ضربات متتالية تعرض لها النظام الإيراني خلال الأيام الماضية، أسهمت في هز الأرض بقوة تحت أقدام المرشد علي خامنئي وأتباعه، في مؤشر على استمرار الانهيار لنظام الوالي الفقيه، بعد حملات من القمع والإرهاب.ولم تكد أخبار الهجوم الذي تعرضت له منشأة إيرانية للتصنيع العسكري في مدينة أصفهان، بطائرات مسيرة تنتشر، حتى استنفرت أعين المراقبين على انعكاسات هذا التطور العسكري الجديد على الأوضاع الساخنة في عديد من دولها، حسب «أندبندنت عربية».ويشير التقرير إلى أن الأمر لم يتوقف على عملية أصفهان، حيث هز قصف جوي قافلة شاحنات تتكون من 25 شاحنة، على الحدود السورية - العراقية، قبل يومين، بالقرب من معبر القائم الحدودي بين البلدين في ريف مدينة البوكمال.وتوالت الأسئلة حول من يقف وراء الضربات العنيفة هذه المرة على إيران؟ ولماذا جاءت في هذا الوقت بالذات بالتواكب مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة؟ وهل تتحرك محاور الشر الإيرانية للرد؟ملاحقة ضابطيقول تقرير «أندبندنت عربية» «إن استهداف منطقة العبور في ريف البوكمال وصل إلى حد ملاحقة طائرة، في اليوم التالي، لسيارة ضابط إيراني جاء لتفقد منطقة القصف الذي حصل في اليوم السابق»، وأفادت وكالة «نهر ميديا» بأنه قتل مع اثنين من مرافقيه في بلدة الهري.وأعقب ذلك ضربة جوية لشاحنة دمرت، بعد عبورها من العراق، أفادت الوكالة نفسها بأنها محملة بالأسلحة، وأن أصوات انفجارات عدة سمعت بعد القصف، وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عدد القتلى ارتفع إلى 10 جراء الغارتين، لكنه أشار إلى أن طائرات مسيرة تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا هي التي قصفت 6 شاحنات مبردة، إلا أن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية قالت «إن القصف إسرائيلي».استهداف المسيراتوحسب التقرير، اكتفت السلطات الإيرانية ببيان مقتضب حول ضربة أصفهان، فنسبت وزارة الدفاع ما حصل إلى «هجوم بطائرات مسيرة من مهاجمين غير معروفين»، وأن الأضرار طفيفة، ولا خسائر بشرية.وتؤكد الدلائل على أن ما صدر في «وول ستريت جورنال» من معلومات، وفي «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، وجه الأصابع نحو إسرائيل، بأن جهاز «الموساد» نفذ العملية من أجل احتواء طموحات طهران النووية والعسكرية، نظرا إلى السوابق الإسرائيلية في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة.ويشدد التقرير على أن عملية أصفهان كانت نوعية بامتياز، وابتهج بها الإعلام الإسرائيلي، مشيرا إلى أضرار جسيمة بالمبنى المستهدف، لا سيما بعدما أوحت التسريبات بأنها استهدفت أسلحة متطورة، بالتزامن مع استعراض مرشد الثورة في إيران علي خامنئي للطائرات المسيرة في مقر إقامته.رد غربيترك الحادث تكهنات بأن الهجوم في أصفهان ربما يكون استهدف مصنعا للطائرات المسيرة، وسط الحملة الغربية الأمريكية والأوكرانية على طهران بأنها زودت روسيا بهذه الطائرات، والتي يستخدمها الجانب الروسي في قصف البنية التحتية الأوكرانية، ومع تصاعد الصراع الغربي - الإيراني بسبب ذلك.وما عزز التكهنات في هذا الصدد تغريدة لمستشار الرئيس الأوكراني علق فيها على القصف، مشيرا إلى أنه سبق لأوكرانيا أن حذرت من استهداف كهذه، خصوصا أن كييف تعرض كل أسبوع إثباتات عن استخدام الجيش الروسي المسيرات الإيرانية في الحرب، وهو أمر تسبب في غضب أوروبي وأمريكي شديد ضد طهران يضاف إلى الخلاف على المفاوضات حول النووي، والاتهامات الغربية لطهران بزعزعة الاستقرار عبر تدخلاتها في المنطقة، لكن انحياز إيران إلى روسيا بات يتقدم على سائر الملفات الخلافية معها، بالتالي ينعكس تشددا غربيا على الموقف من هذه الملفات.تشديد الخناقويرى مراقبون أن الضربات المتتالية لإيران جاءت بعد خطوات لها تأثير كبير في السياق الجيوسياسي في الإقليم، الأولى قيام وفد من وزارة الخزانة الأمريكية بجولة في دول المنطقة «لتحذير دول من التعامل مع كيانات خاضعة للعقوبات»، والمقصود بها سوريا وروسيا وإيران، وبعض المصارف والبيوت المالية، بهدف تشديد الخناق المالي على حلفاء طهران في المنطقة، ولا سيما سوريا، حيث تدعو واشنطن حلفاءها وأصدقاءها إلى عدم الاتفاق مع النظام السوري، لأن ذلك يريح طهران من الواجبات المالية تجاه دمشق، ويسهل تبييض الأموال التي تتلقاها عبر لبنان وسوريا والعراق.وفي وقت فرضت فيه الخزانة الأمريكية قبل أسبوع عقوبات على شركة مالية تتولى تأمين الدولارات لـ»حزب الله» وبالتالي إيران وسوريا، فإنها مارست ضغوطا على بغداد لوقف العلاقات المالية مع إيران وسوريا وتقليصها مع لبنان، أما الخطوة الثانية فكانت إجراء مناورات عسكرية مشتركة أمريكية - إسرائيلية في صحراء النقب وفي البحر استمرت من 23 إلى 27 يناير «تحاكي الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية»، بحسب بيان إسرائيلي. ووصفت هذه المناورات بأنها الأضخم في سياق التعاون العسكري الأمريكي.ضغوط كبيرةويؤكد محللون للموقف الغربي والأمريكي تجاه إيران أن العملية جاءت في سياق متصاعد من الضغوط متعددة الأوجه على طهران بسبب انغماسها في دعم وتأييد روسيا في الحرب التي تخوضها في أوكرانيا، الأمر الذي أضاف سببا جوهريا إلى الخلاف حول الملفات الأخرى، ويشير هؤلاء إلى أن من يتواصل مع الحكومات الأوروبية، سواء على مستوى حكومي أو دبلوماسي، يكتشف مدى الغضب على القيادة الإيرانية جراء انحيازها إلى موسكو.ويعتبر هؤلاء، ومنهم وزراء، أو دبلوماسيون أو عاملون في المنظمات غير الحكومية، أن دول الغرب باتت تتعاطى مع طهران على أنها شريكة في الحرب الروسية عليها، وبعض هذه الدول كان يلعب دور الوسيط بين الإدارة الأمريكية والقيادة الإيرانية، سواء في المفاوضات على إحياء الاتفاق على النووي، أو في شأن الأزمات الإقليمية.لا عودة للمفاوضاتوينقل أحد وزراء الخارجية العرب زار واشنطن في الأسابيع الماضية عن مسؤولين أمريكيين قولهم «إنه لا عودة إلى التفاوض حول ملف إيران النووي في القريب المنظور، ولا صحة للإشاعات عن اتصالات غير مباشرة تجري بين واشنطن وطهران عبر عمان، أو غيرها، وإنه ربما هناك اتصالات أوروبية - إيرانية، لكن الأمر ليس واردا في هذه الظروف من قبل إدارة الرئيس جو بايدن.. حسب أندبندنت عربية».ويشير الوزير نفسه إلى أن مواصلة طهران تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60%، من الطبيعي أن يقلق دول الغرب وإسرائيل من اقترابها من عتبة القدرة على إنتاج سلاح نووي، «وهذا يجعل حجة واشنطن ضعيفة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا أراد القيام بعمل عسكري في إيران».احتمالات الرد الإيراني: الصمت أمام الضغط الدولي وتراجع قوتها العسكرية إقليميا. الرد عبر وكلاء الشر الموالين لها وبالتحديد حزب الله الارهابي. استهداف أهداف إسرائيلية باعتبارها المسؤول عن الهجمات. زيادة العمليات السيبرانية وعمليات التجسس في المنطقة.
مشاركة :