وفق الممثل البريطاني تشارلي هونام "يقولون أن المسرح هو وسيط الممثل، والتلفزيون هو وسيط الكاتب والفيلم هو وسيط المخرج"، وهذا صحيح حقًا،. فالإخراج السينمائي هو تحويل الكلمات إلى منتج سمعي وبَصري قائمًا بذاته ومعبرًا عنها. وفي هذا الصدد قدَم الخميس المعهد الفرنسي في بغداد العرض الأول لفيلم "رجل الخشب" للمخرج العراقي قتيبة الجنابي من انتاج علي رحيم. ويناقش الفيلم قضية اللاجئين الغير شرعيين والملاحقين من قبل السلطات، وتعتبر قضايا النزوح والاغتراب والمنفى قضية الاساسية دأب على مناقشتها الجنابي في افلامه مثل فيلميه الرحيل الى بغداد وقصص العابرين. وحاز الفيلم على جوائز عديدة منها الذهبية من مهرجان طوكيو للفيلم المستقل .والبرونسية من مهرجان أشبيلة السينمائي، و قد تم عرضه في مهرجانات عديدة كان اخرها عرضه في مؤسسة شومان في الأردن. الثيمة الأساسية للفيلم هي هاجس الحنين الى الوطن عن طريق رجل الخشب وهو دمية شبيهه بدمية بينوكيو، غير إنها من دون انف وفم لكن عيني هذه الدمية وتحركاتها مليئة بالتعبير عن الوحدة والم الغربة والحنين الى الوطن. وتم تصوير مشاهده في هنكاريا وهو سيريالي بحكاية فنتازية مدته75 دقيقة، الحوار فيها قليل جداً وباللغة الهنكارية غير إن طريقة التصوير والتأثيرات الصوتية تعكس كل احساسيس رجل الخشب وعواطفه ومحنته مما يؤثر في المتلقي ويدفعه للتفاعل معه. بثلاثة ابطال فقط صاحبة المنزل والحارس والدمية الخشبية وحوار بسيط جداً ولغة مكثفة من المشاعر استطاع الجنابي رسم صورة لمعاناة اللاجئين وبرودة الغربة مثل برودة الثلج الدائم الهطول في المشاهد الخارجية للفيلم . ومن العبارات المؤثرة جداً في الفيلم "لا احد يولد وهو يحلم أن يكون لاجئ" وهي جملة تعكس معاناة كل الذين اضطروا لمغادرة ارضهم هرباً من الظلم والتعسف والسلطات الدكتاتورية. تبِع عرض الفيلم ندوة ثقافية من تقديم الناقد السينمائي علاء المفرجي عبرَ فيها صاحب رجل الخشب المخرج قتيبة الجنابي عن رؤيته للفيلم الذي اختار الدمية الخشبية للتعبير عن المهاجر لانه حاول المزج بين مفهوم الشجرة ومفهوم الإنسان الذي يحمل احلامه وكوابيسه وحنينه ليجد نفسه في بيئة غريبة عنه ويعاني من صعوبة التعايش فيها. وقتيبة الجنابي، وُلد في بغداد، ودرس التصوير الفوتوغرافي والتصوير السينمائي في بودابست بالمجر. عمل منتجًا ومخرجًا في العديد من الأعمال التليفزيونية، ومصوراً سينمائياً في الأفلام الروائية. أخرج قتيبة وأنتج أفلاماً قصيرة ووثائقية من بينها "القطار"، "أرض الخراب"، "الرجل الذي لا يهدأ أبد"، وأفلام روائية مثل "الرحيل من بغداد" الفائز بالجائزة الأولى في مهرجان دبي السينمائي، وجائزة الفيلم البريطاني المستقل، وترشح لجائزة سينما من أجل السلام في مهرجان برلين، وعُرض في متحف الفن الحديث في نيويورك. كما أخرج فيلم "قصص العابرين"الحائز على العديد من الجوائز، وجرى تصوير أحداثه على مدار 30 عاماً، وشارك في العديد من المهرجانات الدولية حول العالم.
مشاركة :