5 وزارات سعودية تفعّل شراكة القطاع الخاص مع تفعيل مرحلة «التحول الوطني»

  • 1/27/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في خطوة تعكس مرحلة التحول الوطني التي ستشهدها السعودية خلال 5 سنوات، أصبح ملف الشراكة مع القطاع الخاص، وتفعيل دور الصناعات الوطنية، وتحفيز الأيدي السعودية، هو الملف الأكثر تداولا بين تصريحات 5 وزارات سعودية خلال الساعات القليلة الماضية. جاء ذلك عبر كل من وزارات «الصحة»، و«الإسكان»، و«الدفاع»، و«التجارة والصناعة». وتعتبر مرحلة التحول الوطني التي بدأت السعودية في تحقيق أولى خطواتها خلال العام الحالي 2016 حدثًا تاريخيًا بارزًا في تاريخ البلاد، فالإيرادات غير النفطية في العام المنصرم 2015 قفزت بنسبة 29 في المائة، إلا أنها حتى عام 2020 ستحقق قفزة تصل إلى 100 في المائة كحد أدنى. وتستهدف السعودية بشكل دقيق تحقيق إيرادات غير نفطية قيمتها 100 مليار دولار خلال 5 سنوات، وهو الهدف الذي من المتوقع تحقيقه في حدود السنوات الثلاث المقبلة، نظرًا للخطوات المتسارعة التي تتخذها البلاد نحو إحداث إصلاحات اقتصادية، تحقيقًا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ويترجم مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يرأسه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رؤية الملك سلمان في ما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية التي بدأت تشهدها البلاد، في خطوة تعكس مدى قدرة الاقتصاد السعودي على الاستمرار في قوته ومتانته. وفي هذا الإطار، ألقى وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى كلمته الرئيسية في منتدى التنافسية الدولي 2016 في نسخته التاسعة يوم أمس، مشيدا بجهود المنتدى الذي يمثل النموذج الحقيقي للحراك المعرفي والاقتصادي في المملكة لتعزيز النمو والإعمار المستمر محليا وإقليميا وعالميا. وبين العيسى، خلال حديثه، سعي حكومة المملكة لإحداث تحول وطني مدروس في اقتصادها وبرامج عملها. وبحسب تأكيداته فإن هذا التحول يعتمد على فكر معرفي يؤمن بالإنسان وقدرته ومهاراته ومستوى تعليمه ليسهم في تحويل اقتصادها من الاعتماد على مصدر واحد للدخل إلى اقتصاد يعتمد على العقول المهارة، والاعتماد على المصادر الآمنة والموثوقة والبرامج والمشروعات المعززة للفرص الاستثمارية والمولدة للفرص الوظيفية. ولفت العيسى إلى أن هذا السعي يأتي منسجما مع مستجدات العصر، ويتواكب مع متطلبات المستقبل ومع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية، ويتلاءم مع الأزمات الاقتصادية، كالأزمة التي تمر بها دول العالم والتي تعتبر بحسب العيسى منعطفا طبيعيا للمجتمعات والدول في الدورات الاقتصادية. ومن هنا بين العيسى أن مؤسسات التعليم العالي والتعليم العام والفني تمثل رافدا حقيقيا للاقتصاد المختلف المعتمد على الطاقات البشرية المبدعة والمنتجة والقادرة على مواجهة المتغيرات في سوق العمل وتحقيق النجاح في كل مناحي الحياة العامة والخاصة، مضيفا: «لا شك أن قيادتنا السامية تدرك أن التحولات التي تعيشها الأمم في الزمن الحالي ليست سهلة ولا يسيرة لكنها ليست صعبة أو مستحيلة، حيث إن تقدم الأمة ونمو اقتصادها ونهوض أبنائها وقدراتها ومنتجاتها لن يكون بسبب ضربة حظ، ولن تحققه أمنيات الكسالى ولا أحلام المتقاعسين، بل تأتي بعد توفيق الله تجسيدا للعمل الدؤوب في تقوية مؤسسات إعداد الإنسان وتأهيله وتدريبه ورفع مستواه، وكذلك الاهتمام بالموهوبين والمبدعين ورعايتهم وتمكينهم، وتضاف إلى ذلك جهود الأقوياء والمثابرين من أصحاب العقول المخططة والمنتجة ممن يعتنون بالخبرة التخصصية ويجعلون البحث والنظر والتجريب نصيب أعينهم». وأشار وزير التعليم السعودي إلى أن تلك الأمم تحولت إلى مجتمعات ترتقي بالمعرفة وتسهم بها في رقي الإنسان وتجدد حضارته وتنوع ثقافاته، وقال: «وفقا لذلك تدرك السعودية أهمية تطوير رأس المال البشري ليكون اللبنة الرئيسية في تطوير المؤسسة الحكومية، وتطوير القطاع الخاص، وقيامه بالكثير من الأدوار الاقتصادية والتنموية بشكل مستمر أو بالشراكة مع الدولة، وأهمية دوره في تشغيل المؤسسات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة، وفي تعزيز التصنيع والتصدير، كما تدرك أيضا أهمية اعتبار المعرفة والتقنية مكونات أساسية وليست هامشية في بناء الدولة الحديثة والاقتصاد المعرفي، وفي سبيل تعزيز القدرة التنافسية، حيث لا بد من الإسهام في إنتاجها والانتفاع منها ومن خدماتها الدقيقة في شتى مناحي الاقتصاد والحياة الاجتماعية». وأكد الوزير العيسى أن الحمل الذي تنوء به وزارة التعليم في إعداد الإنسان أو رأس المال البشري يعد حملا ثقيلا جدا، ويتطلب المزيد من العمل المتواصل لتعزيز عناصر النجاح وتقويم ما يتطلب التقويم، والانفتاح على النجاحات العالمية والاستفادة منها، مبينا أن وزارته تعمل من خلال 3 توجهات أساسية لإصلاح منظومة التعليم للوصول للطالب المثالي، الذي يشارك في تنمية المجتمع ووطنه. وبيّن العيسى أن التوجهات الأساسية هي «اعتبار التعليم وكل محتوياته ثروة الوطن الأولى، والأداة الرئيسية لتطوير جميع مناهج الحياة، للحاق بالدول المتقدمة والوصول لمجتمع المعرفة.. وثانيا، التأكيد على أن رفع جودة التعليم سيعزز من قدرة الاقتصاد الوطني على النمو المستدام وسيزيد في الناتج المحلي بنسب كبيرة وسيقلل البطالة.. ثالثا: ضرورة إعادة الاعتبار لمهنة التعليم وتخصيص نسبة كبيرة من جهود تطوير التعليم في إعداده واختياره وتعليمه وتحفيزه وتقييمه وزيادة ولائه وانتمائه للمهنة». وقال العيسى: «في سبيل تحقيق هذه الغاية يجب أن تتركز الجهود على تطوير عناصر العملية التعليمية ومكوناتها، بحيث يتم التركيز في المنهج على عمليات التعلم لا التعليم، والنهوض بالمستويات العليا من المعرفة لترتقي بمهارات التحليل والتطوير، وكذلك التفكير الناقد لحل المشكلات، وتشجيع الإبداع وربط التعليم بالحياة وبمهارات القرن الحادي والعشرين، إضافة إلى ذلك هناك توجه لتطوير خبرات المعلمين من خلال التدريب في مؤسسات تربوية دولية ليكتسبوا المزيد من المهارات الأساسية في طرق التدريس وفي قدرتهم على تنويع مصادر التعلم». وشدد العيسى في كلمته على تبيان حرص الوزارة على تطوير البيئة التعليمية وازدهارها، وتوفير التجهيزات المناسبة لها بما يراعي اختلاف الاهتمامات وتنوعها، مشيرا إلى أنه مع رفع مستوى الخدمات المقدمة للطلاب ستعمل الوزارة على توظيف التقنية من خلال توظيف التعلم الإلكتروني ودمج التقنية بالتعليم بما يهيئ لمجتمع أصبح يعتمد بشكل كبير على السرعة التقنية والاتصال والبحث، وبما يتجاوز حدود الاستخدام البسيط إلى تحليل البيانات والخروج بالحلول والاستنتاجات الذكية. وزاد العيسى قائلا: «أما في ما يتعلق بالاتجاه الاتصالي فإن الوزارة تسعى لترجمة جهود الدولة لرفع كفاءة الإنفاق وتنويع مصادر التمويل للبرامج والمشاريع، وذلك من خلال إشراك القطاع الخاص كشريك استراتيجي خلال المرحلة المقبلة»، مؤكدا أن هذا التوجه سيتم من خلال أربعة محاور أولها استمرار دعم الاستثمار في التعليم الأهلي العام والجامعي، وقال في هذا الخصوص: «لا تزال نسبة التعليم الأهلي العام والجامعي مقارنة بالتعليم الحكومي قليلة مقارنة بالمستهدف في خطط التنمية، فالتعليم الأهلي اليوم يستوعب ما يقارب 14.5 في المائة من إجمالي أعداد الطلبة في المملكة، بينما النسبة المستهدفة هي 25 في المائة». وبيّن العيسى أنه للوصول إلى هذه النسبة يتطلب الأمر تحسين بيئة الاستثمار وتطوير الخدمات المقدمة للمستثمرين وإزالة العوائق البيروقراطية، مع الاهتمام أيضا بمستوى جودة التعليم الأهلي ومزاياه التنافسية، من خلال برامج الاعتماد والجودة التي تتولاها هيئة التقويم والاعتماد في التعليم العام والعالي. وحول المحور الثاني قال وزير التعليم السعودي: «أما المحور الثاني فإنه يتعلق بتخصيص عدد من المدارس الحكومية وتحويلها إلى مدارس مستقلة، بحيث يتم تشغيلها من قبل مؤسسات اقتصادية صغيرة أو متوسطة الحجم، يؤسسها التربويون العاملون حاليا في سلك التعليم، بحيث تمثل استثماراتهم في الخدمات التعليمية وفي دروس التقوية أحد عوامل النجاح تلك المؤسسات الاقتصادية، مع استمرار الوزارة في توفير المنشآت والمناهج والمعلمين». وتابع العيسى حديثه: «المحور الثالث يتركز في الدخول في شراكة مع القطاع الخاص من خلال تمويل وتشغيل المدارس الحكومية لمحاولة للقضاء على المدارس المستأجرة، وفي محاولة لتطوير نماذج جديدة للمباني التعليمية تراعي الخصوصية المعمارية والثقافية في كل منطقة من مناطق السعودية»، مضيفًا: «المحور الرابع يتلخص في إنشاء شركة للاستثمار في منظومة شركة تطوير القابضة لتكون ذراعا استثمارية للوزارة وللحكومة لاستثمار المناطق والأراضي المتميزة التابعة للوزارة مما يسهم في إيجاد مدخلات جغرافية للنظام التعليمي، تساعد على دعم البرامج والمشاريع النوعية». وفي الوقت ذاته، أكد العميد المهندس عطية المالكي، مدير عام الإدارة العامة لدعم التصنيع المحلي في وزارة الدفاع السعودية، في مناسبة أخرى يوم أمس بالرياض، أن بلاده استطاعت أن تصنّع الأسلحة من مختلف أنواعها، مبينًا أنها وفرت نحو 80 في المائة من متطلبات القوات المسلحة المشاركة في «عاصفة الحزم»، بأيدي سعوديين تخصصوا في هذا المجال، في أكبر شراكة بين المؤسسة العسكرية والقطاع الخاص، تستهدف تحقيق الاكتفاء في منتجات التصنيع الحربي، وفتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في القطاع. وعطفًا على هذه التطورات، على صعيد إشراك القطاع الخاص وتفعيل دوره، أكد ماجد الحقيل، وزير الإسكان السعودي، خلال حديثه في منتدى التنافسية يوم أمس، أن وزارته تستهدف إشراك القطاع الخاص في ملف الإسكان، وقال: «خلال السنوات السبع المقبلة هنالك حاجة لبناء 1.5 مليون وحدة سكنية، ونتوقع تحقيق ذلك خلال هذه المدة، بشراكة مع القطاع الخاص»، متوقعًا ارتفاع حجم الطلب على المساكن بنحو 1.8 مليون وحدة سكنية خلال السنوات المقبلة. وتأتي تأكيدات الوزارات بعد تصريحات المهندس خالد الفالح، وزير الصحة السعودي، خلال منتدى «التنافسية» أول من أمس، والتي أشار فيها إلى أن السعودية تعمل على تنويع مصادر الدخل والاتجاه إلى الابتكار والإبداع في الاقتصاد وجعله قائما على المعرفة. وأضاف المهندس الفالح: «هناك تحديات تواجه الاقتصاد المحلي وسنحولها إلى فرص، وذلك لوجود فرص استثمارية كبيرة في المملكة، كقطاعات تقنية المعلومات والرعاية الصحية، والسياحة والخدمات المالية والاتصالات»، مشيرًا إلى أن السعودية ستتحول إلى التصنيع من خلال تعزيز الصناعات، وهي الصناعات التي ستصنع بشكل أكبر وبتقنيات عالية، وهو ما يتطلب تعليما جيدا ووظائف عالية التخصص للسعوديين. وفي ما يخص تقديم خدمات الرعاية الصحية، أكد وزير الصحة أن وزارته تعمل على زيادة مشاركة القطاع الخاص في تقديم الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أنها ستتضاعف خلال السنوات الـ5 المقبلة، وستصحبها إعادة نظر في الأنظمة والتشريعات المنظمة للاستثمار في الرعاية الصحية، وسترفع الوزارة معايير الجودة لقطاع الرعاية الصحية، وستأخذ الوقت لخصخصة تقديم الرعاية الصحية بطريقة منظمة. والأمر ذاته تحدث فيه الدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودي، والذي أكد أن التحديات التي تواجهها السعودية بانخفاض أسعار النفط، والذي يشكل نحو 80 في المائة من إيرادات البلاد، ستدفعها لمواجهة التحدي من أجل الخروج من ذلك، مشيرًا إلى أن المملكة لديها القدرة على تجاوز ذلك بما تمتلكه من تعليم جيد ومواهب شابة كثيرة. وأكد الدكتور الربيعة أن وزارة التجارة تعمل على تيسير وتسهيل خدمة القطاع الخاص واستخدام التقنية والتعاملات الإلكترونية في ذلك، كما تشجع على اندماج الشركات والاستحواذات، وتسعى لتشجيع تمويل استحواذ الشركات واندماجها، وجعل السعودية أكثر تنافسية. وأشار الدكتور الربيعة إلى أن بعض الشركات التي لم تعمل في السعودية لديها مفاهيم خاطئة عن الاستثمار فيها، وتسعى وزارة التجارة لتصحيح تلك المفاهيم وللترويج للاستثمار في المملكة والانفتاح بشكل أكبر عالميًا، كما تبذل الهيئة العامة للاستثمار جهودًا كبيرة في ذلك. وأوضح وزير التجارة والصناعة السعودي أنه يوجد الكثير من القطاعات الواعدة في السعودية، منها: قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، والخدمات المالية والتمويل. وقال: «ستشهد هذه القطاعات تطورات كبيرة على مدى السنوات المقبلة، كما أن هناك تطورا كبيرا في الصناعة بالمملكة، وتخطط وزارة التجارة لذلك، كما تتفاءل به». إلى ذلك، أكد رئيس «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين بن حسن الناصر، لدى مشاركته في منتدى التنافسية الدولي يوم أمس الثلاثاء، أن الشركة ستواصل جهودها حيال الاستثمارات البترولية في مجال الزيت والغاز، ولعب دور قيادي في تنويع الاقتصاد الوطني والتوسع في الصناعة المحلية عبر برنامجها الطموح «اكتفاء». وعبر الناصر عن تفاؤله بتحسن أسعار البترول مع نهاية العام، مشيرا إلى أن برنامج زيادة القيمة المضافة الإجمالية «اكتفاء»، الذي دشنته «أرامكو السعودية» في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015، سيدعم تنمية قطاعات جديدة وصناعات ناشئة، في إطار زيادة المحتوى المحلي في سلسلة الإمدادات من داخل السعودية وخارجها. وقال الناصر: «برنامج (اكتفاء) يلزم شركاءنا من القطاع الخاص، المحلي والعالمي، بأن تكون نسبة المواد المستخدمة في كل المشاريع مع (أرامكو السعودية) مصنوعة في المملكة بنسبة 70 في المائة، بحلول عام 2021، كما ينتظر أن ينتج عن البرنامج نحو نصف مليون وظيفة على المدى البعيد»، مؤكدًا أن «أرامكو السعودية» تسعى إلى التطوير في مجال الطاقة المتجددة وذلك لتنويع مصادر الطاقة في السعودية.

مشاركة :