصيد الثقافية أن الجمعية أخذت على عاتقها منذ تأسيسها دعم المواهب الشابة في حلب، مشيرا إلى أن ما يميز المهرجان اليوم أنه يحاكي الأدب الصوفي خلال حقبة سادت في مدينة حلب. وبيّن أحمد زياد غنايمي مدير بيت اليمامة الأدبي أن المنتدى يعنى بدعم المواهب الشابة، ويضم 40 عضوا، وتم اختيار 12 شاعرا وشاعرة من بينهم، للمشاركة في هذا المهرجان الذي حمل خصوصية التجليات الأدبية الصوفية والعرفانية. وتعرف حلب بأنها منطقة يكثر فيها التصوف والصوفيون، منذ قرون، فقد انتشر في حلب خلال القرن الحادي عشر الميلادي شكل من التصوف المنظم الذي يجمع العلماء الصوفيين والمريدين في مؤسسات خاصة تدعى الخانقاه. ثم انتشر نوع ثان من المؤسسات الصوفية في المدينة هي: التكيّة التي ترتبط عادة بمؤسسة صوفية لها صلات مباشرة بالسلطات العثمانية أو بفرقة تركية. ولدى معظم المؤسسات التي تدعى التكايا في حلب مساحة كافية لاستيعاب مجتمع الصوفيين الذين عاشوا هناك بشكل دائم. الأمثلة الثلاثة الأبرز في حلب العثمانية هي التكية المولوية، تكيّة الشيخ أبوبكر وتكيّة بابا بيرم. وأسهم تعدد آثار التصوف وتنوعها في الحياة الثقافية لمدينة حلب مما جعل منها مدينة صوفية، غناء وشعرا وأدبا، وحتى اليوم هناك العديد من فرق الإنشاد الصوفي الشهيرة عربيا والقادمة من حلب. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :