البلاد- ياسر خليل تجوب الأبحاث جميع أنحاء العالم للوصول إلى تطبيق ممارسات بيئية مُستدامة في مختلف أنشطة صناعة الأسمنت الرئيسة التي لاقت بالفعل اِهْتِماماً كَبِيراً من العلماء والباحثين في هذا المجال، ولكن لا يمكن إغفال حقيقة أنَّ المراحل الأساسية المُكوِّنة لعملية تصنيع الأسمنت تعدُّ غير مُستدامة إلى حدٍّ كبير، بالإضافة إلى كونها من أكثر الصناعات استهلاكاً للطاقة وتوليداً للمُلوِّثات البيئية. وحول هذه الصناعة تحدثت لـ”البلاد” الدكتورة ماجدة محمد أبوراس أستاذ مشارك بقسم التقنية الحيوية للملوثات البيئية بقسم الأحياء كلية العلوم بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة مؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية البيئة السعودية ومراجعة ومدققة في الأمم المتحدة لتقرير البيئة العالمي السادس قائلة:”لا بد من الإشادة بمجهودات المملكة العربية السعودية في حماية البيئة ومنع التلوث حيث تمثل المملكة الدولة القائدة والرائدة في هذا المجال حيث أولت اهتماماً كبيراً في المجال البيئي، وكان أولها ما تضمنه نظام الحكم في المادة 32 تعمل الدولة على المحافظة على البيئة ومنع التلوث بها. واليوم المملكة تشهد نهضة حضارية في جميع المجالات عامة، وفي مجال حماية البيئة بصفة خاصة، ورؤية المملكة 2030. والتي تتضمن عدداً كبيراً من البرامج العامة والتفصيلية والمؤشرات المباشرة وغير المباشرة لحماية البيئة، إضافة إلى المبادرات الوطنية التي أطلقها سمو سيدي ولي العهد ــ حفظه الله ــ ” مبادرة السعودية الخضراء” والتي تضمنت محاور عديدة منها تخفيض الانبعاثات الغازية للوصول إلى صناعة خضراء ومستقبل أخضر، إضافة إلى البرنامج الوطني للاقتصاد الكربوني الدائري، والذي يتم من خلاله العمل على التقاط وتخزين الكربون الناتج من الانبعاثات الغازية لتخفيض تلوث الهواء وتخفيض الأمطار الحمضية وتلوث المياه والتربة والغذاء لحماية توازن النظام البيئي، وتطوير وتنظيم البنية التحتية للعمل البيئي في المملكة وتقاطعاتها مع جميع قطاعات الدولة، واعتماد أهداف التنمية المستدامة الـ 17 بعد مواءمتها مع الأجندة الوطنية. وبناء على ما سبق حققت المملكة في تقرير مؤشر المستقبل الأخضر الصادر في عام 2002م، والذي يضم خمس دول عربية فقط، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، حيث يعمل هذا المؤشر على تقييم الدول من حيث قدرتها على تطوير مستقبل مستدام منخفض الانبعاثات وتحول اقتصاديات الدول نحو الطاقة النظيفة في الصناعة والزراعة والمجتمع من خلال استثمار في الطاقة المتجددة والابتكار والسياسات الخضراء، والتي أحرزت تقدماً في الترتيب العام في المؤشر بعشرة مراكز، وحققت تقدما بـ 27 مركزاً في محور الانبعاثات الغازية أحد المحاور الرئيسية لقياس مؤشر المستقبل الأخضر، وعلى المستوى العالمي حققت المركز 19، والمركز 12 على المستوى العربي، وهذا التقدم لم يأت صدفة، بل نتيجة مبادرات وبرامج قوية أطلقها سمو سيدي ولي العهد ــ حفظه الله ـــ، وبالتالي هذا التقدم يعكس وجود أنظمة ورقابة قوية للصناعة في جميع المجالات للحد من الانبعاثات الغازية بالنسب الدولية المسموح بها وتشجيع الاستثمار. في التقنيات الخضراء الصديقة للبيئة في الصناعة. وأضافت الدكتورة أبو راس أن صناعة الأسمنت تعتبر من الصناعات التنموية والاستراتيجية المهمة لارتباطها المباشر بالإنشاء والتعمير، حيث إن الأسمنت حيث يستخدم كرابط هيدروليكي من مواد البناء والخرسانة، إضافة إلى أنه عادة ما يتم إنشاء مصانع الإسمنت بالقرب من مصادر المواد الأولية لتخفيض تكلفة النقل. إن صناعة الإسمنت تصنف من فئة الصناعات الثقيلة والخطرة، والتي ينتج عنها في حال فقدان التخطيط الحضري السليم (مثل قربها من المناطق السكنية)، أو عدم تطبيق القوانين المحددة والصريحة المعتمدة لإرساء نظام إدارة متكامل قائم على معايير الدولة وبعض المعايير الدولية مثل (ISO 14001:2004) وأنظمة البيئة والصحة والسلامة. وأوضحت أن هناك عدداً من الأضرار البيئية، والتي تنتج عن صناعة الإسمنت غير المستدامة حيث تطلق فوهات المداخن لمصانع الإسمنت غبار الكلنكر وغبار الإسمنت والدخان وأكاسيد الكربون والكبريتيك والنيتروجين والهيدروجين والرصاص وغيرها من الغازات وهي المُكون الرئيسي لتلوث البيئة حيث يعلق رذاذ هذه الأكاسيد بالغبار، وهذه الملوثات الناتجة من هذه الصناعة تسبب عدداً من الأمراض للعاملين فيها بشكل خاص وعلى صحة الإنسان المجاور بشكل عام في حال عدم تطبيق معايير الصحة والسلامة مثل مرض السيليكوز والسعال وضيق التنفس والربو وانتفاخ الرئة والتأثير على الأغشية المخاطية والتأثير على الأعصاب. بشكل عام صناعة الأسمنت غير المستدامة، والتي لا تراعي معايير الإدارة البيئية والصحية السليمة تشمل مصدراً خطيراً للتلوث البيئي والصحة العامة حيث ينتج عنها تلوث الهواء نظراً لتصاعد الانبعاثات الغازية, وبالتالي تحول تلك الغازات إلى مركبات حمضية تؤدي إلى تكون ظاهرة أخرى للتلوث وهي الأمطار الحمضية.
مشاركة :