مواقف قومية لا تنسى للزعيم جمال عبدالناصر (2)

  • 2/4/2023
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نتابع‭ ‬اليوم‭ ‬استعراض‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬القومية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬للزعيم‭ ‬الراحل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭.‬ لبنان‭:‬ كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإنجلترا‭ ‬تقدمان‭ ‬الأموال‭ ‬لبعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬اللبنانيين‭ ‬لقبول‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬بغداد،‭ ‬لكي‭ ‬يصبح‭ ‬الحلف‭ ‬أيضا‭ ‬واجهة‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬يقول‭ ‬جوزيف‭ ‬مغيزل‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬لبنان‭ ‬والقضية‭ ‬العربية‭: (.. ‬وهكذا‭ ‬دخل‭ ‬لبنان،‭ ‬بسبب‭ ‬مسايرة‭ ‬حكامه‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬كميل‭ ‬شمعون‭ ‬لساسة‭ ‬حلف‭ ‬بغداد،‭ ‬مساهمتهم‭ ‬في‭ ‬خططهم‭ ‬الايقاعية‭ ‬بعبد‭ ‬الناصر،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬بريطانيا‭ ‬والعراق‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبين‭ ‬الجمهورية‭ ‬المصرية‭ ‬وحليفتها‭ ‬الجمهورية‭ ‬السورية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭) ‬ولكن‭ ‬وقفة‭ ‬الزعيم‭ ‬الراحل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬ضد‭ ‬حلف‭ ‬بغداد،‭ ‬جعل‭ ‬دخول‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭ ‬مسألة‭ ‬مستحيلة،‭ ‬وتمر‭ ‬الأحداث‭ ‬بسرعة،‭ ‬وأصبح‭ ‬عبدالناصر‭ ‬زعيم‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج،‭ ‬فلقد‭ ‬استطاع‭ ‬تأميم‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬وصيانة‭ ‬هذا‭ ‬التأميم‭ ‬من‭ ‬عدوان‭ ‬ثلاث‭ ‬دول،‭ ‬وخرجت‭ ‬أمريكا‭ ‬بمشروع‭ ‬ايزنهاور،‭ ‬المعروف‭ (‬بنظرية‭ ‬شغل‭ ‬الفراغ‭)‬،‭ ‬وأعلن‭ ‬شارل‭ ‬مالك‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬اللبنانية‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬الطرح‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ورفض‭ ‬المشروع‭ ‬كل‭ ‬الجماهير‭ ‬اللبنانية‭ ‬بمساندتها‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬ولم‭ ‬تهتم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الظروف‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بالرأي‭ ‬العام،‭ ‬ووقفت‭ ‬الجماهير‭ ‬ضد‭ ‬الموافقة‭ ‬اللبنانية،‭ ‬واصبح‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا‭ ‬أ‭ ‬وشيكا،‭ ‬وتمت‭ ‬الوحدة،‭ ‬ويقول‭ ‬مغيزل‭: ‬وفي‭ ‬شهر‭ (‬مارس‭) ‬1958‭ ‬وصل‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬لزيارة‭ ‬الإقليم‭ ‬الشمالي،‭ ‬فكان‭ ‬قدومه‭ ‬وإقامته‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المهرجانات‭ ‬الصاخبة‭ ‬العاصفة‭ ‬تأييدا‭ ‬وولاء‭ ‬له،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لبنان‭ ‬بأقل‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬جيرانه‭ ‬تجاه‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬فهرعت‭ ‬الألوف‭ ‬المؤلفة‭ ‬من‭ ‬اللبنانيين‭ ‬في‭ ‬ارتال‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬دمشق‭ ‬تحيي‭ ‬بطل‭ ‬العروبة‭ ‬وفارسها‭ ‬المغوار،‭ ‬وهكذا‭ ‬فجر‭ ‬قيام‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وقدوم‭ ‬رئيسها‭ ‬إلى‭ ‬سورية‭ ‬المعضلة‭ ‬القومية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬تفجيرا‭ ‬مدويا‭ ‬وبدأت‭ ‬ثورة‭ ‬الجماهير‭ ‬اللبنانية‭ ‬المسلحة‭ ‬ضد‭ ‬حكم‭ ‬العملاء،‭ ‬وانتهت‭ ‬الثورة‭ ‬الدامية‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬بالنتائج‭ ‬الآتية‭: ‬فشل‭ ‬مشروع‭ ‬شغل‭ ‬الفراغ‭ ‬لإيزنهاور‭ ‬تماما‭. ‬ وانتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬فؤاد‭ ‬شهاب‭ ‬الذي‭ ‬أعاد‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬والتقى‭ ‬بالرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬السورية‭ ‬اللبنانية‭. ‬وظهور‭ ‬تيار‭ ‬ثوري‭ ‬عربي‭ ‬جديد‭ ‬وقومي‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬ الجزائر‭:‬ من‭ ‬جبال‭ ‬الأوراس،‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬بطريقة‭ ‬سرية‭ ‬ومثيرة‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬طليعة‭ ‬ثوار‭ ‬الجزائر،‭ ‬وطلبوا‭ ‬لقاء‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬المصرية‭.. ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬1953،‭ ‬والتقوا‭ ‬بضابط‭ ‬صغير،‭ ‬وشرحوا‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬شعبا‭ ‬عربيا‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬قد‭ ‬اكتملت‭ ‬ثورته،‭ ‬وانه‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬يطلق‭ ‬الرصاصة‭ ‬الاولى‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬استقلاله،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬شراء‭ ‬هذه‭ ‬الرصاصة،‭ ‬وقررنا‭ ‬ان‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬نطلب‭ ‬معونة‭ ‬الثورة‭ ‬المصرية،‭ ‬ووجد‭ ‬الضابط‭ ‬الصغير‭ ‬ان‭ ‬الامر‭ ‬أكبر‭ ‬منه‭ ‬فقرر‭ ‬ان‭ ‬يعرض‭ ‬طلب‭ ‬الثوار‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬التقى‭ ‬ناصر‭ ‬بوفد‭ ‬الجزائر،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثورة‭ ‬المصرية،‭ ‬وكان‭ ‬أمل‭ ‬ثوار‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬مصر‭ ‬ضئيلا‭ ‬للغاية،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬محاولة،‭ ‬قد‭ ‬تنجح‭ ‬وقد‭ ‬تخفق‭.. ‬وكان‭ ‬لقاء‭ ‬الثوار‭ ‬سريعا‭.. ‬وكان‭ ‬اللقاء‭ ‬هو‭ ‬بداية‭ ‬طريق‭ ‬ثورة‭ ‬الجزائر‭.. ‬لقد‭ ‬رفضت‭ ‬عشرات‭ ‬الدول‭ ‬ان‭ ‬تستمع‭ ‬اليهم‭ ‬الا‭ ‬عبدالناصر‭.. ‬فقد‭ ‬فتح‭ ‬عبدالناصر‭ ‬لهم‭ ‬مكتبا‭ ‬سياسيا‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬القاهرة‭.. ‬ليكون‭ ‬منبرا‭ ‬سياسيا‭ ‬واعلاميا‭ ‬لثورة‭ ‬الجزائر‭.. ‬وحملت‭ ‬الباخرة‭ (‬الحرية‭) ‬أول‭ ‬شحنة‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬ثوار‭ ‬جبال‭ ‬الاوراس‭.. ‬وانطلقت‭ ‬الشرارة‭ ‬الاولى‭ ‬للثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬برصاص‭ ‬مصري‭ ‬وثوار‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭.. ‬وجنّت‭ ‬فرنسا‭.. ‬للمفأجاة‭.. ‬لقد‭ ‬وضع‭ ‬عبدالناصر‭ ‬امكانيات‭ ‬مصر‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ثورة‭ ‬الجزائر‭. ‬وشعب‭ ‬الجزائر‭.. ‬ومرت‭ ‬الايام‭ ‬مسرعة‭.. ‬وأعلن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬تأميم‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭.. ‬وجاء‭ ‬وفد‭ ‬فرنسي‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬عقب‭ ‬التأميم‭ ‬والتقى‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بهذا‭ ‬الوفد‭.. ‬وقالوا‭ ‬للزعيم‭:‬ ‭- ‬اترك‭ ‬مساندة‭ ‬الجزائر،‭ ‬ونحن‭ ‬نترك‭ ‬تأميم‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬يمر‭ ‬بسلام‭.. ‬ولكن‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬لا‭ ‬يساوم‭ ‬بثورة‭ ‬شعب‭.. ‬مصير‭ ‬أمة‭.. ‬وأعلن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬رفضه‭ ‬تماما‭ ‬لهذه‭ ‬المساومة‭.. ‬وكان‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر‭.. ‬وكانت‭ ‬القوات‭ ‬الفرنسية‭ ‬تضرب‭ ‬مصر‭ ‬بقسوة‭ ‬ليسكت‭ ‬ثوار‭ ‬الجزائر‭.. ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬إنهاء‭ ‬ثورة‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭.. ‬ولكن‭.. ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬العظيم‭ ‬رفض‭ ‬الاستسلام‭ ‬والهزيمة‭.. ‬وأصر‭ ‬على‭ ‬القتال،‭ ‬وانتزع‭ ‬النصر‭ ‬من‭ ‬انياب‭ ‬اقطاب‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭.. ‬استمر‭ ‬عبدالناصر‭ ‬في‭ ‬مساندة‭ ‬ثورة‭ ‬الجزائر،‭ ‬بكل‭ ‬وسائل‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والمالي‭ ‬والسياسي‭ ‬الإعلامي‭.. ‬حتى‭ ‬تحقق‭ ‬لها‭ ‬النصر‭. ‬ونالت‭ ‬الجزائر‭ ‬العربية‭ ‬استقلالها‭.‬

مشاركة :