حذر مدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة اللبنانية ميشال افرام من أن التبدل والتغير المناخي الحاصل يقود لبنان إلى وضع خطر. وقال افرام لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن لبنان يتجه في هذه الفترة كما الكثير من البلدان إلى تبدل وتغير مناخي حاد يمكن أن يرتد سلبا على مختلف النواحي وخاصة الزراعية والمائية والبيئية والصحية. وتتواصل ظاهرة احتباس الأمطار في لبنان منذ عدة أسابيع، الأمر الذي أثار قلق الخبراء والمسؤولين من تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي والصحي. وفي ذروة فصل الشتاء، سيطرت على لبنان منذ نحو 3 أسابيع حالة من هبوط نسبة تساقط الأمطار والثلوج في هذا الوقت من العام. وتقوم مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية بإجراء البحوث العلمية والتطبيقية الأساسية لتطوير والنهوض بالقطاع الزراعي في لبنان بالإضافة إلى تطوير الأنشطة البحثية الهادفة إلى حل مشاكل المزارعين ولديها 8 محطات زراعية تجريبية. ودعا افرام إلى إعلان حالة طوارئ بيئية ومائية في لبنان لمواجهة التبدلات والتغيرات المناخية الخطرة . وأوضح أن هذا الوضع الخطر سببه الانخفاض الحاد في المتساقطات المطرية والكمية المتدنية للثلوج والتي يقتصر وجودها حتى هذه الفترة على قمم الجبال العالية والارتفاع في درجات حرارة عالية غير معهودة في مثل هذا الوقت من السنة. وأشار إلى أن هذا التبدل المناخي الحاصل سيؤدي في حال لم يتغير الوضع إلى تلوث شامل للمياه في مختلف مصادرها والتي تشمل مياه الأنهار والمياه الجوفية والينابيع والبرك، ليطال أيضا بعض المواد الغذائية. ولفت إلى أن هذا التلوث يمكن أن يتسبب بأمراض متعددة منها الكوليرا الحادة والتهاب الكبد والأنفلونزا. وأكد افرام أن درجات الحرارة السائدة في هذه الفترة والتي بدت أعلى بكثير من معدلاتها، إضافة لانحسار الأمطار وندرة الثلوج كلها عوامل ستؤثر سلبا على مخزون المياه الجوفية وري المزروعات والأشجار المثمرة وعلى الغطاء الأخضر البري وعلى الحيوانات البرية. كما سيؤدي التبدل المناخي إلى زيادة الحشرات والأمراض وفئران الحقول والقوارض، مما سيدفع بالمزارعين لرفع كمية استعمالهم للمبيدات والأدوية الزراعية والتي سينتج عنها لاحقا ارتفاع في نسب التلوث. وأكد تأثر لبنان بالتغير المناخي العالمي بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات حرارة الأرض الذي تبدو انعكاساته واضحة في لبنان الذي شهد خلال السنوات العشر الأخيرة تبدلا كبيرا في مناخه، إذ أن سنواته تتأرجح بين شتاء ممطر وآخر أقل مطرا ناهيك عن الارتفاع المستمر بدرجات الحرارة . ورأى أنه يمكن اعتبار لبنان من بين الدول الأكثر تضررا من الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية الحاصلة التي ستنعكس سلبا على موارده المائية والزراعية، مطالبا وزارت الزراعة والبيئة والصحة اعتماد سلوكيات التكيف مع المتغيرات االمناخية ووضع خطة مواجهة لترشيد الموارد المائية. وأوضح أن تراجع هطول الأمطار سيؤثر سلباً على المزروعات كافة وخاصة الحبوب وفي مقدمتها القمح، في حين سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تفتح براعم الأشجار قبل أوانها مما يعرضها لخطر الإصابة بالجليد المتأخر. وقال إنه حتى اليوم يمكن اعتبار هذه الفترة من السنة من السنوات السيئة في معدلات الأمطار وأن الشتاء الحالي هو ثامن أسوأ شتاء من حيث نسب تساقط الأمطار التي تمر على لبنان فالمعدل مازال دون المعدلات العامة. وأضاف "ننتظر حتى أواخر فبراير المقبل على أمل أن يتبدل الوضع لعلنا نشهد كمية كافية من الأمطار والثلوج تساهم في التخفيف من حدة الأزمة". وأشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عباس الحاج حسن لـ ((شينخوا)) إلى أن القرن الـ 21 كان له الأثر الأبرز على الكرة الأرضية لجهة التغير المناخي والتبدل الحراري. وقال بما أن القطاع الزراعي يعتمد على مكونات الأرض والمياه والموارد البشرية والمواد الأولية، لذا فاي خلل في هذه المكونات سيرتد سلبا على هذا القطاع وهذا ما يحصل في هذه الفترة، حيث المتساقطات خفيفة ومتقطعة ودرجات الحرارة إلى ارتفاع في غير أوقاته. وأضاف أن أولوية وزارة الزراعة لمواجهة هذا الوضع وفي ظل الأزمة الأقتصادية والمالية هي في دعم وتفعيل "المشروع الأخضر" ليتمكن من القيام بمهام استصلاح الأراضي وبناء خزانات تجميع المياه وذلك من خلال اللجوء إلى المنظمات والجهات الدولية المانحة للتعويض عن النقص الحاصل في ميزانية وزارة الزراعة . وأكد أن وزارة الزراعة تعمل على حماية المزارعين من تأثيرات التبدل المناخي من خلال دعم صغار ومتوسطي المزارعين من خلال استصلاح الاراضي وبناء خزانات المياه وتقديم شبكات ري حديثة، تأمين المستلزمات الزراعية من بذور وأسمدة، إضافة لتفعيل الأرشاد الزراعي. وأشار إلى أنه ومن ضمن خطط دعم المزارعين تقوم الوزارة بالتعاون مع المانحين على إقامة برك جبلية لجمع مياه الأمطار والينابيع في فترات الذروة بهدف استعمالها في فترات الشح خلال فصل الصيف على أن تتراوح سعة هذه البرك بين 10الآف إلى 15الف متر مكعب. من جهته أشار المهندس الزراعي غيث معلوف لـ ((شينخوا)) إلى أن التبدل المناخي الحاصل أثر سلبا على بساتين اللوزيات في المناطق التي يصل ارتفاعها الى حوالي 500 متر عن سطح البحر والتي تفتحت أزهارها وبراعمها قبل موعدها بحوالي شهرين. وقال في حال تحول الطقس إلى بارد خلال شهر فبراير المقبل يخشى أن تخسر الأشجار نسبة من أزهارها وبالتالي يتدنى انتاجها ، ويصعب حاليا تحديد نسبة هذا التدني بانتظار معرفة تقلبات الطقس خلال الشهرين المقبلين. بدوره عبررئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك عن أسفه لما آل إليه القطاع الزراعي نتيجه التبدل المناخي الذي وضع المزاعين في حالة إرباك وقلق من تكبد خسائر لا يستطيعون تحملها. وأشار إلى أنه "من الصعب على المزارعين تخطي الأضرار التي ستلحق بهم في ظل عجز الدولة المفلسة أصلا عن مساعدتهم مع تدهور الأنهيار المالي الحاصل" . وطالب الحويك بضرورة دعم المزارعين من خلال إقرار قانون إنشاء الصندوق الوطني للضمان الزراعي الذي يحمي المزارعين من الكوارث. وأوضح أن "اقتراح القانون المذكور كانت قد أقرته لجنة الزراعة البرلمانية عام 2004، ثم إقر بعد مناقشته وتعديله في لجنة الأدارة والعدل في العام 2005 ،وللأسف منذ 17 سنة لم يجد القانون طريقه إلى التنفيذ ". من جهة ثانية حذر آخر تقارير وزارة البيئة اللبنانية حول التغير المناخي والذي أعد بالتعاون مع الأمم المتحدة، من أن التبدل المناخي ستترتب عليه تداعيات من شأنها رفع كلفة الإنتاج الزراعي 8 أضعاف، بينما ستزيد تكلفة صيد الأسماك إلى ضعفين ونصف. ولفت التقرير إلى أنه من أبرز ظواهر التغير المناخي في لبنان حرائق الغابات التي اتت بين عامي 2019 و2021 على أكثر من 12 ألف و650 هكتارا من الغابات، كما تسبب في ظهور أمراض وحشرات تفتك بالغابات والأحراج. واعتبر التقريرأن التبدل المناخي سيؤدي إلى زيادة نسبة تبخر المياه بالخزانات المائية الطبيعية والبحيرات الاصطناعية، ومن ثم تناقص سريع في مخزون المياه. ويعاني لبنان بسبب فلة الأمطار لفترات طويلة من تراجع مخزون المياه إلى مستويات خطرة فِنسب المتساقطات حتى مطلع شهر يناير الجاري لم تصل بحسب مصلحة الأحوال الجوية إلى المعدلات العامة، حيث لم تتجاوز 206 مليمترات مقابل 374 مليمترا للسنة الماضية في حين أن المعدل العام هو 382 مليمترا.
مشاركة :