العراق: حكومة السوداني بين الطموحات والتحديات

  • 2/1/2023
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬غضون‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬سجل‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬محمد‭ ‬شياع‭ ‬السوداني‭ ‬سبع‭ ‬زيارات‭ ‬خارجية‭ ‬شملت‭ ‬بلدانا‭ ‬عربية‭ ‬وإقليمية‭ ‬وتخطت‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬أوروبية،‭ ‬ذلك‭ ‬ضمن‭ ‬طموح‭ ‬وجرأة‭ ‬سياسية‭ ‬باقتحام‭ ‬الحدود،‭ ‬وبناء‭ ‬علاقات‭ ‬متينة‭ ‬وتذويب‭ ‬جليد‭ ‬الركود‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬العراق‭ ‬سجينا‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬المخزون‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬والطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬لكونها‭ ‬حاليا‭ ‬معطلة‭.‬ صفات‭ ‬السوداني‭ ‬ذلك‭ ‬السياسي‭ ‬الطموح،‭ ‬الحريص،‭ ‬العنيد‭ ‬بمواقفه‭ ‬التواقة‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬نجاحات‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬موقعه‭ ‬رئيسا‭ ‬للسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬بنهاية‭ ‬2022،‭ ‬جعلته‭ ‬يبدأ‭ ‬زياراته‭ ‬الخارجية‭ ‬لبلدان‭ ‬عربية‭ ‬ثم‭ ‬لإيران‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقصد‭ ‬ألمانيا‭ ‬بزيارة‭ ‬مهمة‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬ليعقبها‭ ‬بزيارة‭ ‬أهم‭ ‬منها‭ ‬مؤخرا‭ ‬لباريس،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬متشابها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬طبيعة‭ ‬الملفات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الاستثمارية‭ ‬والأمنية‭.‬ والعراقيون‭ ‬اليوم‭ ‬يحكمهم‭ ‬تفاؤل‭ ‬بإمكانية‭ ‬نجاح‭ ‬اتفاقيات‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬بالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬الرغبة‭ ‬الجامحة‭ ‬معهما‭ ‬للبدء‭ ‬بالعمل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬خصوصية‭ ‬التطورات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬رسمت‭ ‬مسارا‭ ‬جديدا‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬بيانات‭ ‬الإعلام‭ ‬العسكري‭ ‬عن‭ ‬أعداد‭ ‬ضحايا‭ ‬الحرب‭ ‬والقصف‭ ‬والأزمات‭ ‬العسكرية‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أوروبا،‭ ‬مع‭ ‬بروز‭ ‬طرف‭ ‬دولي‭ ‬قوي‭ ‬يخيف‭ ‬أوروبا‭ ‬اسمه‭ ‬روسيا‭ ‬بقيادة‭ ‬بوتين،‭ ‬فالفرصة‭ ‬تبدو‭ ‬مكسبا‭ ‬كبيرا‭ ‬بيد‭ ‬العراق‭ ‬لاستثمارها‭ ‬والانفتاح‭ ‬بعلاقات‭ ‬سياسية،‭ ‬اقتصادية،‭ ‬تجارية،‭ ‬استثمارية‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق،‭ ‬أينما‭ ‬تلوح‭ ‬فرص‭ ‬تحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬لشعب‭ ‬العراق‭ ‬والتنمية‭ ‬المرجوة‭.‬ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬الزيارات‭ ‬الحكومية‭ ‬الخارجية،‭ ‬سجل‭ ‬انطباعا‭ ‬إيجابيا‭ ‬وتحولا‭ ‬ملموسا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الأداء‭ ‬السياسي‭ ‬الحكومي‭ ‬للعراق‭ ‬بدور‭ ‬السوداني‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر،‭ ‬لكن‭ ‬اللاحق‭ ‬هو‭ ‬الأهم‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نتحدث‭ ‬عنه،‭ ‬كونه‭ ‬يمثل‭ ‬عملية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ترجمة‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬عملي‭ ‬يظهر‭ ‬ويحدث‭ ‬تغييرا‭ ‬إيجابيا‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الزراعة‭ ‬والصناعة‭ ‬والثقافة‭ ‬والنقل‭ ‬والطاقة،‭ ‬ويشمل‭ ‬تطوير‭ ‬القطاعات‭ ‬الخدمية‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬العراقية‭ ‬لخدمة‭ ‬المواطن،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يحصل‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتفاعل‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬باتجاه‭ ‬إنجاح‭ ‬البرنامج‭ ‬الحكومي‭ ‬والتراجع‭ ‬عن‭ ‬النهج‭ ‬الحزبي‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬طرفا‭ ‬معوقا‭ ‬لأداء‭ ‬الحكومة‭ ‬لسبب‭ ‬مهم‭ ‬هو‭ ‬الخشية‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬نجاح‭ ‬الحكومة‭.‬ إن‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬وتطلب‭ ‬التعاون‭ ‬والشراكة‭ ‬معه،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تطور‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأمنية‭ ‬ليصبح‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬تنعم‭ ‬بالاستقرار،‭ ‬فالعراق‭ ‬يملك‭ ‬مقومات‭ ‬التأثير‭ ‬لكونه‭ ‬يحتل‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬لتصدير‭ ‬البترول‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك،‭ ‬ويحتل‭ ‬موقعا‭ ‬متقدما‭ ‬في‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النفطي‭ ‬العالمي،‭ ‬أما‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬فهو‭ ‬بحسب‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬يعد‭ ‬الأول‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬والتحدي‭ ‬الأمني‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مخيفا‭ ‬مطلقا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬طموحات‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الاستثمار،‭ ‬فالذي‭ ‬ابتكر‭ ‬العنف‭ ‬وشجع‭ ‬عليه،‭ ‬صار‭ ‬اليوم‭ ‬يعارضه‭ ‬لتبدل‭ ‬الظروف،‭ ‬ولدينا‭ ‬16‭ ‬مليون‭ ‬خريج‭ ‬جامعي‭ ‬عاطل،‭ ‬وهذه‭ ‬تمثل‭ ‬ثروة‭ ‬بشرية‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬فأوروبا‭ ‬بدأت‭ ‬تغازلنا‭ ‬محتاجة،‭ ‬والعرب‭ ‬التفتوا‭ ‬إلينا‭ ‬بحنين‭ ‬الأخوة،‭ ‬والجيران‭ ‬سيتفاعلون‭ ‬مع‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬تجاه‭ ‬بلادنا‭.‬ لذا‭ ‬فالضغوط‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬حكومة‭ ‬السوداني‭ ‬هي‭ ‬داخلية،‭ ‬وبالإمكان‭ ‬التغلب‭ ‬عليها‭ ‬لترجمة‭ ‬كل‭ ‬معطيات‭ ‬الزيارات‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬مكاسب‭ ‬تنقل‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬واقعه‭ ‬الصعب‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬تنموي‭ ‬جديد‭ ‬أفضل‭.‬ {‭ ‬أكاديمي‭ ‬وإعلامي‭ ‬عراقي ‭ ‬faidel‭.‬albadrani@gmaol‭.‬com

مشاركة :