تواجه صناعة السيارات الكهربائية معضلة بسبب توقعات السوق غير المؤكدة في 2023. فمن ناحية، تدفع الحكومات من أجل تحول الطاقة، وتضع خططا لفرض حظر على بيع السيارات التقليدية الجديدة خلال العقد المقبل، ما يشجع مزيدا من المستهلكين على التحول إلى المركبات الكهربائية. من ناحية أخرى، أدت التوقعات الجيوسياسية الحالية غير المؤكدة وأزمة الطاقة إلى دخول كثير من دول العالم في حالة ركود، مع ارتفاع معدلات التضخم والمخاوف بشأن أمن الطاقة، ما يعني أن عديدا من المستهلكين يترددون في الإنفاق. على الرغم من أن هذا الوقت يجب أن يكون الذروة لتوسع انتشار السيارات الكهربائية، إلا أن استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادية والسياسية جعلت توقعات السيارات الكهربائية لـ2023 أقل وضوحا. على الرغم من التوقعات الإيجابية السابقة، إلا أن أسهم شركات المركبات الكهربائية انخفضت في 2022 بسبب عديد من التحديات التي تواجه التصنيع واستيعاب المستهلكين. مع ارتفاع أسعار الفائدة وخوف المستهلكين من ركود محتمل -مع ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم- بدأت سوق السيارات الكهربائية بالتعثر في وقت مبكر من العام الماضي. إضافة إلى ذلك، استمر صانعو السيارات في رؤية اضطرابات في سلسلة التوريد، في أعقاب جائحة كورونا، إضافة إلى ارتفاع أسعار الليثيوم، ومنافسة أكبر من قبل الشركات المصنعة الجديدة التي تدخل هذه السوق. وتواجه أسهم شركات المركبات الكهربائية عاما صعبا آخر بسبب استمرار الأزمة الأوكرانية وعدم اليقين الاقتصادي العام في معظم دول العالم. كانت شركة تسلا Tesla إحدى الشركات التي عانت عديدا من التحديات الخارجية، التي شهدت هبوطا في أسهمها في 2022. وبحلول كانون الأول (ديسمبر) انخفضت أسهم "تسلا" بأكثر من 60 في المائة منذ بداية العام، أي ما يعادل نحو 626 مليار دولار من قيمتها السوقية. كان هذا إلى حد كبير بسبب المنافسة المتزايدة من صانعي السيارات المعروفين، حيث قاموا بإطلاق طرازات جديدة خاصة بهم، مع توقع قيام مزيد من الشركات المصنعة بدخول هذه السوق في 2023. لجذب المستهلكين إلى السيارات الكهربائية الجديدة من العلامات التجارية المعروفة، قام عديد من صانعي السيارات بخفض أسعار سياراتهم بشكل كبير دون أسعار "تسلا". يبدو أن الرواية بكون "تسلا" رائدة في هذا المجال تتضاءل. وقد أدى ذلك إلى قيام "تسلا" بخفض أسعارها في الشهر الماضي بسبب مخاوف من ركود مبيعاتها. حتى وقت قريب، بدت "تسلا" وكأنها ستحتل الصدارة، بصفتها رائدة في سوق السيارات الكهربائية التي كان الجميع يتحولون إليها بعيدا عن السيارات التقليدية. ومع ذلك، أصبحت الأمور أقل وضوحا، حيث يواجه العالم اضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة، ما قد يعيق توسع انتشار المركبات الكهربائية بشكل كبير في 2023. وتتم مقارنة احتمالية حدوث ركود في صناعة السيارات الكهربائية بركود الإنترنت في أوائل العقد الأول من القرن الـ21. في الصين، التي تعد إحدى أكبر أسواق "تسلا"، تراجعت مبيعاتها 44 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) عن مستويات تشرين الثاني (نوفمبر). تبحث "تسلا" الآن بسرعة عن طرق جديدة لمحاربة الركود المحتمل والعودة إلى القمة. في الشهر الماضي، خفضت "تسلا" أسعارها مرة أخرى في الأسواق الأمريكية والأوروبية لتشجيع مزيد من الإقبال عليها. في الولايات المتحدة، يمكن أن يجعل هذا الشركة مؤهلة للحصول على ائتمانات ضريبية للمركبات الكهربائية ويساعد على زيادة المبيعات للمستهلكين المترددين في التحول إلى هذا النوع من السيارات. في ألمانيا، يتم تسعير الطراز "3" الشهير من "تسلا" الآن بمستوى مماثل للسيارة الكهربائية من فولكس فاجن نوع ID.3. لكن شركات السيارات الكهربائية الأحدث قد لا تكون قادرة على التكيف مع متطلبات السوق بالسرعة التي يتكيف بها اللاعبون الرئيسون في مواجهة الركود. تناضل شركات، مثل: لوردستاون موتورز Lordstown Motors، فاراداي فيوتشر Faraday Future، وكانو Canoo، للحفاظ على تدفقاتها النقدية خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، وتتطلع إلى المستثمرين للحصول على مزيد من التمويل، فضلا عن خفض التكاليف. على الرغم من أن مبيعات السيارات الكهربائية سترتفع حتما، خصوصا في أوروبا، حيث سيحظر بعض الدول الأورويبة بيع السيارات التقليدية في العقد المقبل، سيتعين على عديد من صانعي السيارات الكهربائية تجاوز العاصفة الاقتصادية والجيوسياسية الحالية والخروج إلى بر الأمان لضمان وضعهم في هذه السوق في المستقبل. على الرغم من حالة عدم اليقين، من المتوقع أن يستمر إنتاج السيارات الكهربائية في الارتفاع طوال 2023، ويرجع ذلك أساسا إلى نشر استراتيجيات السيارات الكهربائية الحالية من قبل عديد من شركات صناعة السيارات الكبرى. لدى جميع الشركات، بما في ذلك: مرسيدس، فورد، وجنرال موتورز، خطط لبدء إنتاج طرازات كهربائية جديدة في 2023 و2024، حيث إنها تتنافس مع أمثال "تسلا" وشركات كبرى أخرى. من المتوقع أن يتوافر نحو 74 طرازا مختلفا للمركبات الكهربائية في سوق أمريكا الشمالية بحلول 2025، وبدء الإنتاج الآن هو الطريقة الوحيدة لضمان ترسيخ هذه الشركات مكانتها في سوق المركبات الكهربائية مع زيادة الإقبال عليها. مع بدء صانعي السيارات في تسريع وتيرة إنتاج سياراتهم الكهربائية وإطلاق طرزات جديدة، يمكن أن يكون 2023 عام السيارات الكهربائية الرخيصة، حيث تشجع شركات تصنيع السيارات على الشراء من خلال تحفيز الطلب المتزايد. سيتم دعم ذلك من خلال الإعانات والإعفاءات الضريبية على المركبات الكهربائية في بعض الدول وسياسات الطاقة النظيفة في دول أخرى، مثل قانون خفض التضخم الأمريكي. بعد عام من الصعود والهبوط، من المتوقع رؤية مزيد من التقلبات في أسعار أسهم شركات المركبات الكهربائية طوال 2023. لكن مع بدء تشغيل استراتيجيات طويلة الأجل من قبل عديد من شركات صناعة السيارات الكبرى، من المتوقع أن يتسارع إنتاج المركبات الكهربائية هذا العام. علاوة على ذلك، من المرجح أن تدفع المنافسة المتزايدة شركات السيارات الكهربائية، إلى خفض أسعارها، في محاولة لتعزيز طلب المستهلكين على مركباتهم، حتى في ظل الركود العالمي. مع ذلك، ستبقى شركات السيارات تواجه اضطرابات في سلسلة التوريد، نقص في الرقائق الإلكترونية، وارتفاع أسعار الليثيوم.
مشاركة :