السودانيون يلزمون التقشف وسط أزمة اقتصادية عميقة .. بضائع بلا مشترين

  • 1/29/2023
  • 22:22
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في بقالة صغيرة في الخرطوم، ينشغل حسن عمر بنفض الغبار عن البضائع التي تتكدس منذ أشهر على الرفوف، بسبب تراجع حركة الشراء في السودان، وسط أزمة اقتصادية عميقة. ويقول عمر البالغ من العمر 43 عاما متحدثا لـ"الفرنسية" في بقالته "لم يعد لدى المواطن المال ليشتري، ما يجعلنا نعاني حالة كساد". وتابع "القوة الشرائية تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية"، مشيرا إلى أن مبيعاته في السابق كانت تبلغ في اليوم الواحد نحو 500 ألف جنيه سوداني "877 دولارا تقريبا"، لكنها انخفضت الآن إلى 200 ألف جنيه "نحو 350 دولارا". وتعكس محنة عمر تدهور الوضع الاقتصادي في السودان، ما أرغم عديدا من الأسر على التقشف في ظل أزمة غذاء وشيكة في البلاد. يعيش نحو 65 في المائة من السودانيين الـ45 مليونا تحت خط الفقر، بحسب ما أفاد تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2020. وقالت سعاد بشير الموظفة الأربعينية وهي أم لأربعة أطفال، "مقارنة الدخل بالمصروف غير ممكنة، لذلك نحاول إيجاد بدائل رخيصة من الطعام". وفي أحد شوارع شمال الخرطوم، يشكو نور آدم بجانب عربته لبيع الخضار من الوضع، موضحا أنه تكبد خسائر فادحة خلال الأشهر التسعة الماضية. وقال "فسد كثير من المنتجات بسبب عدم الشراء.. لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو أو سأضطر إلى البحث عن وظيفة أخرى". وعلى الرغم من ذلك، تراجع معدل التضخم في السودان العام الماضي مسجلا 87 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) مقارنة بـ318 في المائة في الشهر نفسه من عام 2021. وبرر عبدالله الرمادي أستاذ الاقتصاد في جامعة النيلين ذلك، فأوضح أن "الاقتصاد في حالة ركود كامل"، مضيفا أنه "ليس هناك طلب، وبالتالي فإن الأسعار لا ترتفع". ولم يعلن السودان بعد موازنة الدولة لعام 2023. وأخيرا نظم مئات من طلاب الجامعات احتجاجات ضد الزيادات الأخيرة في الرسوم التعليمية. ويتساءل محمد حسين طالب العام الأول في كلية الهندسة، كيف سيتمكن من دفع الرسوم المطلوبة منه؟ ويقول لـ"الفرنسية"، "طلب مني دفع 550 ألف جنيه (نحو ألف دولار) ووالدي يعمل موظفا براتب شهري"، مشيرا إلى أن الرسوم كانت نحو 50 ألف جنيه في العام الماضي. ولم تقتصر الاحتجاجات على الطلاب، بل باشر مئات من أساتذة الجامعات إضرابا مفتوحا منذ العاشر من الشهر الجاري، اعتراضا على تدني رواتبهم. ويواجه ملايين في السودان صعوبات متزايدة في الحصول على خدمات التعليم التي تعطلت على مر العامين الماضيين، نتيجة الاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري. وعلى غرار التعليم، ارتفعت رسوم عديد من الخدمات الحكومية الأخرى، من إصدار جوازات السفر وحتى رسوم الطرق. وقال تيجاني عمر سائق الشاحنة "رسوم الطرق تضاعفت خمس مرات على الأقل، مقارنة بالعام الماضي". وأضاف أن ذلك "سيرفع من تكلفة النقل وينعكس في النهاية على أسعار المنتجات". ويعلق البعض آمالا على اتفاق وقع الشهر الماضي بين العسكريين والمدنيين، شكل الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين، لإنهاء الاضطرابات التي تعم البلاد، بينما يشكك فيه كثيرون باعتباره يفتقر إلى تفاصيل وجداول زمنية. ويأمل عبدالحليم حامد "53 عاما"، الموظف في القطاع الخاص والأب لأسرة من ستة أفراد، أن يساعد الاتفاق على استئناف برنامج دعم الأسرة. وقال حامد أثناء تفاوضه مع بائع فاكهة في الخرطوم على الأسعار "فقدت المساعدة القليلة التي كان يقدمها لي هذا البرنامج"، مضيفا "إذا نجح الاتفاق الأخير في جلب الاستقرار السياسي يمكن للاقتصاد أن يبدأ في التحسن، لكن التحسن الكامل يحتاج إلى وقت". وتؤكد بشير ذلك، قائلة "إن اقتصاد البلاد لن يتحسن سريعا، سيحتاج إلى أعوام".

مشاركة :