عدوى العملات المشفرة .. تحرك لوقف مخاطرها «1من 2»

  • 1/28/2023
  • 23:21
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هنالك سؤال يطرحه كثير من المهتمين بالسياسات النقدية، هو: لماذا يجب على الأجهزة التنظيمية العالمية التحرك بسرعة لوقف مخاطرها؟ إن توفير آليات تنظيمية ورقابية مالية أقوى، ووضع معايير عالمية، يمكن أن يساعدا على معالجة كثير من المخاوف المحيطة بالأصول المشفرة. انقلب حال عالم العملات المشفرة، الذي يشهد تقلبا بالفعل، رأسا على عقب مجددا مع انهيار إحدى كبرى منصاته، ما سلط الضوء على المخاطر من الأصول المشفرة التي تفتقر إلى سبل الحماية الأساسية. وأكدت هذه الخسائر أن العملات المشفرة تشهد بالفعل فترة خطرة، فقد خسرت تريليونات الدولارات بالقيمة السوقية. وأوضح تحليل جديد أجراه بنك التسويات الدولية في تشرين الثاني (نوفمبر)، أن قيمة بيتكوين، وهي أكبر هذه العملات، انخفضت بنحو ثلثين من مستوى الذروة الذي بلغته في أواخر 2021، كما أن نحو ثلاثة أرباع المستثمرين خسروا أموالا استثمروها فيها. وفي أوقات العسر، كانت هناك حالات من إخفاق السوق شهدتها العملات الرقمية المستقرة، وصناديق التحوط التي تركز على الاستثمار في العملات المشفرة، والبورصات المركزية لتداول العملات المشفرة، ما أفضى بدوره إلى إثارة مخاوف جادة بشأن نزاهة السوق وحماية المستخدم. ومع تنامي الروابط وزيادة عمقها مع النظام المالي الأساس، قد تنشأ كذلك مخاوف تتعلق بالمخاطر النظامية والاستقرار المالي في المستقبل القريب. ويمكن معالجة كثير من هذه المخاوف من خلات تقوية آليات التنظيم والرقابة في القطاع المالي، ووضع معايير عالمية تستطيع السلطات التنظيمية الوطنية أن تطبقها بشكل متسق. وجاء صدور تقريرين أخيرا عن صندوق النقد الدولي حول تنظيم المنظومة البيئية للأصول المشفرة في الوقت المناسب تماما، ولا سيما وسط أجواء الفوضى والاضطرابات الحادة التي تشهدها أجزاء كبيرة من أسواق العملات المشفرة وتكرار دورات انتعاش وكساد المنظومة البيئية المحيطة بهذه الأصول الرقمية. ويعالج هذان التقريران القضايا المشار إليها أعلاه على مستويين. أولا: نحن نتخذ منهجا واسعا، وننظر إلى أبرز الكيانات التي تؤدي الوظائف الرئيسة داخل القطاع، ومن ثم فإن استنتاجاتنا وتوصياتنا تنطبق على المنظومة البيئية للأصول المشفرة برمتها. ثانيا: نركز في نطاق أضيق على العملات الرقمية المستقرة وترتيباتها، وهي الأصول المشفرة التي تهدف إلى الحفاظ على قيمة مستقرة مقارنة بأصل محدد أو مجمع أصول. وبشأن مواجهة تحديات جديدة، فإنه لا تشكل الأصول المشفرة، بما فيها العملات الرقمية المستقرة، أي مخاطر على النظام المالي العالمي بعد، لكن هناك بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي تواجه آثارا ملموسة بالفعل. فتوجد في بعض هذه البلدان حيازات كبيرة من الأصول المشفرة في قطاع التجزئة، فضلا عن استبدال العملة من خلال الأصول المشفرة، وفي مقدمتها العملات الرقمية المستقرة المقومة بالدولار. ويشهد بعضها تحولا إلى العملات المشفرة، عند إحلال هذه الأصول محل العملة والأصول المحلية، والالتفاف على قيود الصرف وضوابط رأس المال. ومن المحتمل أن يتسبب هذا الإحلال في خروج التدفقات الرأسمالية، وفقدان السيادة النقدية، وأن يفرض مخاطر على الاستقرار المالي، ما يوجد تحديات جديدة أمام صناع السياسات. ويتعين على السلطات أن تعالج الأسباب الجذرية وراء التحول إلى العملات المشفرة، من خلال رفع مستوى الثقة بسياساتها الاقتصادية المحلية وعملاتها وأجهزتها المصرفية. وتتعرض الاقتصادات المتقدمة لمخاطر على استقرارها المالي من العملات المشفرة، نظرا إلى ما أقدمت عليه المؤسسات الاستثمارية من زيادة حيازاتها من العملات الرقمية المستقرة، حيث جذبتها معدلات العائد الأعلى، في ظل بيئة كانت تتسم بانخفاض أسعار الفائدة، ومن ثم فنحن نرى أنه من المهم أن تسرع السلطات التنظيمية إلى إدارة المخاطر الناجمة عن العملات المشفرة، دون خنق الابتكار... يتبع.

مشاركة :