حبات اللؤلؤ

  • 1/27/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اللقاءُ الذي جمعهم لم يكن محض مصادفة كغيرهِ من اللقاءات، فهو يأتي متزامناً مع فصل الخريف، كان طعمهُ مختلفاً جداً هذه المرة، فهو اللقاء الأول للأبناءِ والبنات، بعد وفاةِ أمهم، بينما قد سبقتها وفاة أبيهم بسنتين، اجتمعوا بباحة الدار التي ألِفوها يتحسّسون الرّكن الذي اعتادت الجلوس عنده، فهنا كرسِيها ومتكؤها وطاولتها المتواضعة التي زيّنها مفرشٌ طُبِعتْ عليه رسومات تُراثية، هي الطقوس المنزلية المفضلة ومزاجها الذي تحب، وهناك على الرف القريب منها المذياع القديم الذي يعني لها الشيء الكثير على الرغم مما تعانيه من انقطاع ذبذباته حتى أصبحت وكأنها تستجديها بين فينة وأخرى، يتذكّرون فيما بينهم كيف كافحت في الصخرِ حتى اشترت قطعة الأرض لتبني عليها دارها، الذي كثيراً ما كانت تحلُم به أنه المأوى لها ولأولادها، كان الجميع يرمقُ ذلك المكان وأعينهم حيرى تحكي فقدِهم البالغ لها، ساد الصمتُ وطوقت الوحدةُ الموقف، فمكان الأم يبدو خالياً لأولِ مرة على غير ما اعتادوا عليه، لكن رائحتها تفوحُ من بين الأرائك وتلك الخزائن، ولوهلة مرّ في بالِ كلٍّ منهم سؤالٌ عابِر : تُرى ماذا لو مر من أمامي طيفُ أمي الآن؟ لكنهم رغم اشتياقهم البالِغ لها، فهم يشعرون بوجودها بينهم ليسيروا نحو اللقاء الروحيّ.. بعد أيام، رن جرسُ المنزل وإذا بصاحبِ المكتبِ العقاري، يعرض عليهم شراء المنزل بمبلغٍ كبيرٍ ومغرٍ جدًا، رجعوا أدراجهم إلى المكان ذاته بباحة المنزل يتسامرون ويتهكمون على صاحب المكتب العقاري، أسرّ بعضُهم الخبر في نفسه، ولوهلة تراءت لهم أبواب المنزل مفتوحةً.. فصارت تُشبهُ رغباتِ بعضهم للخروج.

مشاركة :