يظل السؤال المطروح دائماً في أي مجال من مجالات العمل: المهارة أم الخبرة؟ ولن يتوقف أي فريق من الفريقين عن دعم وجهة نظره، والتأكيد على أهمية المهارة مقابل الخبرة، أو الخبرة مقابل المهارة. ورغم وجود فريق ثالث معتدل يرى أهمية كل منهما وضرورة التوازن في متطلبات التوظيف بين الاحتياج للمهارة كمرجعية للنجاح، وبين الخبرة كمرشد للنجاح. وهناك نظرية تدعى نظرية 10.000 ساعة، وهي توضح الفرق بين طرفي المقارنة بصورة جلية، فمجلّة «فوربس» الأميركيّة توضّح أن «إتقان المهارات يتوقّف على التكرار والجهد، فيما أن الخبرة هي عبارة عن تطبيق المعرفة والمهارات في موقف أو سياق معين»، وتستشهد المجلّة بدراسة أريكسون التي ذكرها الكاتب مالكوم جلادويل في كتابه Outliers. تركّز الدراسة على طلّاب الكمان في أكاديمية الموسيقى ببرلين، وتخلص إلى أن أكثر الطلاب إنجازًا هم أولئك الذين عزفوا لـ10 آلاف ساعة ببلوغ العشرين من أعمارهم، فنظرية العشرة آلاف ساعة عبارة عن تمرين يقود إلى إتقان المهارات وتطوّرها، لكن من دون ساعة واحدة من العزف أمام الجمهور، لن يكون لدى هؤلاء الطلاب أي خبرة! ويعزو الكثير من المتخصصين سبب فشل مدير المشروع إلى عدة نقاط، من أهمها: عدم وجود رؤية واضحة لديه تجاه المشروع ومشاركتها مع فريق المشروع، كما يعد فقدانه لمهارات التواصل سواء مع العملاء أو الفريق سبباً مهماً من أسباب فشل المشروع ناهيك عن ضعفه التقني وعدم قدرته على مواكبة الإدارة التقنية للمشروع سواء في استخدام البرامج أو لوحات البيانات. ومن النقاط المهمة والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمحتوى هذا المقال؛ الإلمام والمعرفة الكافية ببعض تفاصيل المشروع القائم عليه، فهذه المعرفة تختصر المساقات بين مدير المشروع وبين أصحاب المصلحة. وتتضمن أسباب فشل مدير المشروع أيضاً عدم قدرته وإتقانه لمهارات التفاوض، وكذلك المركزية في إدارة المشروع، وفقدان المرونة الكافية للتجاوب مع متطلبات التغيير في المشروع بما لا يخرج عن إطار العمل المتفق عليه. ومن الأسباب المهمة أيضاً والمؤثّرة في نجاح مدير المشروع في العمل الموكل له، مقدرته على تحديد الفرق بين التغيير وإدارة التغيير، فالكثير من مديري المشاريع لديهم خلط بين مَفهومَي التغيير (Change) وإدارة التغيير (Change Management) وفقاً لـPROSCI يتعلق التغيير بالانتقال إلى «وضع مستقبلي» بينما تدور «إدارة التغيير» حول دعم الموظفين الأفراد المُتأثرين بالتغيير أثناء انتقالهم من وضعهم الحالي إلى الوضع المُستقبلي. ويركز التغيير على الانتقال إلى وضع مستقبلي مَرجو، بينما تهتم إدارة التغيير بدعم الموظفين الأفراد المُتضررين من التغيير خلال انتقالهم من وضعهم الحالي إلى وضعهم المستقبلي. وينبغي أيضاً فهم وتمييز أدوار كل من «مدير المشروع» (PM) ومدير التغيير (CM) حيث تتلاقى طرقهم أحياناً وتتعارض في بعض الأحيان. أرى أن كل من المهارة والخبرة تمثِّلان ثقلاً في تنفيذ المشروع، ويحكم بينهما على أرض الواقع نوعية المشروع نفسه مع الأخذ في الاعتبار امتلاك كلا الموظفين المقارن بينهما للمعرفة بإدارة المشاريع.
مشاركة :