'ممكن نتوه' يلاحق معاناة ثلاث شابات في دهاليز القاهرة

  • 2/3/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط - يتحدث الفيلم الوثائقي الطويل "ممكن نتوه" للمخرجة المصرية منار الزهيري، عن رحلة نضج ثلاث شابات مصريات طموحات تنشأن في محافظات خارج القاهرة، يملكن صورة بعيدة عن العاصمة تتبدد وتتغير خلال دخولهن في عالم مدينة القاهرة بحثا عن ذواتهن أثناء الثورة، لتواجهن مواقف شخصية تزلزل هويتهن، فتتخذن قرارات جريئة على مستوى الحياة المهنية ومواقف مختلفة تجاه الزواج والأمومة، تعكس التغيرات الغير مرئية للمدينة. تم اختيار الفيلم الوثائقي "ممكن نتوه" في مهرجان الإمارات للأفلام الذي سيقام في مارس/آذار 2024، وفي هذا السياق، قامت "ميدل إيست أونلاين" بحوار مع المخرجة المصرية منار الزهيري. وفيما يلي نص الحوار: كيف بدأت فكرة إنتاج الفيلم الوثائقي "ممكن نتوه"؟ وما الذي جعلك تختارين معالجة رحلة نضج ثلاث شابات مصريات خارج القاهرة؟ بدأت من خلال عملي كمدربة في مشروع تنموي مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (غيز)، إذ كنت منسقة ومدربة في برنامج تدريبي على سينما الموبايل، يستهدف صناع الأفلام المبتدئين من مختلف المحافظات في مصر، فكان الهدف من البرنامج إنتاج قصص أصيلة وجديدة تتناول قضايا المرأة، والمشكلات السكانية، والدمج المجتمعي لذوي الهمم. ورأيت خلال تلك التجربة الحاجة إلى إيصال رسائل حول قضايا المرأة وتحدياتها بطريقة تمثل الفئات الغير مشهورة في وسائط الإعلام الرئيسية، لذلك قررت التوجه نحو رحلة ثلاث فتيات مصريات طموحات ينشأن في محافظات خارج القاهرة، حيث رأيت في قصص هؤلاء الفتيات فرصة لتسليط الضوء على التحولات الشخصية التي يمر بها الأفراد خلال رحلتهم للبحث عن ذواتهم في المدينة، خاصة خلال فترة الثورة في عام 2011، حيث كانت هذه الفترة تمثل لحظة تاريخية مهمة فيها فرصة للكشف عن التغيرات الغير مرئية في مدينة القاهرة وتأثيرها على حياة الأفراد. كيف كان تصوير الحياة في محافظات مصر النائية وردود الأفعال المحلية تجاه الفيلم؟ كانت معظم عمليات التصوير تتم في القاهرة، حيث تظهر المحافظات في الصور الأرشيفية وفي بعض المشاهد التي تم التقاطها داخل القطار أو على مركب في النيل، ينتقل من الأقصر إلى أسوان، وكانت فكرة هذا التمثيل البصري تركز على لحظة الانتقال من المحافظات إلى القاهرة، حيث يظهر التغيير والتحول من خلال اندماج الفتيات في الحياة الحضرية، فقمنا بتقسيم عمليات التصوير بين مناطق القاهرة القديمة، وتحديدا القاهرة الإسلامية التاريخية، والقاهرة الجديدة بمناطقها الحديثة، مما يبرز الفارق بينهم. وشارك الفيلم وعرض في اثني عشر مهرجانا حتى الآن، وقد فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان زاكورة للفيلم الوثائقي العربي الإفريقي، ومع ذلك لم يتم عرض الفيلم في مصر حتى الآن، وخلال عملية تطوير الفيلم، تم عرض نسخة خام في عروض تطوير مغلقة داخل مصر، وقد حصل على تعليقات إيجابية خاصة بمواضيع الحرية للنساء ومناقشة قضايا حساسة لم تتم تغطيتها بشكل كاف في وسائل الإعلام. حدثينا عن التغيرات في هوية النساء خلال فترة الثورة، وكيف تم تجسيد الأحداث السياسية والاجتماعية في تجربتهن الشخصية؟ تمثل "عبير" قصة حبها الأولى خلال فترة المظاهرات بين عامي 2011 و2013، حيث لم تكتمل بسبب حركة تمرد ضد حكم الإخوان المسلمين، شاركت هي في حركة تمرد، بينما كان حبيبها جزءا من حركة تجرد. جسدت "عبير" صورة لمدينة القاهرة من خلال المقالات السياسية التي سبقت فترة الثورة، معتبرة أنها كانت مهيئة جدا للثورة من خلال تتبعها لتلك المقالات، ولكن بعد الأحداث أصبحت تشعر أنهم جميعا خدعوا. بالنسبة ل "مريم"، قضت طفولتها في الإمارات وعادت إلى مصر بعد الثورة لتدخل كلية الإعلام، إذ تعكس تكاليف الجامعة واقترابها من الأحداث العامة تغيرا في معانيها الشخصية، مع اكتشافها لتغيرات في مفاهيم مثل الحرية والعدالة، وعلى الرغم من محاولاتها لتجنب المشاركة في الأحداث الرئيسية، انعكست مفاهيمها بشكل كبير. أما "روضة"، فكانت تتبنى موقفا مختلفا تماما خلال الفترة، حيث اعتمدت على وعود تيار الإسلام السياسي، ثم قامت بتغيير موقفها بعد الثورة، وابتعدت عن التيار بحثا عن مفاهيم العلمانية وحقوق المرأة وفهم الدولة. تظهر القصص الثلاث تأثير الظروف الاجتماعية والسياسية على أفعال الشابات، حيث يظهرن تغييرات في حياتهن الشخصية ومفاهيمهن الشخصية. "عبير" تقرر تحقيق حلمها بدخول قسم السيناريو في معهد السينما، بينما "روضة" تبحث عن فرصة للعمل بالخارج. "مريم"، بعد تغير أفكارها، تشعر بصعوبة في العثور على شريك حياة مناسب. ما هي اللحظات الرئيسية التي تعبر عن تحول هويتهن وتفكيرهن؟ نشأتهن المحافظة ووعيهن بالحياة العامة والسياسية ودرجة تأثرهن بالأحداث الكبرى هي البداية، حيث تتذكر "مريم" نفسها كمصرية في الإمارات تعرضت للتنمر بعد مباراة مصر والجزائر الشهيرة، ومساءلتها عن اتفاقية السلام مع إسرائيل وهي لم تدرس تاريخ مصر من الأساس، كذلك تتذكر "روضة" رحلة أهلها المميزة إلى رفح عام 2008 عندما علموا من التليفزيون بفتح المعبر وكيف جمعوا المساعدات من أجل أهل فلسطين، ثم عادوا خائبين بسبب رفض محطات البترول تزويدهم بأي بنزين في منطقة سيناء بأوامر من الحكومة حينها، بينما "عبير" تتذكر رفض أهلها لقراءتها للمقالات السياسية في الجرائد وحرقها باعتبارها إضاعة للوقت، فكانت تخبئها داخل الكتب الدراسية، ثم إيجاد خطة لكل منهن حول تغيير حياتهن العملية وإيجاد شريك الحياة وحجم التعقيدات التي يواجهنه. كيف تظهر الصورة الجديدة للشابات عندما يدخلن عالم القاهرة؟ وكيف تقدم المدينة تحديات جديدة وفرصا لهن؟ جاءت "عبير" إلى القاهرة من أجل معهد السينما بعد أن أنهت بكالوريوس الآداب قسم الإعلام في جامعة الزقازيق بالشرقية، فوجدت عالما غريبا عنها كفتاة محافظة، و "روضة" جاءت مع والدها الذي يعمل كمدرس في مدرسة دولية، أما "مريم" جاءت للتخلص من ظروف الحياة في القرية بالصعيد وسعيا للاستقلال المالي. وتمر الشابات الثلاثة بشعور من الاغتراب، حيث يتغير شعور كل منهن تجاه التمسك بارتداء الحجاب، لكنهن يتمسكن به، إذ تنجح "مريم" على مستوى الحياة العملية، بينما تقرر "روضة" البحث عن فرصة للهجرة، أما "عبير" فيزداد شعورها بالرفض المجتمعي. كيف يتجسد التغير في المواقف تجاه الزواج والأمومة في رحلة الشابات؟ ترى "روضة" أن الأمومة سجن، سجن للأحلام، و "مريم" تشعر أن الرجل الشرقي ينظر إلى المرأة بدونية، وأن هذا بعيد عما تعرفه هي عن مكانة المرأة في الدين الإسلامي، وتشعر أنه ليس سهلا إيجاد شريك حياة متعاون وداعم لها وأحلامها، بينما "عبير" يتركها شاب تقدم لخطبتها بمجرد معرفته بالتحاقها بمعهد السينما، وتطلب من أهلها ألا يفصحوا عن ذلك لإيجاد شريك حياة مناسب. ما هي الرسائل التي تأملين نقلها إلى الجمهور من خلال قصة هؤلاء الشابات وتجربتهن؟ سرد رواية منسية عن عمق تشكيل فشل الثورة لاتجاهات جيل الشباب، والتغيرات الاجتماعية بسبب الأحداث السياسية في مصر حجم تأثير الخطاب النسوي على فتيات الطبقة المتوسطة اللاتي نشأن نشأة محافظة، وتفهم حجم التحولات التي تتعرض لها النساء الشابات في العالم العربي مع الانفتاح على أفكار متعددة التوجهات، واستيعاب تحول نظرتهن للأمومة كعبا بسبب حد الحريات التي يتوقعنه. كيف يمكن للمشاهدين الشبان في مصر أن يستفيدوا من تجارب هؤلاء النساء وكيف يمكن أن تلهمهم؟ الصراع الداخلي الذي تمر به النساء هو هم الأجيال الصاعدة، لكن يظن الأغلب أنها مشكلة شخصية. فجاء سرد أثر الأحداث الكبرى على أبسط القرارات الشخصية، كرواية منسية تشكل وعيا فرديا وذاكرة جماعية نحتاج إليها في ظل أجواء متصاعدة من تدهور مشاعر الانتماء وتنامي الفردية. فمعالجة الفيلم تتضمن حوارا مفتوحا يجعل المشاهد ينظر لدوافع الشخصيات من منظور مختلف بعيدا عن إصدار الأحكام، ولكن متفهما لطبيعة التحولات الاجتماعية الكبيرة التي نعيشها في مصر. هل لديكم خطط للمشاركة في المهرجانات السينمائية؟ نعم، ونولي اهتماما خاصا بمهرجانات المرأة، كما نفكر في عروض بديلة أو عروض ذات تأثير خارج نطاق المهرجانات، حيث نجد فرصا للفيلم في تجاوز الحواجز وإثراء الحوار حول قضايا المرأة العربية. فاز الفيلم بجائزة السيناريو في مهرجان زاكورة للفيلم العربي الوثائقي، كما شارك في مهرجان دكا 2023، ومهرجان خريبكة للفيلم الوثائقي، مهرجان الفيلم الوثائقي الإنساني الإتنوغرافي في سوبراريه والدورة العاشرة من مهرجان الإمارات للأفلام بدبي، ومهرجان المصري الأمريكي في نيويورك، وفي الهند في الدورة السابعة من مهرجان الفيلم التراثي العالمي، وفي مهرجان إيكورهوليني الدولي للفيلم بجنوب أفريقيا، ومهرجان القدس السينمائي، بالإضافة إلى مشاركته في مهرجان كازابلانكا ومهرجان ابن جرير بالمغرب

مشاركة :