أنقرة - استنفر قرار عدة دول غربية بإغلاق بعثاتها الدبلوماسية في تركيا، الحكومة التركية على خلفية تهديدات إرهابية، بينما يشكل قرار تلك الدول ضربة لقطاع السياحي الذي يكابد للخروج من أسوأ ناجمة عن تداعيات الإغلاق الذي رافق تفشي فيروس كورونا. وفيما تسعى تركيا لجذب نحو 60 مليون سائح، جاء قرار غلق بعثات دبلوماسية غربية بسبب مخاوف من اعتداءات إرهابية على خلفية توترات أثارتها مظاهرات في السويد والدنمارك معادية لأنقرة وللإسلام تم خلالها إحراق نسخ من المصحف. وفي خطوة تكشف حجم الإرباك التركي، استدعت وزارة الخارجية التركية اليوم الخميس سفراء تسع دول من بينها تلك التي أغلقت قنصلياتها في تركيا، وفق ما ذكرت وسائل اعلام تركية. ونقلت وكالة بلومبرغ عن قناة 'تي آر تي' الحكومية قولها، إن عمليات الإغلاق جاءت بعد تحذير أمني من الولايات المتحدة. وجاءت التحذيرات كذلك من ألمانيا والسويد وبريطانيا وسويسرا من زيادة خطر التعرض لهجمات في تركيا بعد اندلاع التوترات مع بعض الدول الأوروبية على خلفية احتجاجات اعتبرتها أنقرة معادية للإسلام أو معادية للأتراك. وتعطي التحذيرات الغربية وإغلاق بعثات دبلوماسية، انطباعا بأن تركيا ليست وجهة آمنة، وبالتالي قد يسبب ذلك عزوفا عن الوجهة التركية وتراجعا في عدد السياح وهو أمر تبدو حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في غنى عنه في ظل أزمة اقتصادية ومالية وعلى ضوء استعدادات لانتخابات رئاسية وتشريعية ستكون حاسمة لأردوغان وحزبه. ويعتبر بعض المحللين أن أنقرة تتحمل المسؤولية عن حالة الهلع التي أصابت شركاء غربيين بتعاملها بتشنج مع المظاهرات التي شهدتها السويد وتحولت تحديا لنظام حزب العدالة والتنمية المحافظ. وفي وقت سابق اتهم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بشن "حرب نفسية" على بلاده من خلال إغلاق بعثاتها الدبلوماسية لدى البلاد بسبب مخاوف من تهديد إرهابي. وقال صويلو إن تلك الدول اختارت عن قصد يوم الجمعة وهو بالضبط اليوم الذي حددت فيه تركيا هدفا لجذب 60 مليون سائح سنويا. وأثارت حادثة حرق يميني متطرف سويدي دنماركي نسخة من المصحف، غضب تركيا التي ردت باستدعاء عدد من السفراء في الفترة الأخيرة وعاقبت السويد بأن أبدت تشددا حيال طلب انضمامها لحلف شمال الأطلسي (الناتو). واستدعت وزارة الخارجية التركية اليوم الخميس سفير النرويج لدى أنقرة أيرلينج سكونسبيرغ، في أحدث خطواتها في خلاف مع أوروبا والولايات المتحدة بشأن سلسلة من الأفعال المعادية للإسلام. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية النرويجية، إنه تم الطلب من السفير الحضور إلى اجتماع في وزارة الخارجية التركية اليوم الخميس. وأثار المسؤولون الأتراك مظاهرة يرون أنها معادية للإسلام وهي مقرر تنظيمها في النرويج غدا الجمعة وذلك قبل أن تقرر الشرطة النرويجية حظرها، بينما كان من المخطط أن تشمل حرق نسخة من المصحف هذا الأسبوع، قائلة إن الحظر لأسباب أمنية وذلك بعد ساعات من استدعاء وزارة الخارجية التركية سفير النرويج لتسليمه شكوى. وقالت الشرطة إن مجموعة من المحتجين خططت لإحراق نسخة من المصحف أمام السفارة التركية في أوسلو غدا الجمعة، في تكرار لمظاهرتين مماثلتين الشهر الماضي في السويد والدنمارك. وقالت شرطة أوسلو في بيان نقلا عن معلومات مخابراتية تلقتها "تؤكد الشرطة أن حرق المصحف لهو تعبير سياسي مشروع في النرويج، لكن هذا الحدث (المظاهرة) لا يمكن أن يمضي قدما لمخاوف أمنية". وفي وقت سابق الخميس أدانت أنقرة بشدة خطط المجموعة المناهضة للإسلام وقالت إنها "عمل استفزازي"، حسب ما قال مصدر بوزارة الخارجية التركية، مضيفا أن الوزارة طلبت إلغاء المظاهرة. وقالت وزارة الخارجية النرويجية إن تركيا أثارت مسألة المظاهرة المزمعة في اجتماع، مضيفة "أشار سفيرنا إلى الحق الدستوري في حرية التعبير في النرويج.. الحكومة النرويجية لا تدعم ولا تشارك في المظاهرة المخطط لها". وأردف أنه لا يمكن للشرطة حظر مظاهرة، إلا إذا كان هناك خطر على الجمهور، مشيرا إلى الحق في حرية التعبير في النرويج وشدد على أن الحكومة النرويجية لا تدعم المظاهرة ولا ضالعة فيها.
مشاركة :